جهود شخصية فقط هي ما يُبقي على نوادر تراثية ثمينة لثقافة وتاريخ المملكة، من خلال قيامها على سوق التراث القديمة الواقعة وسط العاصمة خلف سوق الثميري، فيما لا تولي جهات المتخصصة اهتماماً بتلك السوق التي تحتوي على مقتنيات في شتى أنواع المجالات الثقافة والصناعية والرياضية من بداية بزوغها مع نشأة المملكة، إذ يسهم رجال السوق وأصحاب المحال فيه، من خلال خبراتهم وصداقاتهم، بإبقائها حية ومعلماً تاريخياً للمهتمين بالنوادر التراثية، ولا سيما الزائرين الغربيين. وذكر صاحب محل في سوق التراث القديم ومتخصص بالمطبوعات القديمة من كتب وصحف ومجلات ومخطوطات قديمة وصور أحمد الزهراني ل «الحياة»، أن كل بائع في هذه السوق متخصص في مجال معين من التراث، فهناك من هو متخصص بالسيارات القديمة، والمتخصص بأدوات تراثية قديمة كالدلال والأباريق والفناجين والطواحين وغيرها من الأدوات التراثية، إضافة إلى المتخصصين بالسيوف والخناجر القديمة والبنادق. وأشار إلى أن محله يحتوي على مطبوعات نوادر قديمة جداً، مثل نسخة من صحيفة البلاد لعام 1363ه، والعدد الأول لبعض الصحف السعودية منذ تأسيسها مثل صحيفة الرياض. وقال: «أعشق كل شيء قديم، ولديّ هواية جمع الصور والمطبوعات القديمة بشكل خاص، وعندي ألبومات عدة تحتوي على صور قديمة لملوك وأمراء ومشاهير سواء كانوا مثقفين أو رياضيين، إلى جانب بعض من مطبوعات الجهات الحكومية في ذلك الوقت، مثل وزارة المعارف سابقا». وأعرب عن أسفه لعد وجود اهتمام بالسوق من حيث تنظيم المحل وترميم جدرانه، إذ من المفترض أن تحول هذه السوق على شكل قرية صغيرة معبرة عن التراث القديم، بل من الممكن أن تكون معلماً سياحياً لزوار العاصمة للتسوق التراثي، لافتاً إلى أن المحل لم يخل من بعض المجلات القديمة الغربية مثل «التايم البريطانية» وبعض الصور لمشاهير السياسة سواء العرب أم الغربيين، مثل الملك فاروق والأميرة ديانا. وعن زوار المحل المتخصص بالمطبوعات، أشار إلى أن هناك تواصلاً مع بعض أساتذة الجامعة والقضاة الذين يعرفون السوق جيداً، ودائماً ما يشترون منها بعض الكتب القديمة، مشيراً إلى أنه ليس كل مواطني العاصمة يعرفون هذه السوق. وفي ما يخص العملات القديمة المتوافرة في جميع محال سوق التراث القديم، ذكر أحد المتخصصين ببيعها وشرائها أبو عبدالله أن هناك الكثيرين يحبون اقتناء العملات القديمة التي يوجد عليها صور ملوك ورؤساء دول العالم القدماء، وأن ما يميز السوق وجود حراج صغير على بعض المقتنيات التراثية، وقال: «كل يوم في إحدى الساحات الصغيرة يفتح مزاد لبيع قطع تراثية قديمة، سواء من محال السوق أم من الزائرين، من خلال صفها أمام الجميع، ثم فتح المزاد عليها، ويوجد هناك كراسي بلاستيكية لجلوس الزوار عليها». وعن الزوار الغربيين للسوق ونسبة وجودهم وترددهم عليها في الآونة الأخيرة، اتفق جميع رجالها أن الزوار الغربيين يعتبرون الفئة المستهدفة لهم، باعتبار أنهم يحبون اقتناء الأدوات التراثية القديمة سواء بشرائها أم بالتقاط الصور، وأن نسبة زيارتهم انخفضت قليلاً عند حدوث أعمال إرهابية قبل أعوام لكن عادت وتحسنت بعد ذلك. وتابع أبو عبدالله: «أصبحنا نسوّق لمقتنياتنا التراثية من خلال بعض علاقاتنا القديمة ببعض الأشخاص الغربيين الذين يعملون في حي السفارات، أو بالتواصل مع بعض المهتمين بالتراث في دول الخليج». ولفت أحمد الزهراني إلى أن السوق كانت متحفاً مصغراً للزائرين الغربيين، وأن بعض الزوار يأتون من قطر والبحرين لشراء المقتنيات التراثية من السوق وعرضها على الأجانب في بلادهم، مشيراً إلى أن سوق التراث الموجودة بقرب سوق الزل المتخصصة بالعود والبشوت الملكية وغيرها تعاني من فقدان الأمن لقلة حراسها.