بدأت المناظرة الثانية بين المرشحين الستة لانتخابات الرئاسة الإيرانية أمس، بهجوم شنّه المرشح الأصولي محمد باقر قاليباف على برامج حكومة الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، انضمّ إليه المرشحان الأصوليان الآخران إبراهيم رئيسي ومصطفى ميرسليم. في المقابل، دافع روحاني ونائبه إسحاق جهانغيري عن الحكومة والبرامج التي نفذتها خلال السنوات الأربع الماضية، وركّزا على تجنّب إعطاء وعود لا يمكن تحقيقها. وخُصِصت المناظرة امس للملفات السياسية والثقافية، فيما ستناقش الملفات الاقتصادية في المناظرة الثالثة المرتقبة الثلثاء المقبل. وبرز قاليباف بهجوم منتظم طيلة المناظرة، وبتركيزه على مشكلات الحكومة في الإدارة وتوزيع الثروة، فيما ظهر رئيسي مرشحاً ضعيفاً لا يملك برنامجاً واضحاً، بل استند إلى انتقادات وجّهها المرشحون الآخرون، ليعيد صوغها وعرضها مرة أخرى، من دون أن يطرح برنامجاً لإدارة البلاد، سواء سياسياً أو ثقافياً. ولدى وصوله إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون، دعا روحاني المرشحين الآخرين إلى توخي الدقة والصدقية في طرح المعلومات، والامتناع عن إعطاء صورة قاتمة عن الأوضاع للناخبين، فيما رأى قاليباف أن وجود روحاني وجهانغيري معاً في المناظرة ليس عادلاً. وعلّق روحاني خلال المناظرة على اتهام قاليباف ابنة وزير التربية بتهريب بضائع، داعياً إلى التزام الأخلاق والامتناع عن اتهام الآخرين وترك الأمر للقضاء لمعالجة هذا الملف، علماً أن وزير العدل مصطفى بورمحمدي كان ذكر أن ابنة وزير التربية تعمل في التجارة، لافتاً إلى أن الحمولة التي ضُبِطت كانت مرخصة، ومستبعداً أي خلاف قانوني. ودافع روحاني عن الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست، مشيراً إلى أن التيار الأصولي رحّب بانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، لأنه تعهد تمزيق الاتفاق. وحضّ الشعب على الاختيار بين حكومة تريد الاعتماد على المواطنين، وحكومة تريد فرض قراراتها في نأي عن إرادتهم. ويشير بذلك إلى سلوك الأصوليين الذين لا يريدون إشراك المواطنين في إدارة البلاد. ورأى أن استقرار الأسواق الاقتصادية كان لمصلحة المواطنين، قياساً باضطراب شهدته خلال عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، متسائلاً عن مدى إمكان تحقيق نموّ اقتصادي نسبته 26 في المئة، كما وعد رئيسي وقاليباف، في وقت أفادت الخطة الخمسية بتحقيق نموّ نسبته 5 في المئة. وأشار إلى أن النموّ كان سلبياً بنسبة 8 في المئة، لدى تسلّمه الحكم، لافتاً إلى أنه يبلغ الآن 6.8 في المئة. وشدد روحاني على أن «إيران تتفاوض الآن، بقوتها الديبلوماسية، لتسوية الأزمة السورية»، مضيفاً: «ديبلوماسيونا يحيون حقوقنا المتبقية، إلى جانب مقاتلينا». وأكد «أهمية استخدام القوة الديبلوماسية من أجل أمننا واستقرار المنطقة، ولنتمكّن أيضاً من رفع مستوى قوتنا اقتصادياً وسياسياً». وتابع: «علينا أن نكون قادرين على تسوية الملفات على طاولة المفاوضات». ولفت إلى أن إيران وروسيا وتركيا «تتولى المفاوضات الرئيسة» في شأن سورية، متسائلاً «متى أدت إيران دوراً مؤثراً مشابهاً في مفاوضات دولية مهمة؟». وخاطب روحاني رئيسي قائلاً: «على المرشحين أن يصارحوا الشعب بما سيفعلون بالاتفاق النووي، وكيف سيتعاملون مع العالم». وزاد: «لولا الاتفاق النووي لكنا الآن نصدّر 200 برميل نفط يومياً، بدل مليوني برميل». وأقرّ رئيسي وقاليباف بأن الاتفاق النووي يشكّل «وثيقة وطنية» يجب احترامها، لكنهما انتقدا أداء الحكومة في الاستفادة من ظروف الاتفاق، وعدم التزام الغرب بنود الاتفاق، خصوصاً ما يتعلّق بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران. أما جهانغيري فاعتبر الاتفاق أضخم إنجاز في التاريخ الحديث لإيران. وفي خطوة اعتُبرت شجاعة، أعرب جهانغيري عن فخره واعتزازه بكونه إصلاحياً، مشيداً بحكومة الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي التي «منحت إيران القوة والاقتدار». وقالت ناطقة باسم «الجبهة الشعبية لقوى الثورة الإسلامية» إن تحديد المرشح الأصولي لخوض الانتخابات سيتمّ بناءً على نتيجة استطلاعات الرأي التي تُعدّ بعد انتهاء المناظرات التلفزيونية الثلاث، علماً أن الجبهة كانت دعمت رئيسي وقاليباف.