حققت مرشحة اليمين المتطرف لانتخابات الرئاسة الفرنسية مارين لوبن اختراقاً لا سابق له بانضمام رئيس حركة «فرنسا الواقفة» نيكولا دوبون إينيان (ديغولي) إلى حملتها لمنافسة مرشح الوسط إيمانويل ماكرون في الدورة الثانية الحاسمة المقررة في 7 أيار (مايو) المقبل، ما أدى إلى ردود فعل غاضبة أبرزها لرئيس الوزراء السابق آلان جوبيه (اليمين) الذي وصف هذه الخطوة بأنها «خيانة». وشكل هذا التأييد تحولاً لافتاً في موقف إينيان الذي حصد نسبة 4،5 في المئة من الأصوات في الدورة الأولى للانتخابات التي أطلق فيها على لوبن كل أنواع الأوصاف السلبية والعدائية. وبرر إينيان هذا التحول بالمصلحة العليا لفرنسا، ورغبته في قطع درب الرئاسة على ماكرون الذي «سيرهن مصير البلاد بمصالح الأوساط المالية الدولية»، مؤكداً عدم سعيه إلى إشباع أي طموح شخصي. لكن موقف الترفع هذا لم يمنع ظهوره في مؤتمر صحافي مشترك مع لوبن التي أعلنت عزمها إسناد رئاسة الحكومة إلى إينيان إذا فازت بالرئاسة. وأدى هذا التأييد الذي بدا مستحيلاً قبل سنوات، إلى استقالات احتجاج في حركة «فرنسا الواقفة» كونه يعطي دفعة أكيدة لليمين المتطرف في إطار حملة تتسم بارتفاع نسبة المترددين والممتنعين عن التصويت، وانتقادات غاضبة في الوسط السياسي أبرزها لجوبيه الذي دعا مجدداً الناخبين إلى الاقتراع لمصلحة ماكرون لأنه «الوحيد القادر على تجنيب فرنسا مآسي الجبهة الوطنية». ووصف جوبيه موقف إينيان بأنه «خيانة»، لكنه لم يوفر مجمل الطبقة السياسية عبر انتقاد الموقف «الملتبس» لزعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي أحجم عن دعوة مؤيديه لتأييد مرشح الوسط، وانتقد الحزب الاشتراكي «المنهار». وندد جوبيه أيضاً بموقف «التذاكي» الصادر عن حزبه «الجمهوريين» الذي دعا إلى الوقوف ضد لوبن، وليس لتأييد ماكرون، «ما يشجع على الامتناع عن التصويت أو الاقتراع بورقة بيضاء، ويفاقم التشوش العام الذي تنمو عليه الجبهة الوطنية»، محذراَ من أن «ما كان يبدو مستحيلاَ في الأمس بات ممكناً اليوم، وتولي اليمين المتطرف الحكم يؤدي إلى زلزال سياسي وجغرافي وكارثة اقتصادية وهزيمة أخلاقية». إلى ذلك، قالت لوبن في مقابلة مع تلفزيون «بي أف أم» إن «لا أحد في قيادة حزب الجبهة الوطنية يدافع عن إنكار المحرقة اليهودية»، وذلك تعليقاً على تنحي جان فرانسوا جلخ الذي اختير رئيساً موقتاً للحزب الذي كانت تتزعمه، من أجل الدفاع عن نفسه في مواجهة اتهامات بأنه يشارك المنكرين للمحرقة اليهودية آراءهم. وتابعت في المقابلة: «انفصلت عن والدي بسبب كلمات غير مقبولة»، علماً أنها كانت طردت قبل عامين والدها جان ماري من الحزب الذي أسسه، من أجل تنقية صورة الحزب من اتهامات بكراهية الأجانب ومعاداة السامية، وجعله مقبولاً لدى قاعدة أكبر من الناخبين. وقبل سنوات، وصف جان ماري غرف الغاز النازية التي قتل فيها اليهود بأنها مجرد «حدث ضمن أحداث تاريخية».