يشق خافيير هرنانديز غوتييريز طريقه بصبر في صفوف مانشستر يونايتد سعياً إلى تحقيق مراده، وتأكيد أنه لا يعوّل فقط على الإرث الكروي الذي يحمله. هرنانديز هو أول مكسيكي يلعب مع مانشستر يونايتد، «امتياز» يريد أن يكون قيمة مضافة إلى موهبته الواعدة. ويوم تألق في صفوف «الشياطين الحمر» أمام فالنسيا الإسباني ضمن دوري أبطال أوروبا، وسجل هدف الفوز بتمريرة من الإيطالي ماكيدا، مساهماً في إحراز فريقه فوزه الأول في إسبانيا منذ عام 2002، «اعترفت» الصحافة الإنكليزية بجدارته وثمنّت جهوده وما صبّ من عرق على المستطيل الأخضر. فوصفته «ذي تايمز» ب«المنقذ»، ابن ال22 ربيعاً الذي ضمه السير ألكس فيرغوسون في مقابل 10 ملايين دولار. ويؤكد خبراء أن هرنانديز «محرّض» جيد لزملائه في خط الهجوم، على رغم أنه لا يشارك أساسياً في المباريات، ما جعل أهدافه مقتصرة على أربعة، ريثما تتبدّل الظروف وتتوافر المعطيات الميدانية. وينتظر هرنانديز أو «تشيتشاريتو» اقتناص الفرصة المناسبة، وهو مقتنع تماماً أن «فيرغوسون مدرب ذكي ويعرف الوقت الملائم لإدخالي ضمن التشكيلة الأساسية». ويبدو أنه بدأ اكتساب الديبلوماسية اللازمة لتسويق نفسه، خصوصاً بعدما حيته الصحافة الإنكليزية «المتطلبة». واللافت أن هرنانديز لا يضع اسمه على القميص، بل يضع لقبه المكسيكي «تشيتشاريتو» الذي يعني حبة البازيللا الصغيرة. وهذا اللقب يعود إلى والده خافيير الذي يلقّب ب«تشيتشاريت» أي حبة البازيللا، نسبة إلى لون عيونه الخضر المميز. واستغرب المسؤولون في مانشستر رغبة هرنانديز في كتابة هذا الاسم على القميص، لكنه اعتبره «إرثاً من والدي وتذكيراً بهويتي اللاتينية. كما أظن أنه يحمل لي فأل خير في مسيرتي». خشية في غير محلها وانطلاقة «صغير العائلة الكروية» بدأت العام 1997، عندما كان في التاسعة من عمره، إذ انضم إلى بوانتس غوادالاخارا، وتدرّج في صفوفه على رغم عدم رغبة والده بهذا الأمر، الذي طالما برر رفضه بقوله إن «لاعب الكرة هو لاعب سعيد في عزّ مسيرته، وتعيس بعد الاعتزال، إلا إذا حصل على عقد مع ناد أوروبي كبير». ويضيف: «لم أكن أظن أن ابني سيفعل هذا الأمر، لكن يبدو أن تاريخ العائلة لعب مجدداً الدور الحاسم». وعندما يشير إلى تاريخ العائلة الكروي، فإن هرنانديز الأب يقصد إنجازات طبعت في ذاكرة الطفل خافيير الرغبة في التقدم في هذا المجال. فجدّ هرنانديز لوالدته، توماس بالكازار، سبق له أن خاض مونديال 1954 مع المكسيك، وسجل إصابة في تلك المسابقة. وهو كان من أوائل المشجعين لحفيده لخوض عالم الكرة، ولكنه لم يرغب أن يراه يلعب خارج المكسيك لصعوبة تأقلم المكسيكيين في البلدان الأوروبية تحديداً. أما خافيير الوالد، فقد خاض بدوره المونديال الذي استضافته المكسيك على أرضها صيف 1986، وهو تميز بصلابته في خط الوسط. وعندما قرر «تشيتشاريتو» تجربة غمار الاحتراف في العام 2003، وهو في سن ال15، تفرّغ والده لمرافقته بعدما كان يدربه مع فريق الأحداث في النادي. وخاض هرنانديز الصغير موسمه الأول مع غوادالاخارا عام 2006 – 2007، ولكنه لم يتمكن من الحصول على أدوار مهمة قبل موسم 2008 - 2009 الذي شهد تألقه بشكل بارز. واسترعى يومذاك انتباه جيم لويلر، رئيس كشافي مانشستر يونايتد الذي سارع إلى إعلام إدارة النادي الإنكليزي بوجود لاعب موهوب قادر في المستقبل على سدّ الفراغ الذي سيخلفه رحيل كريستيانو رونالدو. لكن مع تألق واين روني في الموسم الماضي، تم غضّ النظر عن الصفقة، إلا أن لويلر كان يصر دائماً على هذا الأمر. وأحضر تسجيلات لهرنانديز وعرضها على فيرغوسون الذي وصفه ب«القنبلة الصاروخية المميزة بالسرعة والضرب من الجهتين»، فأعطى الضوء الأخضر لعملية الانتقال التي جرى التفاوض عليها سرياً في آذار (مارس) الماضي، إلى حين أُعلنت رسمياً في تموز (يوليو)، عقب انتهاء مونديال جنوب أفريقيا. ويوضح «تشيتشاريتو» أن الهدف من السرية «كان عدم إزعاج الأهل الذين لم يكونوا راغبين بمغادرتي للبلاد، هم يظنون أن الدوري الأوروبي مقبرة المكسيكيين، لكني أسعى لإحضارهم إلى مانشستر للسكن معي». من جهته، يكشف لويلر أن الحرص على «سرية الصفقة» كان تفادياً ألا «يسرق اللاعبَ نادٍ آخر»، باعتبار أن «هرنانديز كان سيشارك في المونديال مع منتخب المكسيك. وبالتالي سنجد صعوبة في الحصول على توقيعه، لأنه سيتألق هناك وقد يتلقى عروضاً أفضل». وقد فاجأ هرنانديز صحافيين بريطانيين كثراً بموهبته الفذة في جنوب أفريقيا، إذ أسهم في بلوغ المكسيك الدور الثاني مسجلاً إصابة التقدم في مرمى فرنسا (2 - صفر) في الدور الأول. كما سجل الإصابة الرائعة ضد الأرجنتين (1 - 3) بعد الهدف المثير للجدل الذي سجله الأرجنتيني كارلوس تيفيز.