تجربة قيمة للبحث عن التفاصيل الإنسانية لكشفها عن قرب والغوص في أعماقها من خلال صور ووجوه تنقلها مجموعة من الشباب عبر عدسة الكاميرا، إذ التقطت أعينهم مظاهر حياتية مختلفة تمثل جانباً آخر من العالم، ضمن مشروع «رجال في العشرينات» التابع لبرنامج تطوير الصحف العربية الذي أطلقه «المعهد الدنماركي المصري للحوار» في القاهرة بالتعاون مع الاتحاد العالمي للصحف والناشرين (ايفرا). يعد «رجال من العشرينات» مشروعاً عن أشخاص ووجوه الحياة اليومية وما تحويه من أحلام كبيرة ومحاولة للإبحار داخل الشباب لإلقاء الضوء على شخصياتهم وعلى ما يفعلونه في حياتهم ليضم 6 قصص و60 بورتريهاً لشباب يسردون أحلامهم. شارك في المشروع 6 مصورين صحافيين يمثلون مصر والجزائر ولبنان والدنمارك انطلق كل منهم في مهمة خاصة إلى بلد مختلف ليوثق ويصور حياة وملامح وأحلام مجموعة شباب متفرد لهم العمر والجنس نفسهما ويعيشون على كوكب واحد ولكنهم مقسمون ثقافياً وتاريخياً واقتصادياً وديموغرافياً. ومن بين آلاف الصور التي ترصد حياة لم يألفوها من قبل، وقع اختيار كل منهم على 10 صور تحمل تفاصيل القصة التي عاشها في البلد الذي زاره ويسردها من خلال وجهة نظر باستخدام عدد قليل من الكلمات لا تعد تعليقاً على الصورة وإنما تعبر عن تفاصيل من القصة. وعرضت الأعمال في ساقية محمد عبد المنعم الصاوي في القاهرة، وستعرض قريباً في المكتبة الملكية في كوبنهاغن. ويعتبر المصور المصري أحمد هيمن أن المشروع من أهم الفرص التي حصل عليها إذ أتاح له السفر إلى الدنمارك وهي المرة الأولى التي يتجه فيها إلى دولة أوروبية. واستغرقت رحلته 10 أيام، وفي الساعات الأولى في كوبنهاغن تعرف إلى هانز اندرسن وهو شاب دنماركي يدرس في جامعة روكسيلد واستضافه في بيته طوال هذه الفترة ومنحه فرصة تسجيل يومياته عبر عدسة الكاميرا. ويعترف أحمد بأنه لم يفكر يوماً في السفر الى الخارج ليتعرف الى الحياة في أوروبا، لكنه بعد هذه الرحلة اكتسب الكثير من الخبرات الحياتية، إذ تعلم كيفية التعامل مع الثقافات الأخرى والمختلفة واحترام وجهات النظر، ومن أكثر ما لفت انتباهه أن الشباب الدنماركي يشربون الخمر في نهاية الأسبوع ولكنهم يلتزمون بممارسة الرياضة على مدار أيام الأسبوع. واختار المصور الجزائري سهيل بغدادي أن يكتشف حياة العرب في الدنمارك لذلك توجه بمجرد وصوله الدنمارك إلى مدينة نوربيورجاد التي يقطن فيها كثيرون من الدنماركيين ذوي الأصول العربية. كما روى مدى صعوبة تقبل الشباب العربي في كوبنهاغن فكرة قيامه بعمل ريبورتاج مصور عن حياتهم ولكنه بعد مناقشات عدة معهم تقابل مع زياد حاج من أصل سوري، الوحيد الذي وافق على هذا الأمر. وتعرف سهيل الى الأحلام البسيطة للشباب العربي الذي هاجر إلى الدنمارك تاركاً أسرته ووطنه من أجل البحث عن حياة أفضل وجمع القليل من الأموال للعيش حياة كريمة، إذ حاول تجسيد هذه التفاصيل في مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي تعبر عن حال الشباب المهاجر إلى الدنمارك. وانطلق المصور الدنماركي كريستيان ألس إلى الجزائر وهناك جذبه اكتشاف عالم الشباب الباحثين عن الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا والذين يطلق عليهم اسم «هاراجا»، وأخذ بعدسته يتنقل بين وجوههم يترجم من خلال الصور مشاعرهم الإنسانية التي تمتزج ما بين اليأس والملل والخوف من المجهول الذي ينتظرهم، ويؤكد أن العثور على هؤلاء ال «هارجا» لم يكن بالأمر الصعب، إذ إنهم يتواجدون في شوارع وأزقة الجزائر.