تفتق الذهن الإسرائيلي عن فكرة جديدة لاستعادة ما وُصف بأنه «الممتلكات التي سلبت من يهود أوروبا» خلال الحرب العالمية الثانية والحقبة الشيوعية التي تلتها، مع الإعلان رسمياً عن إطلاق برنامج عمل، يدعمه الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين ووزارتا الخارجية والمساواة الاجتماعية، لتطبيق الفكرة في خمس دول أوروبية. وأعلن أصحاب الفكرة أنهم يعتزمون تحويل المسألة قضية دولية. وتعيد هذه الفكرة إلى الأذهان المساعي الإسرائيلية العلنية والسرية التي تكثفت في السنوات الأخيرة «لاستعادة ممتلكات يهود الدول العربية»، التي اعتبرت محاولة مكشوفة لوضع هذه القضية على الكفة الثانية من الميزان نداً لقضية اللاجئين الفلسطينيين. وتقف وراء المحاولتين منظمة عليا تمثل الهيئات اليهودية التي تعنى بإعادة ممتلكات يهود في أرجاء العالم. ووصف رئيسها ما حصل ليهود أوروبا بأنه «أكبر عملية سرقة في التاريخ». ووجه ريبلين نداءً إلى زعماء أوروبا للتجاوب مع المبادرة الإسرائيلية بذريعة أن ثمة «نافذة فرص متاحة أمامهم ليُظهروا للناجين من تلك الحقبة الظلامية في التاريخ أن العالم يعتبر مما حصل، وهذا واجبنا وواجبهم الأخلاقي». وسيتولى طاقم مختص رصد وتوثيق ممتلكات كانت ليهود في خمس دول أوروبية تدعي إسرائيل أنها لم تحترم قراراً سابقاً بوضع الترتيبات المناسبة لإعادة ممتلكات يهود سلبت، أو لتعويض ورثة أصحابها سواء الذين قضوا في المحرقة النازية أو نجوا منها. وتستهدف المبادرة خمس دول هي بولندا ورومانيا وهنغاريا وكرواتيا وليتوانيا. وجاء إطلاق المبادرة بعد المؤتمر الدولي الذي عقد أواخر الشهر الماضي في البرلمان الأوروبي في بروكسيل، حيث كشف أن قسماً كبيراً من الممتلكات التي كانت ليهود أوروبا إبان المحرقة لم يسترجعه أصحابه، أو وَرَثتهم. كما اعتمدت المبادرة «إعلان تيرزين» الذي اتخذ في تشيخيا عام 2009 ووقعته 47 دولة دعت إلى إعادة ممتلكات يهود أوروبا من حقبة الحكم النازي في ألمانيا إلى أصحابها. ويدعي المبادرون أن عدداً من دول أوروبا الشرقية التي كانت تحت النظام الشيوعي بعد انتهاء الحرب، لم تحترم الإعلان ولم تشرّع قوانين خاصة لإعادة الممتلكات إلى أصحابها كما نص الإعلان، خصوصاً بولندا حيث تقدَّر ممتلكات اليهود بمئات البلايين من الدولارات. في غضون ذلك، تتواصل مساعٍ لاستعادة أملاك يهود في دول عربية وإيران تركوها مع إعلان قيام إسرائيل قبل 69 عاماً. وتقود الحملة وزارة الخارجية وهيئة مجلس الأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة. ووفق التقديرات الإسرائيلية، فإن مليون يهودي عاشوا في الدول العربية وإيران حتى عام 1948، وثلثا هذا العدد هاجروا إلى الدولة العبرية وتركوا ممتلكاتهم التي «تقدر ببلايين الدولارات». كما تجنّد الكنيست الإسرائيلي لهذه المهمة مع تشريعه قانوناً خاصاً قبل سبع سنوات، جاء فيه أنه سيتم تعويض اليهود الشرقيين الذين هاجروا من الدول العربية وإيران لخسارتهم ممتلكاتهم، في إطار أي اتفاق سلام في الشرق الأوسط. وفي الحالين تحاول إسرائيل، كما كشفت الوزيرة غيلا غمليئل «بناء رواية تاريخ الشعب الإسرائيلي في القرن العشرين»، في تحدٍ واضح للرواية الفلسطينية حول النكبة عام 1948 وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من وطنهم وتدمير مئات من قراهم وبلداتهم.