المطالع لأخبار المجتمع السعودي على شاشات القنوات أو الإنترنت أو أوراق الصحف أوغير ذلك يقف على سلبية هذا المجتمع وسيئاته، فالمجتمع السعودي مجتمع متشدد متعنت يرفض التجديد ويقف أمام الإبداع ويظهر الدين ويفاخر به مع أن باطنه مظلم بظلمة معاصي أهله، فظواهر العنف الأسري بمختلف أنواعه بدني ونفسي ومالي وجنسي تنخر قواه، وزنا المحارم بات وجوده في مجتمعنا ليس بالقليل ....وهلم جرا من الاتهامات وتضخيم السلبيات وصار المجتمع السعودي مطية وصول لكل طالب شهرة، فما عليك إذا أردت أن تتلقفك القنوات وتستضيفك الفضائيات وتستكتبك الصحف إلا أن تنال من هذا المجتمع وتقع فيه، أو تؤلف رواية لتسيء إلى فتياته، بل إن هناك أقواماً يعانون من الازدواجية يتغنون بالوطنية ليل نهار، ويقعون فيه سراً وجهاراً، وليت شعري أي وطنية زعموا؟ إن ما تقدم لا يزكي هذا المجتمع أو يدعي مثاليته، بل مثله مثل أي مجتمع خلقه الله لا يخلو من مشكلات تريد حلولاً عاجلة أو آجلة؛ وسلبيات تنتظر التقويم والمعالجة، والنظرة المثالية إليه وادعاء أنه مجتمع لا مشكلات فيه دعوى كاذبة يكشف عوارها وسوءتها الواقع، وتصويره بأنه مجتمع غاب يأكل قويه ضعيفه، زوراً وبهتاناً –أيضاً- يفضحه واقع كثير من أبنائه ونسائه، والله أمرنا بالعدل فقال: «وإذا قلتم فاعدلوا». ومن العدل في التعامل مع المجتمع السعودي أن نخرج من دائرة الاتهامات غير المثبتة والألفاظ العمومية الفضفاضة وإلباس كل حالة شاذة لباس العموم وإطلاق الظاهرة عليها وتصويرها على الشاشات في حلقات مسلسل تبث على مرأى ومسمع من العالم أجمع في محاولة تعيسة لعلاج مشكلاته وما هي في الحقيقة إلا مشكلة تحتاج إلى علاج بل ومحاسبة نتيجة تشويه سمعة وطن بأسره وتسويد صورته باسم الإسهام في التقويم والمعالجة. لقد أمرنا الله بالعدل مع الأعداء المشنوئين فكيف والحال مع الأهل المحبوبين، ألم يتردد على مسامعنا وتؤمن به قلوبنا قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) إن هناك فرقاً بين المشفق الذي يبحث عن الخطأ ليعالجه، كالطبيب الذي يبحث عن المرض ويشخص الداء ليصل إلى الدواء، وبين الإنسان المغرض الذي هو كالعدو، يبحث عن الخطأ حتى يتشفى ويتهم، ويسب، ويجد فرصته في التعليق والقيل والقال والكلام الذي لا طائل تحته. إن علينا جميعاً مسؤولين وعلماء ومثقفين أن ننصف مجتمعاً ناله ظلم الأقارب قبل الأبعاد، وأن ننقل السلبيات من دون تضخيم أو تهويل فما الأب المعالج لابنه حريص على فضخه والتشهير به بقدر ما هوحريص على ستره وعلاجه، وأن يسمع الآخرون منا إيجابيات هذا المجتمع وامتيازاته كما سمعوا سلبياته وسيئاته، وأن نسهم في إبراز الإسهامات الجليلة المادية والعلمية والإنسانية لأهله في الداخل والخارج، وأن ننقل انطباعات من عاش فيه من غير أهله، وأن نقارن بين سلبياته وسلبيات المجتمعات الأخرى ليتبين فضله، وأن لانجعل كتاب (المملكة العربية السعودية على المحك) على ماوقع فيه أكثر إنصافاً لمجتمعنا منا، وعلينا أن نبرز للشباب النماذج الإيجابية في مجتمعه كدعوة للاقتداء والتطبيق وتعميم الخير وتوسيع انتشاره بدل أن يركز دائماً على النماذج السلبية حتى يظن المخطئ أن خطأه مقارنة بغيره يعد بسيطاً، وجرمه يسيراً، وكأني بلسان حال المجتمع يردد: بكيت من عمروٍ فلما تركته وجربت أقواماً بكيت على عمرو. * داعية، وأكاديمية سعودية. [email protected]