ينتظر أهالي محافظة الأحساء، افتتاح متنزهات عامة، مُغلقة منذ نحو أربع سنوات، بعد تأجيرها من جانب وزارة الزراعة، على إحدى الشركات، بهدف تطويرها واستثمارها. ويعتبر سكان القرى الشرقية والشمالية هذه المواقع من أهم المتنفسات وأماكن الترفيه والتسلية وقضاء أوقات الفراغ، وبخاصة للعائلات، التي تأتي بصحبة أطفالها. وتزايدت الانتقادات بعد ان لمس الأهالي بطء عمليات التطوير. وأغلقت الشركة المستأجرة متنزه الشيباني، الواقع في بلدة القارة، خلال شهر شعبان من العام 1427ه. كما أغلقت في الوقت ذاته موقعاً آخر في متنزه الأحساء الوطني، الواقع في بلدة العمران. فيما أغلقت شركة أخرى موقع متنزه جواثا منتصف شهر رمضان من العام التالي. وقبل أشهر، أُغلق موقع متنزه صويدرة. والمواقع الأربعة قريبة من بعضها، ويرتادها آلاف الزوار من داخل الأحساء وخارجها. وأثار طول مدة الإغلاق من دون تطوير فعلي على أرض الواقع، حفيظة الأهالي، الذين انتقدوا «بطء التنفيذ». فيما يتردد ان الوزارة «غير راضية» على تأخر الشركات المنفذة في إنجاز هذه المواقع، إذ لوح مسؤولون في الوزارة إلى احتمال سحب المشروع من الشركات المنفذة. وقال مدير المنتزهات الوطنية في الأحساء، التابعة لوزارة الزراعة المهندس محمد الحمام، في تصريح ل «الحياة»: «تعرضت واحة الأحساء للكثير من المشاكل، أبرزها زحف الرمال، وتقلص المساحات الزراعية، وكذلك تكّون المستنقعات. لذا سعت وزارة الزراعة إلى إنشاء مشروع حجز الرمال، لحل هذه المشكلة، من خلال تنفيذ المشروع عام 1382ه، لحماية الواحة والقرى المهددة من زحف الرمال عليها. وتبلورت فكرة المشروع، لتصبح مشروع منتزه الأحساء الوطني بعد إحياء 4500 هكتار (45 كم مربع) من الصحاري، بتشجيرها، وتحويلها إلى غابة كثيفة، وموطن لبعض الطيور، مكونة حياة فطرية متوازنة». ويقع المنتزه شمال شرق الأحساء (20 كم من الهفوف). وصمم على شكل حرف «L»، إذ يمتد الجزء الرئيس منه على امتداد الجهة الجنوبية لحقل الكثبان الرملية. فيما يمتد الجزء الآخر على امتداد سبخة الأصفر. ويبلغ طول المصد 20 كيلومتراً، ويتراوح عرضه بين 250 و750 متراً. وأضاف الحمام، أن «وزارة الزراعة طرحت موقعاً بمساحة 5.8 مليون متر مربع، للاستثمار. وهذا الموقع الأول للاستثمار (المشروع العام). ويقع داخل المنتزه، وهو عبارة عن منطقة كثبان رملية، تنتشر عليها أشجار بكثافة، تقدر بنحو 15 في المئة. وسلم الموقع للشركة المنفذة، قبل أربع سنوات، لتطويره، وتحويله إلى موقع سياحي، يحوي ملاعب وبرك سباحة، وذلك ضمن دراسة فنية شاملة، وافقت عليها الوزارة. ويفترض بحسب الاتفاق، أن يسلم الموقع بعد خمس سنوات من استلامه. إلا أن الشركة لم تبدأ في العمل في الموقع، حتى الآن». وعزا أسباب تأخرها، إلى أن «المواقع المستثمرة هي أول مواقع يتم استثمارها على مستوى المملكة. لذا حرصت الوزارة وبالتنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار على تذليل الصعاب كافة التي تواجه الشركة. وتم عقد اجتماعات عدة في هذا الصدد، آخرها اجتماع مع وكيل الوزارة لشؤون الزراعة. ووجدت الشركة كل الدعم من الوزارة. ونتمنى أن لا تضطر إلى سحب المواقع، بسبب الإخلال في شروط العقد»، مشيراً إلى أن الشركة ذاتها هي أيضاً «مسؤولة عن تطوير الموقع الثاني للاستثمار، وهو منتزه الشيباني، الذي تبلغ مساحته 274 ألف متر مربع. ويقع شمال قرية القارة، وشرق الحليلة. ويبعد نحو 17 كيلومتراً عن الهفوف. والموقع مُشجر بالكامل. وسلم للشركة أيضاً منذ أربع سنوات. ولم يتم تنفيذ سوى 10 في المئة من المشروع». وعلى رغم ان المشروع «مُشجر بالكامل»، إلا أن الشركة أزالت معظم الأشجار الموجودة في المنتزه، وستحول المكان إلى كتل خراسانية. وبرر الحمام ذلك بأنه «من خلال الدراسات المقدمة؛ يتضح بأن الشركة لها توجه إلى زراعة أنواع معينة من الأشجار، في مواقع بين المنشآت التي سيتم إنشاؤها». وعن منتزه جواثا ذي البعد التاريخي، وذلك لوجود مسجد جواثا، الذي أُغلق قبل أربع سنوات، قال: «المنتزه طُرح أيضاً للاستثمار. وتبلغ مساحة المنطقة المشجرة بالكامل 121 ألف متر مربع، وسلم إلى شركة وطنية أخرى، لاستثمار 1.8 مليون متر مربع، تشمل المنطقة المشجرة، التي تمثل 6.5 في المئة من إجمالي مساحة المنتزه، على أن ينتهي العمل منه وتسليمه بعد خمس سنوات». وأغلقت وزارة الزراعة موقع منتزه صويدرة الواقع غرب قرية المقدام، وتبلغ مساحة المنطقة المُشجرة فيه 475 ألف متر مربع، ومساحة الموقع المطروح للاستثمار تفوق مليوني متر مربع، تشمل المنطقة المشجرة، التي تمثل نسبة 23 في المئة من إجمالي المساحة. وقال الحمام: «سيتم تنفيذ مشروع سياحي في المنتزه، ضمن دراسة وافقت عليها الوزارة. وأتمنى أن يكون هناك تكامل بين المشاريع الأربعة، للرفع من مستوى السياحة في الأحساء»، مبيناً أن عدد سنوات الإيجار في جميع المنتزهات الأربعة، هي «25 سنة. والوزارة تسعى إلى زيادة المدة»، مبيناً أن شروط الاستثمار، «تتكون من 27 بنداً، ضمن ضوابط وتوافق بين الأطراف، مع الحرص على تسهيل مهام الشركات في الاستثمار، بحكم أن هذه المشاريع الأولى من نوعها على مستوى المملكة. وأتمنى أن تخرج إلى النور قريباً».