تباينت آراء سكان ومسؤولي محافظة جدة، بعد أن شهدت العديد من الأحياء السكنية أخيراً موجةً من الطفح شكلت بحيرات من مياه الصرف الصحي. وعلى رغم اختلاف التبريرات وتعدد المطالبات، إلا أن جميع الآراء صبت في جانب المطالبة بالقضاء على تلك المياه «الراكدة» التي أرقت منام «الجداويين» خصوصاً، وكثير منهم يسكن حول بحيرات باتت بيئةً خصبةً لانتشار الأمراض وانطلاق الأوبئة. وأقر مستشار أمين محافظة جدة للشؤون البيئية الدكتور أحمد أبو خطة في حديث إلى «الحياة» أن انتشار المياه الراكدة أصبح «مشكلةً حقيقيةً نسعى بالتعاون مع العديد من الجهات إلى حلها، على رغم أنها أثبتت عدم مساعدتها على نقل البعوض الناقل لحمى الضنك». وأشار إلى أن وزارة المياه والكهرباء تسعى للقضاء على هذه المياه عبر الاستفادة منها لتغذية ست محطات معالجة تغذي شبكات الري في المحافظة. فيما اعتبر رئيس المجلس البلدي في جدة الدكتور طارق فدعق مشكلة محافظة جدة مع المياه «أزلية». وقال: «بعد أن استبشر أهالي جدة بتلاشي هاجس شح المياه الذي عانوا منه لفترة طويلة في الماضي، أطل هاجس جديد تمثل في تنامي ظهور المياه الراكدة في العديد من أحياء المحافظة وهو أمر غير مقبول إطلاقاً». وألقى فدعق باللائمة على عدم وجود الصرف الصحي الكافي واللائق بمكانتها، «ولعل الدليل على ذلك يتجلى في أن أقل من 25 في المئة من مساكن المحافظة تصل خدمات الصرف الصحي إليها، وحقيقة فهذه نسبة ضعيفة جداً في محافظة بحجم جدة»، مستبشراً بتعاون العديد من الجهات الحكومية، ومتمنياً أن تثمر جهودهم عن حلول عملية تقضي على هذه المعضلة. وكشف استشاري طب المجتمع الدكتور ماجد الغامدي أن المياه الراكدة المنتشرة في بعض أحياء جدة تشكل خطراً على حياة سكانها وزوارها، «نظراً لأنها تساعد على انتشار العديد من الأمراض الخطرة كالتسممات الغذائية والكوليرا والعديد من الأمراض الجلدية وأمراض الحساسية، ناصحاً الأهالي بضرورة إبعاد أطفالهم عن تلك المياه الراكدة، ومشدداً على عدم السماح لهم بالعبث بها أو الاقتراب منها». ولم يخف أهالي جدة تذمرهم الشديد واستياءهم الحاد من تنامي ظاهرة مياه الصرف الصحي الراكدة في شوراع المحافظة، إذ شن بشار الهاني أحد سكان حي الربوة هجوماً على أمانة جدة، متهماً إياها «بتجاهل سيول الشكاوى المقدمة من السكان الذين لم يحرك تذمرهم ساكناً، وظلت المياه الراكدة على حالها حتى ألفها المواطنون وباتت أمراً اعتيادياً بالنسبة للكثير منهم» .وكشف المواطن محمد الزهراني أن معاناته وجيرانه مستمرة منذ نحو 12 عاماً، إذ غرق الحي في مياه الصرف، وتكسرت أرصفته وتشققت طرقاته حتى هجره السكان. في حين أكد العقاري أحمد العمري أن أسعار العقارات الواقعة في الأحياء المشهورة بطفح المياه شهدت موجة انخفاض كبرى، بينما حافظت العقارات الواقعة في المخططات البعيدة عن ظاهرة المياه الراكدة على نسبة ارتفاعها.