خيم التوتر والترقب على منطقة الخليج العربي أمس، على خلفية تصريحات أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني مساء الثلثاء، وبثتها وكالة الأنباء القطرية (قنا) الرسمية حول العلاقة الجيدة مع إسرائيل وإيران ووجود فتور في العلاقات مع واشنطن، وتضمنت انتقادات للسعودية والإمارات والبحرين، ما فجر موجة عنيفة من الجدل في المنطقة، وأثارت استياءً واسعاً، لم يحتوه النفي غير الرسمي الذي صدر عن الدوحة، بتأكيدها أن موقع الوكالة تعرض للاختراق ونشر التصريحات التي وصفتها ب»المفبركة»، إذ كان ينتظر المراقبون نفياً من وزارة الخارجية أو الديوان الأميري وهو الذي لم يحدث. وبدا الارتباك في الموقف القطري، خصوصاً مع تأخر نفي الدوحة، الذي جاء بعد ساعات من التصريحات التي بثتها «قنا»، والتلفزيون القطري الرسمي، علاوة على منصات الوكالة المختلفة. وما زاد الأمور تعقيداً تصريحات وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بخصوص سحب سفراء قطر من السعودية ومصر والكويت والبحرين والإمارات، والتي نفتها الوزارة لاحقاً، وغردت وكالة الأنباء القطرية على حسابها الرسمي في «تويتر»، قائلة: «وزير الخارجية يؤكد أنه لم يقل سحب أو طرد السفراء وأن تصريحه أخرج من سياقه». وأعادت هذه التصريحات الخلافات الخليجية مع الدوحة في آذار (مارس) 2014 إلى الواجهة مجدداً، والتي أعلنت السعودية والإمارات والبحرين على إثرها سحب سفرائها من الدوحة، وأكدت الدول وقتها أن قطر لم «تلتزم المبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أم عن طريق محاولة التأثير السياسي وعدم دعم الإعلام المعادي». (للمزيد) ولم يصدر رد فعل رسمي من دول الخليج التي طالتها انتقادات أمير قطر، إلا أن السعودية والإمارات حظرت أمس، مواقع «الجزيرة.نت»، ومواقع صحف الوطن والراية والعرب والشرق ومجموعة الجزيرة الإعلامية والجزيرة الوثائقية والجزيرة الإنكليزية. وكان أمير قطر الشيخ تميم قال في التصريح، إن بلاده تتعرض لحملة ظالمة، تزامنت مع زيارة الرئيس دونالد ترامب المنطقة، وأكد أن العلاقات بين الدوحةوواشنطن «متينة وقوية، على رغم التوجهات غير الإيجابية لإدارة ترامب». وأكد الشيخ تميم في تصريحات خلال رعايته حفلة تخريج دفعة من مجندي الخدمة الوطنية، أنه لا يحق لأحد اتهام بلاده بالإرهاب، «لأنه صنف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، أو رفض دور المقاومة عند حماس وحزب الله»، داعياً مصر والإمارات والبحرين إلى «مراجعة مواقفها المناهضة لقطر، ووقف سيل الحملات والاتهامات المتكررة التي لا تخدم العلاقات والمصالح المشتركة»، مؤكداً أن قطر «لا تتدخل في شؤون أي دولة مهما حرمت شعبها من حريته وحقوقه». وأشار إلى أن ما تتعرض له قطر من حملة ظالمة تزامنت مع زيارة الرئيس الأميركي المنطقة، وتستهدف ربطها بالإرهاب وتشويه جهودها في تحقيق الاستقرار، معروفة الأسباب والدوافع، وسنلاحق القائمين عليها من دول ومنظمات، حماية للدور الرائد لقطر إقليمياً ودولياً، وبما يحفظ كرامتها وكرامة شعبها. وأضاف: «إننا نستنكر اتهامنا بدعم الإرهاب، على رغم جهودنا المتواصلة مع أشقائنا ومشاركتنا في التحالف الدولي ضد داعش». وشدد على أن الخطر الحقيقي هو «سلوك بعض الحكومات التي سببت الإرهاب، بتبنيها نسخة متطرفة من الإسلام». وحول العلاقات مع واشنطن، قال: «العلاقة مع أميركا قوية ومتينة، على رغم التوجهات غير الإيجابية للإدارة الأميركية الحالية، مع ثقتنا بأن الوضع القائم لن يستمر، بسبب التحقيقات العدلية تجاه مخالفات وتجاوزات الرئيس الأميركي». ولفت إلى أن قاعدة العديد «مع أنها تمثل حصانة لقطر من أطماع بعض الدول المجاورة، إلا أنها هي الفرصة الوحيدة لأميركا لامتلاك النفوذ العسكري بالمنطقة، في تشابك للمصالح يفوق قدرة أي إدارة على تغييره». وعن القمة العربية الإسلامية - الأميركية التي شاركت فيها قطر بالرياض، جدد الشيخ تميم شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على الحفاوة وكرم الضيافة، داعياً إلى «العمل الجاد المتوازن بعيداً عن العواطف». وذكر أن قطر «لا تعرف الإرهاب والتطرف، وأنها تود المساهمة في تحقيق السلام العادل بين حماس الممثل الشرعي لفلسطين وإسرائيل، بحكم التواصل المستمر مع الطرفين، فليس لقطر أعداء، بحكم سياستها المرنة». وأكد أن قطر «نجحت في بناء علاقات قوية مع أميركا وإيران في وقت واحد، نظراً لما تمثله إيران من ثقل إقليمي وإسلامي لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، خصوصاً أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة عند التعاون معها، وهو ما تحرص عليه قطر، من أجل استقرار الدول المجاورة». وانتقد التسلح في المنطقة. وأعلنت الدوحة أمس تشكيل لجنة تحقيق في اختراق الوكالة وقالت «أبدت بعض الدول الشقيقة والصديقة استعدادها للمشاركة في عملية التحقيق في هذه الجريمة، وذلك في إطار التعاون الدولي في مثل هذه الجرائم».