لاحت بوادر انزلاق المواجهة بين أنصار المعارضة والسلطات الجورجية الى العنف بعد وقوع جرحى في صفوف الطرفين، في حين أعلن زعماء المعارضة إصرارهم على مواصلة أعمال الاحتجاج وتعطيل الحياة السياسية في البلاد حتى ينصاع الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي لطلب تنحيه عن السلطة. واتخذت التطورات الميدانية خلال اليومين الأخيرين منحى خطراً في جورجيا التي تشهد أوسع أعمال احتجاج واعتصامات في وسط العاصمة تبليسي منذ التاسع من الشهر الماضي. وقع التطور الأول مساء الخميس، عندما هاجم حوالى مئة شخص مسلحين بالعصي والهراوات المعارضين المعتصمين حول مبنى البرلمان وسط العاصمة، وأسفرت المواجهة عن إصابة حوالى عشرة أشخاص بجروح متفاوتة. وذكر أحد زعماء المعارضة أن صدامات عنيفة أجبرت المهاجمين على الانسحاب. وأعرب عن اعتقاده بأن المجموعة التي هاجمت المعتصمين تابعة للوحدات الخاصة على رغم أن أفرادها كانوا يرتدون ملابس مدنية، مشيراً إلى ما وصفه بأنه «محاولة تقوم بها السلطات لتفجير الموقف وتبرير تدخل قوي يقمع المعارضين». ولم تمر ساعات بعد «العملية الاستفزازية» بحسب وصف المعارضين حتى كاد الموقف يخرج عن السيطرة عندما حاول ناشطون معارضون الانتقام من وحدات الشرطة التي تحاصر المكان بكثافة، وأفادت مصادر المعارضة أن عشرات الأشخاص احتجزوا شرطياً ونقلوه إلى مدخل إحدى البنايات المجاورة ثم خاضوا معركة مع عناصر الشرطة التي سارعت إلى المكان لتخليصه، استخدمت خلالها السكاكين ما أدى إلى إصابة خمسة من رجال الشرطة بجروح متفاوتة. وحذرت نينو بورجانادزة رئيسة البرلمان السابقة وأبرز الشخصيات القيادية في تحالف المعارضة من انزلاق الموقف نحو العنف وحملت السلطات المسؤولية عن التطورات الأخيرة، مؤكدة عزم المعارضة على مواصلة نشاطها حتى ينصاع ساكاشفيلي لمطلب تقديم الاستقالة. وكانت المعارضة قطعت خلال اليومين الأخيرين الطرق الرئيسة التي تربط تبليسي بضواحيها. وقالت مصادر جورجية أن الحياة في العاصمة بدأت تصاب بشلل كامل، خصوصاً مع تشديد الحصار الذي يفرضه أنصار المعارضة على مبنى البرلمان والحكومة وعلى مبان رسمية أخرى. وتمكن المعارضون أمس، من إفشال جلسة كانت مقررة لسلطات مدينة تبليسي بعدما قطعوا كل الطرق المؤدية إلى المكان وفرضوا طوقاً مشدداً حول مبنى الحكومة المحلية. ...وتصعيد في القوقاز في غضون ذلك، شهدت الأوضاع في مناطق أخرى من القوقاز تصعيداً جديداً، خصوصاً في جمهوريتي الشيشان وأنغوشيتيا، إذ عادت الأجواء خلال اليومين الماضيين تذكر بفترة الحرب في الشيشان بعدما أعلن عن وقوع سلسلة أعمال تفجير في الجمهوريتين كان أبرزها تفجير عبوة ناسفة ليل الخميس- الجمعة أثناء مرور دورية عسكرية في غروزني، ما أسفر عن مقتل أحد أفرادها وجرح أثنين آخرين. وتزامن ذلك مع حادث مماثل وقع في أنغوشيتيا المجاورة وأسفر بحسب مصادر أمنية عن مقتل أربعة من رجال الشرطة الشيشانية الذين كانوا ضمن مجموعة تنفذ عملية عسكرية داخل أنغوشيتيا. الى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية الشيشانية عن وقوع معركة مع مجموعة من المسلحين تحصنوا داخل منزل في العاصمة غروزني. وقال أحد أفراد المجموعة التي حاصرت المنزل إن المحاصرين أبدوا مقاومة ضارية ولم تتمكن الوحدات الشيشانية من السيطرة على الموقف إلا بعد زج وحدات إضافية ونقل مئات المدنيين من المنطقة وقصف المنزل بعنف. وتزامن ذلك مع مواصلة عملية واسعة النطاق تقوم بها منذ أسبوع وحدات أمنية على الحدود بين الشيشان وأنغوشيتيا. وقال مصدر عسكري إن العملية تهدف إلى قطع الطريق على تسلل مقاتلين وتعقب عشرات منهم. ولم تعلن موسكو عن خسائرها في العملية لكن موقعاً إلكترونياً قريباً من المقاتلين قال إن الروس وأفراد الوحدات الأمنية المتعاونة معهم تكبدوا خسائر كبيرة، في حين أعلنت موسكو عن مقتل عشرات المقاتلين واعتقال عشرات أيضاً. وقال مصدر أمني روسي إن القوات المشتركة تمكنت من كشف قاعدتين كبيرتين خلال اليومين الماضيين كان مسلحون يتحصنون فيهما، وتقع واحدة منهما في منطقة فيدينو جنوب الشيشان وهي من المناطق التي ما زالت تشكل مخبأ آمناً للمسلحين بسبب طبيعتها الجبلية وصعوبة وصول الآليات إليها، في حين تقع القاعدة الثانية التي تم كشفها داخل الأراضي الأنغوشية على مقربة من الحدود مع الشيشان.