شخّص المشاركون في ملتقى «مغردون» الخامس على مدار ست جلسات الذي نظمته مؤسسة «محمد بن سلمان مسك الخيرية»، مساء أمس (الأحد) في الرياض، واقع الفكر المتطرف في مواقع التواصل الاجتماعي واستغلالها في تجنيد الشباب، تحت عنوان «محاربة التطرف والإرهاب»، بمشاركة عدد من السياسيين، إلى جانب مفكرين وصناع رأي. وأكد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان خلال الملتقى، أن الإرهاب لا دين ولا جنسية له، بدليل أن دولاً أوروبية خرّجت متطرفين، مفيداً بأن 60 في المئة من المنضمين إلى تنظيم «داعش» الإرهابي قدموا من أوروبا، وذلك بعدما تحولوا إلى الإسلام بوعي ضعيف. وأوضح أنه على رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومات، إلا أنه لا تزال هناك مساحة أكبر في مكافحة التطرف، لا سيما بالنظر إلى تفاقم الإرهاب بعد مرحلة تنظيم «القاعدة» الإرهابي، على رغم البلايين المصروفة على الحرب ضد الإرهاب في فترة ما بعد حوادث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، منوهاً باهتمام القيادات العربية بمكافحة التطرف في مقابل الجهود المبذولة من الدول الأوروبية، متمنياً ألا يأتي اليوم الذي تضطر فيه بلاده إلى «تسمية المتخاذلين في مكافحة الإرهاب بأسمائهم». وأشار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى حاجة أي استراتيجية لمكافحة الإرهاب إلى ثلاثة عناصر رئيسية، تتمثل في مواجهة الإرهابيين على الأرض، وتجفيف مصادر تمويل الإرهاب، ومواجهة الفكر المتطرف الذي عده «أصعب مراحل المواجهة». وأشار الجبير إلى بدء الشركات المسؤولة عن حسابات التواصل الاجتماعي، إدراك واستشعار خطر تلك الجماعات المتطرفة التي تستغل مواقعها لتنفيذ أجندة إرهابية، وهو ما دفعها إلى التعاون في شكل أكبر مع الحكومات لناحية تقديم المعلومات عن هوية الأشخاص المحرضين. وحظيت النسخة الخامسة من ملتقى «مغردون»، بمشاركة واسعة من علماء الدين وفي مقدمهم شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي قدم قراءة تفصيلية وتشخيصية لواقع الإرهاب في العالم العربي، مستشهداً بآيات قرآنية وأحاديث توضح حقيقة ما يشهده بعض الدول العربية هذه الأيام مع «صعود نجم» الجماعات الإرهابية، مفيداً بأن ما زاد نشر ثقافة الكراهية تلك هو «استغلال الفئة الضالة التقدم التقني الهائل في الترويج لأفكارها المسمومة بين الشباب، بأساليب مدروسة تغري ضحاياها بالارتباط العقلي والعاطفي ثم بالانخراط السلوكي والعملي». وفي جلسة ناقشت تشجيع المجتمع للتحلي بالروح الرياضية، أكد قائد نادي النصر والمنتخب السعودي السابق ماجد عبدالله أهمية احترام مشاعر الآخرين وعدم فقدان الصداقة، رافعاً شعار: «دافع عن ناديك... افتخر به... ولكن احترم غيرك». في المقابل، حمّل المدير الفني لنادي الشباب السعودي سامي الجابر، مسؤولية التعصب الرياضي، للشخصيات الرياضية في المقام الأول، ومن ثم وسائل الإعلام، إضافة إلى انعدام ثقافة الفوز والهزيمة، مبيناً أن ما يمارسه المشجع الرياضي نابع من كون هؤلاء الرياضيين مصدر قدوة ورد فعل، لافتاً إلى أن التعصب يعني التعصب لرأي معين، وعدم احترام الرأي الآخر، مشيراً إلى أن التعصب الديني والقبلي والرياضي قنبلة موقوتة، وتجب محاربتها. إلى ذلك، أكد اللاعب البرتغالي السابق لويس فيغو أهمية مواجهة التعصب الرياضي بالتربية والتعليم، إذ لا بد من إعداد الناشئة لأن يكونوا أشخاصاً جيدين وإيجابيين. من جهة أخرى، حمل اللاعب المصري السابق حازم إمام، البرامج الرياضية مسؤولية زيادة التعصب، مشدداً على ضرورة أن يتم التعامل مع المشكلات التي تظهر في شبكات التواصل الاجتماعي بجدية أكبر، لافتاً إلى أنه بسبب التواصل الاجتماعي وقعت الأحداث المؤسفة التي شهدتها بورسعيد أخيراً. واختتمت إيفانكا ترامب جلسات الملتقى بكلمة ألقتها نيابة عن والدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عبرت خلالها عن إيمانها بأن جيل الشباب في العالمين العربي والإسلامي قادر على نشر التسامح وبناء الأوطان، وأن الجيل الحالي بات له صوت مسموع في مواقع التواصل الاجتماعي، لافتةً إلى أنها رأت في المملكة ما أدهشها ونال إعجابها. وعدت إيفانكا مواقع التواصل الاجتماعي «أداة قوية»، مؤكدةً أن جيل الشباب هو جيل الريادة على المستويات كافة، مضيفة: «تعلمت اليوم الكثير وسعدت بروح رائدات الأعمال وروادها في المملكة العربية السعودية». وأشارت إلى أنّ تدشين مركز «اعتدال»، استغرق 30 يوماً فقط، واصفةً ذلك ب «الإنجاز الضخم جداً»، و «لم يسبقكم إليه أحد». يشار إلى أن ملتقى «مغردون» في نسخته الخامسة ارتكز على سبعة محاور رئيسية هي التعاون المستمر لمواجهة الإرهاب، ومواجهة التطرف والكراهية في شبكات التواصل الاجتماعي، والرياضة وشبكات التواصل الاجتماعي، وبناء حلفاء رقميين ضد التطرّف، والدين الإسلامي وتأثيره في حضارات الأمم ووجوده على شبكات التواصل الاجتماعي، والحرب على الإرهاب في شبكات التواصل. ويهدف الملتقى إلى حض الشباب على التعاون مع الحكومات والمنظمات ذات الصلة للتصدي للإشاعات حول الإرهاب والتطرف على شبكات الإنترنت، وتوعية الشباب إلى ضرورة حس المسؤولية وتأثيرهم الإيجابي على منصات التواصل الاجتماعي، وتحفيز الإيجابية في ساحات الحوار في موقع «تويتر» ونبذ التطرف، وتشجيع الشباب على المشاركة وتحقيق التأثير الإيجابي، وتعزيز مفاهيم التواصل الفعّال بين الحكومات والشعوب عبر «تويتر» وغير ذلك من منصات التواصل الاجتماعي.