دخلت دار الإفتاء المصرية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية أمس على خط حشد الناخبين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية قبل نحو عشرة أيام من انطلاق اقتراع المغتربين، فيما علمت «الحياة» أن قانون تنظيم الانتخابات التشريعية بات في طوره النهائي وسط اتجاه لاعتماد المنافسة على مقاعد البرلمان بالنظام المختلط الذي يجمع بين القائمة والنظام الفردي. ويطل وزير الدفاع السابق المرشح للرئاسة عبدالفتاح السيسي اليوم في مقابلة تلفزيونية، فيما يزور منافسه مؤسس «التيار الشعبي» حمدين صباحي مدينة المحلة الكبرى العمالية في دلتا النيل، في ثاني جولاته الانتخابية بعد زيارة لمحافظة أسيوط في صعيد مصر. وتستعد اللجنة التي كان شكلها الرئيس الموقت عدلي منصور ويترأسها وزير العدالة الانتقالية والمجالس النيابية محمد أمين المهدي لصوغ تعديلات على مشروعي تنظيم قانون الانتخابات البرلمانية ومباشرة الحقوق السياسية، لعرض تعديلات مقترحة على «حوار مجتمعي» قبل نهاية الأسبوع. وكشف ل «الحياة» عضو بارز في اللجنة أن القانون بات في طوره النهائي. ورجح اعتماد النظام المختلط بين القائمة والفردي للمنافسة على مقاعد المجلس. وقال: «نركز خلال الأيام القليلة المقبلة على البحث في نسب توزيع المقاعد بين القائمة والفردي، إذ اننا نضاهي كل نسبة مع مساحة الدوائر الانتخابية، كما أن إلزام الدستور الجديد بنسب تمثيل معتبرة لبعض الفئات المهمشة (كالمرأة والشباب والعمال والفلاحين والمعوقين)، محل دراسة دستورياً، فهناك رأي يرى أن هذا النص معناه تخصيص حصص لهذه الفئات، ورأي آخر يرى فيها إلزاماً على المشرع بوضع معايير تيسر على تلك الفئات الوصول إلى البرلمان». وأوضح أن التعديلات المقترحة ستكون جاهزة قبل نهاية الأسبوع «تمهيداً لعرضها على حوار مجتمعي واستقبال آراء الأحزاب فيها». ورغم إلزام الدستور الجديد ببدء إجراءات الاستحقاق التشريعي قبل منتصف تموز (يوليو) المقبل، غير أن أحزاباً أظهرت انشغالاً بالاستحقاق الرئاسي غير الممثلة فيه بالأساس، فأعلنت أحزاب «المؤتمر» و «التجمع» و «الوفد» و «المصريين الأحرار» و «النور» السلفي تنظيم مؤتمرات وحملات جماهيرية لدعم السيسي، فيما تتحرك أحزاب «الدستور» و «التحالف الشعبي» و «الكرامة» لدعم صباحي. إلى ذلك، دعت دار الإفتاء المصريين إلى المشاركة في الانتخابات «بكل مسؤولية وأمانة، والالتزام بما ستسفر عنه نتائجها». وقالت في بيان إن «على جموع الشعب المصري الحرص على اختيار رئيسها بكل مسؤولية وأمانة بما يتواءم والمصالح العليا للدين والوطن». وشددت على أنه «بمجرد إعلان المرشحين تكون على كل مواطن مسؤولية مهمة، لا ينبغي له أن يتجاهلها أو يدير لها ظهره، وهي الإسهام في إعادة بناء هذا الوطن، وأن يحكم كل مواطن ضميره ويختار من تتوافر فيه شروط القيادة والقدرة على إدارة شؤون البلاد والعباد». ورفضت دعوات مقاطعة الاقتراع التي تتبناها جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها، معتبرة أن تلك الدعوات «تضر بالوطن والمواطن». وأكدت أن «الإسلام يحضنا على الإيجابية والبناء والمشاركة وينفر من السلبية والمقاطعة». وطالبت ب «الالتزام بما ستسفر عنه نتائج هذه الانتخابات الرئاسية وما ستقرره لجنة الانتخابات». وأعربت عن أملها في «أن تتم الانتخابات وفق إرادة الشعب ومعبرة عن مستقبله وتطلعاته كي تسترد مصر مكانتها بين العالم». وبالمثل، قال بطريرك الأقباط البابا تواضروس الثاني إن «الكنيسة لن تدعم مرشحاً للرئاسة ولن تطالب الأقباط بانتخاب مرشح معين على الإطلاق، فكل مرشح سيقدم برنامجه الخاص به». وأضاف: «أقول لكل مواطن، مسيحياً كان أم مسلماً، اقرأ البرنامج بنفسك واختر من تريده رئيساً... الجدار الكبير يبنى طوبة وراء طوبة وصوت جنب صوت يختار مرشحاً صالحاً للبلد». ودافع في مقابلة مع صحيفة «حامل الرسالة» الكنسية عن قوله قبيل الاستفتاء على الدستور ان «نعم تزيد النِعم»، معتبراً أنه «ليس من باب دخول الكنيسة في السياسة ولكن اشتركنا في اللجنة التأسيسية للدستور وفي صياغة مواده وهددنا بالانسحاب عندما رفضنا الموافقة على بعض المواد وعندما تعدلت وافقنا... إذا كنا موافقين على الدستور فكيف أقول لا للدستور، والكنيسة قالت نعم؟ لم أوجه أحداً للموافقة، بل أقول هذا كمواطن مصري يعشق تراب هذا البلد وليس كبطريرك». ويظهر السيسي اليوم للمرة الأولى منذ تخليه عن قيادة الجيش وإعلان ترشحه في مقابلة تلفزيونية تذاع مساء سيركز فيها على «تعريف المصريين بنفسه وطرح أفكاره لإدارة البلاد وبعض ملامح برنامجه»، وفقاً للمسؤول الإعلامي في حملته أحمد كامل الذي أوضح ل «الحياة» أن البرنامج الانتخابي للسيسي «سيعلن رسمياً خلال أيام، فليس من المعقول إطلاق البرنامج من دون أن يتعرف المصريين الى المرشح». وأشار إلى أنه «تتم دراسة الشكل الذي سيظهر به السيسي مجدداً معلناً برنامجه سواء كان في خطاب للمصريين أم مقابلة تلفزيونية جديدة». وعن حملات الترويج للسيسي، أوضح كامل: «بدأنا بفعاليات إلكترونية هدفها التوجه إلى الشباب، فيما بدأت لجنة الشباب في التفاعل مع الشارع، وتعقد الأحزاب الداعمة للسيسي مؤتمرات جماهيرية». وكان السيسي الذي حصل في شكل رسمي على رمز «النجمة» أعلن خلال لقائه مجموعة من الإعلاميين أول من أمس أن برنامجه الانتخابي يتضمن «مشاريع كبرى تم الانتهاء من وضع دراسات جدوى متكاملة لها»، موضحاً أن «جوهر المشاريع التي يتضمنها البرنامج ينطلق من منظور العدالة الاجتماعية والاعتماد على مشاريع قومية كبرى كثيفة العمالة». وقال: «أشعر بمعاناة الناس ولا أغازل الفقراء بهذا الكلام فقد جئت منهم وأعرف ظروفهم». وكشف أن برنامجه «يتضمن إحياء دور القطاع التعاوني لأنه غير هادف للربح وقادر على إحداث التوازن في الأسعار»، مشيراً إلى أن برنامجه الانتخابي «يتضمن مشروعاً اقتصادياً أساسياً وآخر زراعياً ضخماً يتيح عودة الإنتاج الزراعي إلى مستوى مقبول». وأكد حرصه على «دعم الفلاح وضرورة عودة الدورة الزراعية». ولفت إلى أن حديثه عن ضرورة العمل هو «دعوة إلى عودة الاهتمام بالقطاع العام والمشاريع العملاقة»، مشيراً إلى أن «القضاء على البطالة ورفع مستوى معيشة الطبقات الفقيرة لا يعتمد على مساعدات بقدر ما يعتمد على توفير فرص عمل تتيح حياة كريمة». وشدد على أنه «لا إقصاء لأحد ولا بد من عودة اللحمة إلى المصريين»، مشيراً إلى أنه «غير محمل بأي عداء لأحد». لكنه استنكر في شدة الحديث عن المصالحة مع جماعة «الإخوان المسلمين»، قائلاً: «كيف أذهب للتصالح مع من أخطأ في حق المجتمع، وحمل السلاح في مواجهة الشعب والجيش والشرطة؟ هم الذين عليهم التقدم للمصالحة والاعتذار إلى المصريين». ورأى أن «بداية المشكلة في مصر كانت عندما ظهرت قيادات دينية بخلفيات متطرفة وحاولت أن تحكم مصر... هذه القيادات نظرت إلى الواقع من دون أن تتحمل مسؤولياته، ولم تكن لديها خلفية علمية أو استراتيجية لبناء الدولة». وقال إن «الخطاب الديني المنعزل عن الواقع خلق مشكلة في نسيج المجتمع المصري، وأنا عشت وترعرعت في حي ليس فيه أي مشكلة بين المسلم والمسيحي، ولم يكن أحد يستعدي دين الآخر، ولكن وجدنا أنفسنا نتحرك في اتجاه مختلف حتى بين المسلمين وبعضهم بعضاً نتيجة الخطاب المتطرف الذي أتحدث عنه». وحذر السيسي من أن «الوطن لو سقط مرة لن يعود ثانية، والمشكلة التي يعاني منها بعضهم أنهم غير مدركين لما قد يحدث في المجتمع في حال استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه»، موضحاً أن «هذا لن يكون أبداً في مصلحة الوطن، والإعلام هو المسؤول عن تشكيل وعي المواطنين، وهذا يحتاج دائماً إلى معلومات ودقة في الطرح والتناول». وأكد أن «الأمن يواجه تحديات كبيرة في الوقت الراهن، ومستوى تعامل أجهزة وزارة الداخلية مع القضايا الأمنية المختلفة في الوقت الراهن جيد جداً، في حال مقارنته بحجم التحديات الموجودة في المجتمع». واعتبر أن «هناك تياراً في المجتمع يرى أنه فقد فرصة العودة إلى المجتمع بعدما تشكل رأي عام غير قابل لدعمه مرة أخرى». وأشار إلى أن «العالم في الوقت الراهن متعدد المصالح والعلاقات، ونحن لا نتقاطع مع الآخرين أو نعارض مصالحهم، طالما أن الآخرين يحترموننا، ولا يعتدون على حدودنا أو أرضنا»، مؤكداً أن «مصر تواجه تحديات كبيرة في الوقت الراهن على الكثير من الاتجاهات الاستراتيجية وليس على اتجاه واحد فقط». وتعقيباً على الحديث عن عودة رموز الحزب الوطني المنحل إلى المشهد، قال السيسي إن «كل من نطلق عليهم مجموعات مصالح هم في النهاية مصريون، ويجب أن نستدعي قوى الخير الموجودة لديهم بدل استدعاء قوى الشر، والبلد كلها تحتاج التكاتف والتعاون من دون إقصاء لأحد، فليس مطلوباً أن نقاطع الناس، ولو لم نحل مشاكل هذا البلد، فلن يكون لنا أو لغيرنا». لكنه شدد على أنه «غير محمل بمجاملات من أحد في الداخل والخارج... أنا محسوب على اثنين فقط: الله سبحانه وتعالى والمصريين... أنا راجل صادق وأمين وليست لدي فواتير لأسددها لأحد». وأوضح أن «المصريين مروا بثورتين عظيمتين خلال السنوات الثلاث الماضية، من أجل حاجتهم إلى التغيير والطموح إلى الأفضل، ونحتاج خلال الوقت الراهن الحديث عن نقاط الاتفاق بين المصريين وليس نقاط الخلاف والمناطق الشائكة». ورأى أن «القوات المسلحة هي الركيزة والدعامة الحقيقية للدولة المصرية وهي الضمير الوطني للمصريين، وليست ملكاً لأحد، بل لكل المصريين، ولا ترى سوى مصر فقط، ولا ترى يساراً أو يميناً أو أي توجه آخر».