تسارعت الجهود الرسمية والشعبية في مصر لتطويق آثار الهجوم الإرهابي الذي استهدف «كنيسة القديسين» في الإسكندرية وراح ضحيته 21 قتيلاً و79 جريحاً، بحسب إحصاءات رسمية. وتكررت التعهدات الحكومية بالإسراع في كشف الجناة والمدبرين، في ظل «احتقان قبطي» بسبب ما يعتبره كثيرون منهم تقصيراً من السلطات في حمايتهم كون الهجوم ضد الكنيسة جاء بعد تهديدات عدة أصدرها تنظيم «القاعدة» باستهداف الأقباط رداً على «اختفاء» مسيحيتين أسلمتا. وأفيد أمس أن السلطات اعتقلت ما بين 15 و25 شخصاً للتحقيق معهم في قضية الهجوم على الكنيسة. وقال مصدر أمني ان الشرطة لا تزال تحتجز سبعة أشخاص لاستجوابهم، بعدما أفرجت عن عشرة آخرين. وقال مصدر طلب عدم كشف اسمه إن معظم هؤلاء من مالكي السيّارات التي تضررت بفعل التفجير الذي كان يُعتقد في البدء أنه تم بسيارة مفخخة قبل أن تقول السلطات إن الأرجح أن «انتحارياً» نفّذه. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن السلطات الأمنية تُحقق في هوية رأسين عُثر عليهما في موقع الاعتداء لتحديد ما إذا كان أحدهما ل «الانتحاري» الممفترض. وقال مصدر أمني ل «الحياة» إن «ملابسات الحادث، في ظل الأساليب السائدة حالياً للأنشطة الإرهابية في المنطقة، تشير بوضوح إلى أن عناصر خارجية قامت بالتخطيط ومتابعة التنفيذ»، مرجحاً أن يكون «انتحاري» وراء انفجار الكنيسة وأنه أحد القتلى. وأوردت وكالة «أسوشيتد برس» أن التحقيقات تُركّز على إمكان أن يكون التفجير من فعل جماعة محلية متشددة في الإسكندرية متأثرة بفكر «القاعدة». وأضافت أن أجهزة الأمن تُحقق في هويات أشخاص جاؤوا من العراق إلى مصر في الفترة الماضية، لتحديد ما إذا كان هناك صلة خارجية بالاعتداء. ومعلوم أن فرع «القاعدة» في العراق هو الذي أصدر التهديدات ضد الأقباط قبل شهرين وأتبعها مباشرة بالهجوم على كنيسة في بغداد وتفجير أهداف مسيحية مختلفة في العراق. وانتقد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، أمس، دعوة وجهها البابا بنديكتوس السادس عشر إلى قادة العالم لحماية المسيحيين الأقباط، واصفاً هذه الدعوة بأنها «تدخل غير مقبول» في شؤون مصر. ونقلت وكالة أنباء الشرق الاوسط الرسمية المصرية عن شيخ الأزهر قوله في مؤتمر صحافي: «إنني اختلف مع البابا في هذا الرأي، واتساءل لماذا لم يطالب البابا بحماية المسلمين عندما تعرضوا لأعمال قتل فى العراق؟». واعتبر أن دعوته تنم عن تعامل بنظرة غير متساوية للمسلمين والمسيحيين. وزار شيخ الأزهر ووزير الأوقاف محمود زقزوق والمفتي علي جمعة بابا الأقباط شنودة الثالث في الكاتدرائية المرقسية في القاهرة وأكدوا تضامنهم مع المسيحيين في مصابهم. ودعا البابا شنودة عقب اللقاء إلى التصرف بحكمة، قائلاً «ليس معنى حزننا على أولادنا ألا نتصرف بحكمة... حاول الإرهابيون مراراً العبث بأمن مصر ولن نتركهم يصلون إلى هدفهم بإحداث الفرقة بين المسلمين والأقباط»، نافياً إلغاء الاحتفالات بعيد الميلاد. وأكد حرصه على أداء صلاة عيد الميلاد «حتى لا يحرمنا الإرهاب من الاحتفال بميلاد السيد المسيح، وحتى لا يتسبب هذا الحادث وعدم الصلاة في زيادة الأمر توتراً وخطورة».