انتقد اقتصاديون ومصرفيون ضعف دور الحكومة في مجال السندات والصكوك، ووصفوه بأنه «سلبي»، متوقعين أن يشهد العام المقبل توسعاً كبيراً من الشركات المساهمة في السعودية في إصدار الصكوك التي يتم طرحها في السوق السعودية، بهدف تمويل مشاريعها الجديدة. وقال هؤلاء في تصريحات إلى «الحياة» إن 65 في المئة من الشركات المساهمة السعودية تتمتع بملاءة مالية كبيرة، ما يجعلها قادرة على إصدار سندات وصكوك خلال المرحلة المقبلة. وأوضح عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري أن «الكثير من الشركات دائماً تتجه لتمويل مشاريعها إلى الاقتراض من البنوك والصناديق أو من خلال إصدار صكوك وسندات خاصة بها، إلا أن الوضع الحالي الذي تشهده السوق من شح في السيولة وتحفظ البنوك في الإقراض، إضافة إلى تراجع رؤوس أموال بعض الشركات إلى مستويات متدنية نجد أن الخيار الوحيد أمامها والأقل كلفة هو إصدار سندات وصكوك، وهذا التوجه سيكون السائد لدى 65 في المئة من الشركات السعودية خلال المرحلة المقبلة». وتوقع العمري أن يشهد النصف الأول من العام المقبل اتجاه عدد من الشركات إلى إصدار سندات وصكوك لتمويل مشاريعها بسبب استمرار البنوك في تحفظها على عملية الإقراض، نظراً لانخفاض معدلات الفائدة، مشيراً إلى أن الإقبال على تداول الصكوك المدرجة في سوق الأسهم السعودية محدود جداً، إذ لا يوجد إلا ثلاث شركات لها سندات، وهذا يعكس ضعف الإقبال على شراء الصكوك في السوق السعودية. من جهته، رجح المصرفي بندر العبدالكريم أن تشهد المرحلة المقبلة إقبالاً كبيراً من الشركات على إصدار سندات وصكوك «على رغم أن دور الحكومة في مجال السندات غير مفعل وسلبي وضعيف»، لافتاً إلى أن «السوق السعودية لا تزال غير ناضجة في هذا المجال، نظراً لعدم وضوح كثير من الأنظمة. ورأى أن إصدار السندات خلال المرحلة المقبلة سيتركز في قطاع التأمين، خصوصاً أن القطاع ملزم بالاستثمار في السندات الحكومية، إذ إن خمسة في المئة من مدخرات هذا القطاع ستستثمر في السندات، مشيراً إلى السوق السعودية لم تختبر في هذا المجال، ولا توجد فيها إلا ثلاث شركات هي «سابك» و «السعودية للكهرباء»، و «دار الأركان» ما يعكس ضعفه وعدم جاذبيته، على رغم رغبة واتجاه الكثير من الشركات للحصول على تمويل لمشاريعها من خلال إصدار صكوك وسندات خاصة بها. وأكد العبد الكريم أن الكثير من الشركات السعودية تنفذ مشاريعها بالعملة الأجنبية (الدولار)، وهذا ما لم تستطع توفيره سواء من البنوك المحلية أو الأجنبية، خصوصاً عقب الأزمة المالية العالمية، وهذا ما سيشجعها على إصدار سندات وصكوك لتأمين تلك التمويلات، موضحاً أن التمويل سواء عن طريق القروض أو عن طريق إصدار سندات لكل منها ميزات وعيوب، إلا أن طبيعة كل شركة ومشاريعها وخياراتها هي المحدد الرئيسي لذلك. وتوقع العبدالكريم أن تتوسع الشركات في إصدار السندات والصكوك خلال العام المقبل، وهذا يحتاج إلى أن تتبنى هيئة سوق المال ذلك التوجه، نظراً لأن هذا المجال غير واضح، مضيفاً أن الصناديق الحكومية قامت في الفترة الماضية بدور كبير في مجال التمويل للشركات والدليل على ذلك دور صندوق الاستثمارات العامة مع شركة معادن. من جهته، قال المدير التنفيذي لإحدى الشركات المساهمة (رفض ذكر اسمه) أن الكثير من الشركات خلال المرحلة المقبلة ستتجه إلى إصدار سندات وصكوك، خصوصاً في ظل ضعف التمويل من البنوك المحلية، مؤكداً أن فتح سوق السندات والصكوك سيسهم في تنويع الاستثمارات، إذ إن ذلك كان محل مطالبة في السابق بهدف زيادة الأدوات المالية في السوق السعودية، خصوصاً أن سوق الأسهم في السابق كانت تمثل طريقة لجمع السيولة المتداولة في حين أن هذا الإجراء سيفتح طرقاً جديدةً للتمويل. وأكد أن إصدار سندات وصكوك سيكون بمثابة أداة تمويل مهمة لمشاريع ضخمة تابعة للشركات المدرجة بالسوق، مشيراً إلى أن هذا التوجه سيسهم في تخفيف العبء عن الصناديق الحكومية التي تمول الكثير من المشاريع، إضافة إلى أنها ستوفر فرصاً أمام المستثمرين للاستثمار في أدوات مالية غير الأسهم، إذ لا تشكل السندات في الوقت الحالي إلا نسبة ضئيلة من هيكلة أسواق المال في المملكة. ولفت إلى أن سوق الصكوك مهمة جداً في إنجاح سوق التمويل العقارية، خصوصاً في ظل ترقب قوانين الرهن العقاري وتمويل المساكن التي ستستند على قروض مالية طويلة الأجل لأكثر من 10 سنوات.