لم يستجب عدد من المثقفين في جدة للمطالبات المتكررة من النادي الأدبي الثقافي في جدة لتجديد عضويتهم بالجمعية العمومية، إذ يرى البعض أن النادي لم يحقق طموحاتهم من خلال ندواته ومحاضراته والأنشطة المقدمة، لذلك اكتفوا بعدم التجديد كانسحاب ضمني، وآخرون يرون بأنه انسحاب صريح من الجمعية التي لا تعدو كونها تجمعاً صورياً، ليس لديها أدنى قرار. ومنهم من عزا ذلك إلى وزارة الثقافة والإعلام. التقت «الحياة» بعدد من هؤلاء المثقفين للوقوف على رأيهم تجاه ذلك، فأكد الروائي والقاص عمرو العامري أنه تولد عند المثقفين يقين ما أن «العضوية لا تقدم ولا تؤخر، على رغم أنها تعني المشاركة في رسم وإقرار سياسية النادي الثقافية على الأقل، وهذا ما لم يحدث»، وأضاف أنه خلال العامين اللذين كان فيهما عضواً للجمعية العمومية لمس أنه لا دور فاعل لهذه الجمعية، وأن سياسية النادي الثقافية والمالية يقرّها مجلس الإدارة، وتنفذ سواء وافقت الجمعية أم لا، وقال: «نعم يدعى أعضاء الجمعية العمومية، ولكن ليقرأ عليهم ما سبق إقراره فقط». وأوضح أن نادي جدة أقر أنشطة كثيرة لا دور للجمعية العمومية في رسمها أو إقرارها «أنا هنا أتحدث عن الآلية، وليس عن إيجابية الأنشطة من عدمها». وأشار إلى أن اللوم هنا لا يقع على النادي، ولكن على وزارة الثقافة عبر لوائحها الضبابية والإنشائية التي همشت دور الأعضاء، بحسب وصفه، وبالتالي «غدا الأمر سيّان أن تكون عضواً أو لا تكون، إضافة إلى أن العضوية وعلى المستوى الشخصي لم تقدم لي أي شيء.. فلم أدعَ إلى أي محفل ثقافي من النادي، ولم يطبع لي أي إنتاج أدبي، ولم أشارك في أي فعالية ينظمها، لذا فالانضواء تحت مظلة النادي فقط عبر دفع رسوم العضوية رمزية غير مقنعة، والنادي مفتوح للكل سواء كان عضواً أم غير عضو». وكرر في نهاية حديثه اللوم على وزارة الثقافة التي «عجزت - بقصد أو دون قصد - عن فعل عمل ثقافي جاد، ولعل التخبطات والصراعات في الأندية الثقافية المختلفة ثم التسريبات عن نزاهة الانتخابات التي جرت دليل على ما أقول». فيما ذهب الروائي طاهر الزهراني قائلاً: «مؤخراً كان العالم يحتفل باليوم العالمي للكتاب، ومرت هذه المناسبة ولم نر أي فعالية لنادي جدة الأدبي، هذا النادي الذي لم نقف له على أي حراك أدبي حقيقي، ولم يتواصل معي شخصياً لأكثر من ثلاثة أعوام، حتى إن بطاقتي التي جددتها لم أتسلمها منهم، ومضت أعوام، ولم يصلني منهم سوى الرسالة التي تطلب مني دفع الرسم حتى لا تلغى عضويتي. عن أي نادي نتحدث لم نشهد له أي فعالية بارزة؟ ولا محاضرة ملفتة، حتى فعالية ملتقى النص كانت بائسة جداً»، مشيراً إلى أن الشح الهائل في الإصدارات الإبداعية يزيد من عثراته، حتى أصبح المبدعون في جدة يطبعون كتبهم لدى الأندية الأخرى، وتساءل الزاهراني: «ما هذه القطيعة، لا أعرف لم لا تتعاقد إدارة النادي مع دار نشر معروفة مثل بقية النوادي الأدبية؟»، ولا يرى رجاء في نادٍ «تمر المواسم من دون أن يخرج برنامج لفعالياته»، وذكر أن الإدارة السابقة كانت تحدد برامج النادي السنوية، والتي تتضمن فعاليات السرد، والشعر والمحاضرات وفعاليات جماعة حوار، فلا يكاد يمر أسبوع إلا وهناك أكثر من فعالية على أقل تقدير»، ووصف القائمين الحاليين على النادي بأن لديهم اهتمامات خارجة نطاق الثقافة» ومحصورة في التعاقد مع المدارس والجامعات، والقيام بأنشطة طلابية تشبه إلى حد كبير ما يحدث في المراكز الصيفية»، ويضيف قائلاً: «ليس لديهم اطلاع على التجارب الشعرية والنثرية في الساحة»، وشدد على أنهم لا يستطيعون أن يذكروا ولو خمسة أسماء برعوا في القصة أو في الشعر، مستشهداً بأنهم لم يستضيفوا حتى الآن شخصية أدبية مرموقة مؤثرة، وكذلك استئثارهم بالدعوات الموجهة لمثقفي جدة من اللجنة المنظمة لمعرض الرياض الدولي للكتاب، مرجعاً ذلك إلى دور الأكاديمي الذي يقصي المبدعين في إشارة إلى إدارة نادي جدة، بحسب تعليق الزهراني الذي وصف القائمين عليها بأنهم ليسوا مؤهلين لإدارة الفعل الثقافي، ولا يعترفون بهذا، وأنهم يتضجرون من النقد أيضاً، «وهذا طبيعي جداً، إذا تم إقصاء المبدع، وحضر الأكاديمي!»، وتمنى إلغاء «شرط الحصول على تخصص لغوي» الذي يأتي «بالفارغين أدبياً» - كما قال - و«المخدرين بالتصنيفات الجاهزة، المحمولين على أكتاف القبيلة، وأن يتولى الأندية من هو معروف بفعله الثقافي ونتاجه الأدبي، في ظل استقلال تام عن وزارة الثقافة والإعلام. هذا إن أردنا حراكاً ثقافياً حقيقياً». وذكر الروائي خالد المرضي ل«الحياة»: «لا أعتقد أن هناك مَطالباً معينة، إذ لم يعد نشاط نادي جدة يغري المثقف بالحضور، وهو أمر كان متوقعاً على كل حال عطفاً على ما أفرزته الانتخابات الماضية»، فتساءل عن الأنشطة المتجددة والفعاليات التي تضيف للساحة الثقافية حراكاً مميزاً - بحسب قوله - ويأمل على رغم السبات أن تعود الأمور إلى حالتها الصحية، وأما بالنسبة لتجديد العضوية، فعلّق بأن الإشعار الوحيد الذي وصله من نادي جدة الأدبي الإشعار بانتهاء العضوية. وأوضح الروائي ماجد الجارد بأنه ابتهج حين أُقرَّتْ الانتخابات وتوقع أن شمساً جديدة تشرق على المشهد الثقافي، وأنه بقي متشبثاً بالأمل، حتى في ظل ما أثير في تلك الفترة من الانتقادات حول تجربة الانتخابات، ثم انضم وبعض رفاقه إلى الجمعية العمومية، ودخل تلك المرحلة التي خرجت بمجلس منتخب جديد. ويقول: «إلى هذا الحد كان الأمر مقبولاً على رغم علامات التعجب والاستفهام التي أحيطت بظروف الاقتراع الانتخابي، مثل دخول غير المثقفين والأدباء وامتلاكهم أصوات، مع دخول أصوات تحت ضغط مرشحهم الأكاديمي الذين تتلمذوا أو يتتلمذون على يده طلبة لا نتاج لهم». ومع غياب السرد وأمسياته والقص وفرسانه، وغياب استضافة كُتَّاب من خارج المملكة، كل ذلك جعل الجارد - بحسب قوله - يستاء، وهو الذي اعتاد من نادي جدة الأدبي، قبل الانتخابات، أن يستضيف مبدعين من ألمانيا وأميركا في أماسٍ متنوعة، ويتذكر أن النادي استضاف وفداً عراقياً مميزاً متنوعاً من مسرحيين وكُتّاب وشعراء وصحافيين وأكاديميين. وأضاف: «إلى ذلك كلِّه نلاحظ الغياب التام للإعلان عن حلقة النقد التي تفاجأنا نحن ومجموعة من الكتَّاب بوجودها، وانعقاد أمسياتها في صمت كامل! وكأنهم داخل منظمة سرية خطرة، فضلاًَ عن أنه لا يمكننا إنكار أن معظم الأمسيات كانت تنحاز إلى الشعر وبعض المحاضرات البروتوكولية الرسمية التي تحقق نوعاً من الضوء الإعلامي، لهذا كله، ولما نشهده من تشوِّه في فهم معنى الثقافة الشامل والتثقيف والمثاقفة، كان عدم تجديدي لعضوية النادي».