كان التائب جابر الفيفي الذي سلم نفسه إلى السلطات السعودية، عن طريق اليمن، يحلم أن يكون لاعباً لكرة القدم في أحد الأندية السعودية، إلا أنه وكما يقال: تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فبدلاً أن يكون الفيفي زميلاً لنجوم كرة القدم وبطلاً رياضياً، زامل أعضاء الفئة الضالة، وبدلاً من اللعب بكرة القدم راح يلعب بالقنابل التي تحصد أرواح الأبرياء. ترك الفيفي عمله في المديرية العامة للسجون في جدة وهو يحلم بالانضمام لأحد الأندية لمزاولة لعبة كرة القدم، إلا أن الحماسة غير المنضبطة غلبت على أمنياته وتمنياته وقرر الانضمام إلى لواء المجاهدين الشيشان تحت غطاء تنظيم «القاعدة» في معسكر الفاروق في أفغانستان، خصوصاً وأنه سمع عن أحداث 11 من أيلول (سبتمبر) 2001، ولم يعرف موقع الحادثة. وكانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أن المطلوب الأمني رقم 20 في قائمة ال85 جابر جبران الفيفي (الملقب ب «أبو جعفر الأنصاري»)، سلم نفسه للسلطات الأمنية السعودية، بعد أن أجرى اتصالاً من مكان تواجده في اليمن، بالمختصين في مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية في الرياض. وأوضح التائب جابر الفيفي في اعترافات جديدة، بثها التلفزيون السعودي أمس، أنه دخل أفغانستان خلال رحلته من السعودية إلى قطر ثم باكستان، وتسلل هناك عبر مرشدين تواصل معهم، ولم يكن يعرف في ذلك الوقت تنظيم «القاعدة»، وكان معظم الذين تدربوا من أجل الالتحاق بطالبان أو الشيشان عن طريق أفغانستان، لاسيما وأن هدفه كان الدخول إلى الشيشان بعد اطلاعه على الأفلام المرئية التي كان يشاهدها مع بعض جماعة المسجد في الحي الذي يقطنه في الطائف (غرب السعودية). وقال الفيفي انه تدرب في معسكر الفاروق، ويتلقى زاده اليومي من المضافات التي خصصت للراغبين الذي ينوون الدخول إلى الشيشان وغالبيتهم من العرب، وانتقل كمقاتل إلى الصفوف الأمامية في منطقة القتال في منطقة باغرام. وأضاف: «انسحبت من الصفوف الأمامية إلى مدينة جلال آباد، بسبب أن موقعنا كان في الخنادق، والتحالف الشمالي أمامنا وبعد شهر بدأ القصف، وتقدم التحالف الشمالي وكسروا المناطق، ما اضطر «الطلبنة» بالتراجع وبالتالي سقطت كابل، وانتقلنا إلى المدينة التي خلفها وهي جلال آباد، وانسحبنا منها بعد 24 ساعة إلى جبال (تورا بورا) التي يتواجد فيها العرب، ولم أكن أعلم ما يدور في وسائل الإعلام من الأحداث، لاسيما أن بعضهم رجح لي أن أحداث 11 سبتمبر كانت في الصين». وأشار التائب إلى أن الانتقال من منطقة إلى أخرى هو قرار اختياري يعود للشخص نفسه، على أن ينظم إلى أمراء الأفغان، وهناك خليط من الجنسيات معظمهم سعوديون ويمنيون، والفئات العمرية التي تقاتل معنا تتراوح بين 20 و25 عاماً، وبقينا في جبال (تورا بورا) شهر رمضان كاملاً، وانقطع عنا الطعام، ما اضطر أصحاب القرى القريبة منا، إلى مقاتلتنا للخروج من أراضيهم، وتوجهنا نحو الحدود الباكستانية وعددنا 300 شخص نصفهم سعوديون. وأضاف: «طلب منا أن نضع أسلحتنا على الأرض في مقابل الدخول إلى القرى الباكستانية بواسطة شخص من الجنسية الأفغانية، حتى انتهى بنا المطاف إلى أحد الأحواش ثم تمّ تسليمنا إلى الجيش الباكستاني، ونقلنا في سيارات من نوع (باص) إلى أحد السجون في مطار عسكري، ونقلنا بعدها إلى معتقل غوانتانامو في طائرة عسكرية أميركية. ولفت الفيفي الذي نشأ في مدينة الطائف ولم يكمل تعليمه الابتدائي إلا أنه انتقل إلى العمل في مديرية السجون في الطائف إلى جدة، وذلك من أجل الانضمام إلى نادي الأهلي، كونه هاوياً لكرة القدم، إلا أن النادي في ذلك الوقت كان يخوض تدريبات مغلقة للاستعداد لبطولة كروية، ما تسبب له بالكسل والغياب المستمر في العمل، وبالتالي اضطر إلى ترك العمل والعودة مرة أخرى إلى مسقط رأسه الطائف. وأضاف: «تعرض إلى ضغوطات من أسرته كونه عاطلاً عن العمل، ويعود إلى منزله قبيل الفجر، وكانت أسرته تحثه على مسألة الصلاة كونه يعيش في أسرة محافظة، فبدأ بالالتزام من دون علم شرعي، وارتاحت أسرته عندما تشاهده محافظاً على صلاته، وتعرض إلى مرحلة صدام مع أسرته عندما بدأ بتكسير التلفزيون كونه في نظره في ذلك الوقت محرماً». وذكر أنه انضم إلى بعض جماعة الحي من خلال المسجد، وكانوا يشاهدون خلال جلساتهم مقاطع مرئية عن أحداث الشيشان، وبدأت الحماسة غير المنضبطة في الخروج إلى الجهاد، بعد أن أوهم أسرته بأنه خارج إلى المنطقة الشرقية من أجل البحث عن عمل.