قال مسؤولون فلسطينيون ان الرئيس محمود عباس رفض عروضاً اسرائيلية، رسمية وغير رسمية، تقضي باقامة دولة فلسطينية ذات حدود موقتة على أجزاء من الضفة الغربية من دون القدس، لإدراكه التام بخطط رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الرامية الى ضم المدينة المقدسة مع اجزاء واسعة من الضفة وإسقاط قضية اللاجئين. وكان الرئيس عباس سارع للاعلان عن رفضه اقتراحاً قدمه مساء الإثنين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو لإقامة دولة فلسطينية ذات حدود موقتة. وحسب مسؤولين فلسطينيين، فإن الرئيس عباس تلقى في العامين الأخيرين عروضاً رسمية وغير رسمية من نتانياهو بشأن تقسيم الحل السياسي الى مرحلتين، يجري في الأولى اقامة دولة فلسطينية على أجزاء واسعة من الضفة الغربية من دون القدس واللاجئين، والثانية الشروع في مفاوضات حول هاتين القضيتين بعد إتمام تطبيق المرحلة الأولى من الاتفاق. وتلقى عباس عرضاً رسمياً مماثلاً من نتانياهو لدى لقائه به في البيت الابيض في ايلول (سبتمبر) الماضي، وفي اللقاءين اللاحقين في شرم الشيخ، وفي بيت الاخير في القدسالمحتلة. وقضى عرض نتانياهو المباشر بايجاد حلول مرحلية يجري تطبيقها عبر عقود، وفق ما أوضح امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه في غير لقاء. ويرى مسؤولون فلسطينيون ان نتانياهو أعاق الجهود الاميركية الرامية الى اطلاق عملية سياسية جدية ليفتح الطريق امام عرض مشروعه الانتقالي الجديد. وتقول مصادر اسرائيلية إن مشروع نتانياهو الانتقالي شبيه الى حد كبير باتفاق اوسلو. وحسب نقاشات أجراها نتانياهو، فإن ملامح مشروعه تقوم على انسحاب اسرائيلي من مساحة واسعة تصل حتى 90 في المئة من الضفة الغربية، من دون القدسالشرقية، وإخلاء اكثر من 50 ألف مستوطن من قلب الضفة الغربية الى الكتل الاستيطانية. وتقول مصادر غربية ان نتانياهو يسعى الى تسويق هذا المشروع لدى الادارة الاميركية، إذ انه يرى أن هناك فرصة امامه لحمل الادارة الاميركية على قبول عرضه بعد ان اخفقت في اطلاق المفاوضات. وحسب المصادر ذاتها فان نتانياهو يجادل بأن المشروع مفيد للفلسطينيين، لأنه يمنحهم مساحة واسعة من الضفة الغربية مع اخلاء عدد كبير من المستوطنات من دون ان يلزمهم ذلك بالتوقيع على إنهاء الصراع او وقف مطالبهم في الجزء المتبقي من الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة. ويرى نتانياهو أن العرض يتكيف ايضاً مع مواقف حركة «حماس»، التي ترحب بأي انسحاب اسرائيلي جديد اذا لم يكن ملزِماً باتفاق يتنازل بموجبه الفلسطينيون عن الأجزاء المتبقية من الارض المحتلة عام 1967. وكان نتانياهو قدم في وقت سابق اقتراحاً الى الرئيس محمود عباس عبر وسطاء ينص على اقامة دولة فلسطينية ذات حدود موقتة على اكثر من 60 في المئة من مساحة الضفة، لكن الرئيس عباس رفضه. وذكرت المصادر ان نتانياهو ادرك ان الجانب الفلسطيني سيرفض اي عرض لاتفاق نهائي يقل عن مساحة الضفة الغربية كاملة مع تبادل للأراضي، لذلك لجأ الى فكرة الحل الانتقالي الجديد الذي يشكل تقدماً على طريق الحل النهائي ويبقي المفاوضات قائمة. وتعتقد مصادر غربية ان نتانياهو يسعى للتوصل الى حل انتقالي موقت، لكنه طويل الأمد بسبب القلق المتنامي في اوساط اليمين الاسرائيلي من عودة فكرة حل الدولة الواحدة على جدول الأعمال بعد فشل حل الدولتين. لكن الرئيس عباس أعلن في غير مناسبة أخيرا انه يرفض أي حل انتقالي، لانه يعرف أن نتانياهو يُعِدّ حلاًّ موقتاً يتحول مع الزمن حلاًّ نهائياً بقوة الامر الواقع. ورداً على تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي اعتبر ان الاتفاق المرحلي يمكن ان يشكل حلاً في ظل عدم امكان التوصل الى اتفاق شامل، قال (أ ف ب) الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: «ان اي اقتراح للوصول الى حل مرحلي لن يكون مقبولاً فلسطينياً، لان ذلك سيستثني موضوعي القدسالمحتلة واللاجئين». وأضاف «ان العودة للحديث عن دولة فلسطينية على حدود موقتة غير مقبول على الاطلاق، ولن يؤدي إلى سلام حقيقي»، مشدداً على ان «الوقت قد حان للبت في قضايا المرحلة النهائية، وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967»، والتي تشمل كامل الضفة الغربيةوالقدسالشرقيةالمحتلة وقطاع غزة. وقال أبو ردينة: «إن القدس خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وهي عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية». بدوره، اعتبر رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات: «ان تصريحات نتانياهو تكشف الوجه الحقيقي لحكومته»، مشدداً على ان «الحلول الانتقالية مرفوضة جملة وتفصيلاً». وأضاف ان «الوقت حان الآن للحلول النهائية التي تشمل القدس واللاجئين والحدود والامن والاستيطان والمياه والافراج عن كل الاسرى من سجون الاحتلال الاسرائيلي». وفي واشنطن أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر رداً على سؤال بشأن تصريحات نتانياهو، أن الولاياتالمتحدة تعمل جاهدة من أجل التوصل الى اتفاق للسلام. وأضاف: «موقفنا واضح. ما زلنا نبذل جهداً كبيراً مع الاطراف لتحقيق اتفاق اطار يتعلق بكل القضايا الرئيسية». وكان نتانياهو أعلن مساء الإثنين في مقابلة مع قناة التلفزيون العاشرة الاسرائيلية: «قد نكون امام وضع تصل فيه المحادثات مع الفلسطينيين الى حائط مسدود بشأن قضايا القدس وحق العودة (للاجئين الفلسطينيين). وفي هذه الحال، ستكون النتيجة عقد اتفاق مرحلي». وأضاف: «هذه امكانية بالطبع». وتابع: «ولكن اذا وافق الفلسطينيون على دولة منزوعة السلاح، وتراجعوا بحكم الامر الواقع عن حق العودة، واعترفوا بيهودية دولة اسرائيل، عندها سأذهب الى نهاية المطاف، ولن تعوقني أي اعتبارات خاصة بالائتلاف (الحكومي)، لا عن الوصول الى اتفاق ولا عن عرضه على الشعب، وأعتقد ان غالبية البلد (اسرائيل) ستؤيدني». وأقر نتانياهو بأن الفلسطينيين لن يوافقوا على الدخول في محادثات تتعلق باتفاق موقت، وقال: «اذا قلنا (للفلسطينيين) مسبقاً لنعمل (من أجل اتفاق موقت) فليس من المؤكد أن يوافقوا بسهولة، ولكن ربما يكون ذلك نتيجة لمبادرة ديبلوماسية». وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها نتانياهو عن مسار بديل في محادثات السلام المتوقفة حالياً. وتأتي تصريحاته غداة اقتراح وزير خارجيته افيغدور ليبرمان الاحد التوصل الى اتفاق مرحلي بعيد المدى مع الفلسطينيين، معتبراً انه «من المستحيل بالنسبة الينا توقيع اتفاق شامل اليوم مع الفلسطينيين». يذكر ان المحادثات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين، التي انطلقت مجدداً في الثاني من ايلول (سبتمبر) في واشنطن، معلقة حالياً منذ انتهاء مفعول قرار التجميد الجزئي للاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية في 26 ايلول. على صعيد آخر، أكد نتانياهو ان اسرائيل لن تعتذر لتركيا عن الهجوم الذي شنته قوة كوماندوس اسرائيلية في ايار (مايو) الماضي على سفينة «مافي مرمرة» ضمن «اسطول الحرية» الذي كان ينقل مساعدات انسانية الى قطاع غزة، ما اسفر عن مقتل تسعة اتراك. وقال: «لا نريد ان نعتذر، ولكن ان نعبر عن أسفنا لتركيا». وأوضح رئيس الحكومة الاسرائيلية قائلاً: «لا نريد ان نسمح بجر جنودنا امام المحاكم الدولية (...) جنودنا تصرفوا وفق القوانين»، ملمحاً الى ان الاعتذار يمكن ان يفسر باعتباره اعترافاً بالمسؤولية. وكان ليبرمان قال الاحد خلال لقاء في القدس مع سفراء الدولة العبرية في الخارج ان «اسرائيل لن تعنذر لتركيا. ومن عليه الاعتذار هو حكومة تركيا بسبب دعمها الإرهاب». ورداً على سؤال بهذا الصدد، قال نتانياهو: «يوجد ضمن ائتلافي الحكومي وجهات نظر مختلفة، ولكن رئيس الوزراء هو الذي يتحدث بصوت الحكومة».