تشهد سوق التأمين السعودية عمليات اندماج بين عدد من شركات التأمين المدرجة في سوق الأسهم المحلية، في خطوة من شأنها مواجهة أزمة الخسائر التي تعاني منها بعض الشركات. ويأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه الرياض اليوم، انطلاق أعمال «ندوة التأمين السعودي الرابعة»، التي يناقش فيها أكثر من 30 خبيراً ومتخصصاً في قطاع التأمين، سبعة مواضيع تتركز في التحديات التي تواجه القطاع، إضافة إلى تطوير منتجات وخدمات تأمين المركبات، والحوكمة في قطاع التأمين، والموارد البشرية وابتكار الخدمات التأمينية بهدف تقديم خدمة تأمينية منافسة. وأكد خبراء تأمين أن عمليات الاندماج إيجابية في ظل التحديات التي تواجه قطاع التأمين، وأولها رؤوس الأموال الصغيرة، التي أسست فيها شركات تأمين وعدم وجود شركاء لهم خبرات فنية ومشهود لهم بالكفاءة. وقال خبير التأمين الدكتور طارق الفايز إن عمليات الاندماج بين شركات التأمين تعتبر إيجابية، على رغم أنها جاء متأخرة، ولكن أن تصل متأخراً خير من ألا تصل، فالواقع هناك تحديات عدة في قطاع التأمين، أولها رؤوس الأموال الصغيرة التي أسست فيها شركات تأمين، وعدم وجود شركاء فنيين مشهود لهم بالكفاءة ما عدا بعض الشركات العالمية، وكذلك إنشاء جميع شركات التأمين في التوقيت نفسه، ما جعل السوق تتقاتل على الكفاءات البشرية ذاتها، وبالتالي أصبحت رواتب معروضة أعلى بضعفين من موظفي البنوك، وعلى فارق أن من عمل في القطاع منذ تأسيسه كان يحتاج إلى وقت طويل لوصوله إلى مناصب تنفيذية، ولكن لشدة الطلب والحاجة انتقل الموظف الجديد، وأصبح في مركز لا يمتلك فيه المؤهلات التي تخوله للوصول إلى هذا المنصب بهذه الفترة القصيرة. وأشار إلى أن الشركات التي صمدت وحققت أرباحاً ودربت في قطاع التأمين، هي من تعي الآن تقديم الخدمات الأفضل وأصبح اسمها أقوى، وهي قادرة على تعويض نقص شركات التأمين. وعن حاجة السوق السعودية إلى شركات تأمين جديدة، أوضح أن هناك شركات تأمين عملاقة تراقب عن بعد حتى ترى الفرصة المناسبة للدخول في السوق السعودية، لافتاً إلى أن هناك أربع مجموعات تترقب الدخول في وقت مناسب لها. وعن أسعار التأمين، أكد الفايز أن هناك بعض أنواع تأمين شهدت تراجعاً بالأسعار، وبعضها أنا شخصياً أراه قليلاً، فنحن مثلاً على تأمين سيارات من أعلى دول حوادث، وقتلى يوجد لدينا ما يعادل 20 حالة وفاة يومية، وهذا إن ضربت العدد في دية سترى رقماً مرعباً، ما عدا إصلاح مركبات، وإصلاح إذا حصل ضرر في أملاك الدولة أو أملاك أحد من المواطنين، مشيراً إلى أن أسعار التأمين ما زالت منخفضة، والأسعار يحكمها الخبير الاكتواري، فيرى المحفظة التأمينية لكل شركة وكل غطاء تأميني ويسعره بناء على سعره. فيما قال الاقتصادي ومدير الأبحاث بشركة الخير كابيتال سعد الفريدي، إن نمو الشركات يعتبر من أهم معايير النجاح في الوقت الحالي، ولذلك ترغب معظم الشركات في البقاء والنمو من خلال زيادة حصتها السوقية وتنويع أعمالها أو تحسين التكامل الرأسي لأنشطتها، كما تدفع الأحوال الاقتصادية العامة والمنافسة وغيرها الشركات إلى التوسع في نشاطاتها وزيادة حجم أعمالها. وأشار إلى أن جميع الشركات بشكل عام، وشركات التأمين بشكل خاص تواجه في هذا الشأن بديلين، الأول يطلق عليه التوسع الخارجي، ويشير إلى الزيادة الطبيعة في النشاط من خلال التوسع في حجم الإنتاج والفروع، وإضافة خطوط إنتاج جديدة والتوسع الجغرافي لمناطق البيع والتوزيع، ويمول هذا النوع من التوسع بسبل التمويل العادية كالإبقاء على الأرباح في النشاط، وكذلك إصدار الأسهم والسندات، أما النوع الثاني للتوسع فيتم من خلال الاندماج مع شركات أخرى قائمة كما هو حاصل في بعض شركات التأمين، ويقصد بالاندماج بصفة عامة اتحاد مصالح بين شركتين أو أكثر، ويتم هذا الاتحاد من خلال المزج الكامل بين الشركتين لظهور كيان جديد يكون عادة هذا الكيان أقوى من الشركتين قبل الاندماج، ويعتمد تحقيق الاندماج بين الشركات على الإرادة والرغبة لاتحاد القوة الاقتصادية، ووضع الشركات والشركات الفردية تحت ظل إدارة موحدة، ولا شك في أن الإدارة الناجحة من عملية الاندماج هي أكثر كفاءة وأكبر مقدرة من الإدارة السابقة للمشاريع الفردية قبل الاندماج، نتيجة استفادتها من الكفاءات الإدارية، وهذا لا شك في مصلحة الأطراف في المشاريع الاقتصادية من مساهمين وحملة أسهم. وتوقع الفريدي أن تشهد سوق التأمين السعودية خلال المرحلة المقبلة اندماجات كبيرة، إذ إن عدد شركات التأمين العاملة في السوق السعودية حالياً نحو 34 شركة، ومن المتوقع أن يندمج بعض منها وينخفض العدد إلى 17 شركة تأمين، ومن المتوقع أن يتكون كيانات اقتصادية قوية في السوق تقدم خدمات منافسة وجيدة.