كركوك (العراق) - أ ف ب - يتهافت أبناء كركوك على شراء القيمر من مربي الجواميس في ضاحية المدينة، تاركين خلافاتهم السياسية المستعصية على الحل جانباً للتلذّذ بهذه الوجبة التقليدية. ويعيش في مشارف كركوك الجنوبية عدد من مربي الجواميس من عشائر عربية يعرفون باسم الجمّاسة (مع تشديد الميم) في أرض يتجمع فيها صرف المياه وتمتاز بوعورتها وتبعد عن وسط المدينة أقل من عشرة كيلومترات. يقول حسن كاظم الكعبي (37 سنة) «قيمرنا يوحد أهالي كركوك الذين ينتظرون صفائحنا يومياً ويقفون طوابير للحصول عليه على رغم خلافات الفرقاء السياسيين، فالعرب والتركمان والأكراد والمسيحيون يتقاطرون على منافذ بيعنا مع ساعات الفجر». ويضيف: «إذا لم تذهب النساء لبيعه فإنهم سيأتون الينا للحصول عليه (...) تجمعنا يضم حوالى 750 شخصاً. لدى ابناء عمومتنا واخوالنا اكثر من خمسة آلاف رأس جاموس تنتج بين 750 الى الف كيلوغرام من القيمر العربي الشهير فضلاً عن الحليب الدسم». ويتابع الكعبي «كما اننا نجهز عبر وسطاء محلات في اقليم كردستان بمدنه الثلاث بالقيمر الذي يبلغ سعر الكيلو منه 11 الف دينار (تسعة دولارات) فيما يصل سعر لحم الجاموس الى 12 الف دينار (10 دولار)». ويتناول العراقيون القيمر المشتق من حليب الجاموس فقط، نظراً الى كثافة الدسم، مع العسل او دبس التمر، وهو مماثل للقشطة المشتقة من حليب البقر او الغنم. ومن التقاليد العراقية ايضاً، تقديم القيمر للعرسان في اول افطار لهما وللطفل بعد الختان، كما يشتد الطلب عليه خلال أيام الأعياد حيث تتضاعف أسعاره. لكن العراقيين لا يقبلون بكثافة على القيمر خلال فصل الصيف بسبب اشتداد القيظ ما يؤدي الى تحوله سائلاً لزجاً. وبالإمكان مشاهدة قطيع الجواميس والمنازل المبنية بالطين للداخلين والخارجين من المدينة التي تبعد مسافة 255 كلم الى الشمال من بغداد. ويتحدر رعاة الجاموس من عشائر بني كعب والبومحمد العربية الجنوبية الذين قدموا الى كركوك قبل اكثر من خمسين عاماً لكنهم غادروا مناطق الحويجة ووادي زغيتون والملتقى جنوب كركوك وغربها خوفاً على قطيعهم ليقتربوا من المدينة بعد العام 2003. ويقول ممثلهم شكر حمران الكعبي (62 عام) «نحن عرب جئنا الى مناطق كركوك الجنوبية بعد العام 1954 ونهتم بتربية الجاموس وبيع مشتقاته وهذا ما ورثناها من اجدادنا قبل قرون». ويضيف «اخترنا كركوك لأنها ارض متنوعة وتمتاز بمساحاتها الخضراء والمستنقعات (...) كنا نتوجه بقطيعنا نحو جبال كردستان لأن الرعي هناك مجاناً لكن ما حصل بعد العام 2003 اجبرنا على التوقف عن الرعي والاعتماد على العلف». ويؤكد هادي جبار عبد الحسن ان «تربية الجاموس مهددة بالانقراض نتيجة الجفاف وعدم وجود مراعٍ كافية والقيود على التنقل فثمن الطن الواحد للعلف يبلغ 350 الف دينار (300 دولار) ونستهلك ربع طن لكل 50 رأس جاموس مقابل حصولنا على 3 الى 5 كلغ من الحليب من كل جاموس تجاوز عمره ثلاث سنوات».