خطفت «سهير القيسي» مذيعة قناة «العربية» أذهان المشاهدين، لجدية طرحها، وخطورة المنطقة التي تنطلق منها، فرغم ما يتعرض له الشارع العراقي من فتن واضطرابات، إلا أنها أصرت على ألا تنسلخ من هذا الشارع، وتبتعد عن همومه ومشكلاته مدعومة بإحساسها المتشبع من عروبتها وقيمها، قدمت عديداً من البرامج لتكون بذلك صانعة للحدث، وليست ناقلة له، كان للبعض ملاحظة حول برنامجها «من العراق» وتعاطيها فيه مع الشارع العراقي بملفاته المعقدة، مشيرين إلى أن «مقدمات البرامج» الشهيرات الآن يتجهن نحو هذه النوعية من البرامج السياسية، لكن «القيسي» أوضحت ل«الحياة» رفضها لهذه الإشارة قائلة: «لا أعتقد أن عدد النساء اللاتي يقدمن البرامج السياسية المتخصصة فاق حده الطبيعي حتى نتحدث عن ظاهرة. أما بالنسبة إلى الجمال فهو ليس كافياً لنجاح البرنامج أو الصحفي سواء كان مقدماً للأخبار أو البرامج ، فالبرامج السياسية تحتاج إلى شخص يتمتع بالقبول والصدقية والحس الصحفي والذكاء والعمل والاجتهاد، إذاً هي مجموعة عوامل بعضها هبة من الله تعالى كالجمال والموهبة والحس الصحفي والآخر له علاقة بمثابرة الفرد، وعندما تكتمل هذه الأساسيات يصبح النجاح نتيجة طبيعية»، مضيفة أنها «مع مدرسة أن تعرف أكثر». وعن رأيها في جذب الشاشة الفضية كثيراً من مقدمي البرامج الإذاعية قالت: «ليس شرطاً، الموضوع يختلف من شخص إلى آخر، بالنسبة لي الراديو كان محطة رائعة تعلمت فيها الكثير، وكانت انطلاقة ناجحة وأحد الأسباب لما أنا عليه اليوم»، موضحة أن «العربية» هي المحطة الإخبارية الأكثر متابعة في العراق، وقد حققت «العربية» للشأن العراقي ما لم تحققه أي وسيلة إعلامية أخرى، «العربية» أطلقت برنامج «سباق البرلمان»، والذي يعد الأول من نوعه في العالم العربي وفي تاريخ العراق الحديث، تناظَرَ فيه المرشحون على الهواء من بغداد لأكثر من شهر قبل انطلاق الانتخابات، وفاقت نسبة مشاهدة هذا البرنامج في العراق نسب مشاهدة البرامج الترفيهية، وهذا في حد ذاته سبق يعكس متابعة العراقيين لها «العربية»، أما بالنسبة إلى الاستهداف، فكل الإعلاميين في العراق مستهدفون، 375 صحفياً قتلوا في عام واحد من كل الوسائل الإعلامية، ما يعني أن الإرهاب يستهدف الجميع، رافضة بحزم مقولة إن العقول توظف لخدمة أصحاب رؤوس الأموال، أو أن تكون مجرد وسيلة في القناة لتحقيق مكاسب مادية، «ليس صحيحاً، فما أعرفه هو أن أصحاب العقول في خدمة الإنسانية، ولم أسمع عن خدمة الأموال هذه، عندما يعمل الفرد في مؤسسة ويتسلم راتباً في نهاية الشهر فلا يعني ذلك أنه يخدم صاحب المال، بل يعني أنه يخدم المجتمع ويخدم نفسه... في النهاية كلنا نعمل لخدمة المجتمع باعتبارنا صحافيين، ونضحي تضحيات كبيرة في سبيل إيصال المعلومة والحقائق. وعندما يؤمن الفرد بأن الرزق من الله تعالى وليس من البشر فلن يرغمه أحد على شيء». «سهير القيسي» صاحبة تاريخ ناصع في البرامج التلفزيونية الجادة «من العراق»، «من سيحكم العراق؟»، «سباق البرلمان»، ورغم فتحها ملفاتٍ شائكةً في برامجها وتعاطيها معها بشفافية تامة، إلا أنها شخصية غير صدامية، وترتبط بعلاقات وثيقة مع التيارات السياسية كافة في الشارع العراقي، موضحة أن مهمتها في هذه البرامج أيضاً الإعداد، «مهمتي الإعداد وليس فقط التقديم، ما يجعلني في تماس مباشر مع السياسيين، والحمد لله كل السياسيين يرغبون في الظهور في البرامج التي أقدمها، وهذا لحاجتهم إلى الإعلام، ومعرفتهم بصدقية المحاور والقناة. «العربية» وأنا محبوبان جداً في الشارع العراقي، كما في الشارع السعودي بالضبط»، مختتمة «دردشتها» مع «الحياة» بالإجابة على سؤال حول اختيارها أخيراً سفيرةً للهلال الأحمر العراقي قائلة: «الهلال الأحمر هو الذي اختارني لهذا المنصب الشرفي، ولم أسعَ للشهرة من خلاله، بالعكس تم اختياري للاستفادة من شهرتي لأنشر الوعي بقضية المرأة والطفل، على كل حال حاولنا بكل جهدنا المساعدة، لكن المظلومين في العراق من الأيتام والمرضى والنساء اللاتي فقدن أزواجهن وأولادهن أعدادهم بالملايين والحاجة الآن إلى وقفة مؤسساتية، وليس فقط وقفة من فرد واحد لنحل هذه المشكلة، على فكرة جهودي الإنسانية لا أحب أن أتحدث عنها، لأني مهما قدمت فهو في نظري قليل».