نالت التشكيلة الوزارية غير المكتملة التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس ثقة البرلمان بعد أكثر من تسعة أشهرعلى إجراء الانتخابات في السابع من آذار (مارس) الماضي، على أن يتم خلال الأيام المقبلة استكمال التشكيلة للتصويت عليها. وكان المالكي أرجأ أول من أمس إعلان حكومته بسبب تأخر «القائمة العراقية» و «ائتلاف الكتل الكردستانية» في تقديم أسماء وزرائهما المرشحين. وقدم ليل الاثنين - الثلثاء تشكيلة غير مكتملة وبرنامجاً حكومياً مقترحاً إلى رئيس البرلمان أسامة النجيفي. وبدأت جلسة البرلمان المخصصة للتصويت على أسماء المرشحين للحكومة الجديدة بحضور 279 نائباً من أصل 325. وصوّت النواب بالإجماع على تعيين المالكي رئيساً للوزراء ووزيراً بالوكالة على رأس الداخلية والدفاع والأمن الوطني إلى حين تسمية مرشحين لها، كما صوّتوا بغالبية كبيرة على اختيار روز نوري شاويس نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للتجارة بالوكالة، وحسين الشهرستاني نائباً لرئيس الوزراء لشؤون الطاقة ووزيراً للكهرباء بالوكالة، وصالح المطلك نائباً لرئيس الوزراء. واحتفظ هوشيار زيباري بوزارة الخارجية وأضاف إليها وزارة الدولة لشؤون المرأة بالوكالة، وعُين رافع العيساوي وزيراً للمال، وعبدالكريم لعيبي وزيراً للنفط، وعلي الأديب وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي، وهادي العامري وزيراً للنقل، ومجيد حمد أمين وزيراً للصحة، وأحمد ناصر دلي وزيراً للصناعة، وعز الدين عبدالله حسين وزيراً للزراعة، ومهند سلمان السعدي وزيراً للموارد المائية، ومحمد صاحب الدراجي وزيراً للإسكان، وجاسم محمد جعفر وزيراً للشباب والرياضة، وحسن الشمري وزيراً للعدل، ومحمد توفيق علاوي وزيراً للاتصالات، ونصار الربيعي وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية، وعبدالكريم ياسين وزيراً للعلوم والتكنولوجيا، وسركون صليوه وزيراً للبيئة، وسعدون الدليمي وزيراً للثقافة، ومحمد شياع السوداني وزيراً لحقوق الإنسان. الجعفري وعلاوي وألقى زعيم «تيار الإصلاح» عضو «التحالف الوطني» إبراهيم الجعفري كلمة قبل التصويت دعا فيها الحكومة إلى «ضرورة العفو عمن أخطأ في السابق». ورأى أن «عليها فتح أبوابها للجميع»، داعياً «جميع العراقيين في الخارج إلى العودة». وأوضح أن «المرحلة المقبلة ستواجه تحديات كبيرة يمكن تجاوزها في حال تم العمل بصورة جماعية». وشدد على ضرورة «إنهاء ظواهر الفساد المالي والإداري والسياسي المستشري في البلاد». وتلا زعيم «القائمة العراقية» أياد علاوي كلمة قال فيها: «في وقت نشهد انفراجاً بتشكيل الحكومة بعد مخاض عسير ونتمنى لها النجاح، يدفعنا هذا الأمر إلى أن نعلن دعمنا الكامل للحكومة، وسنقوم بدورنا الفعال والمنتج طالما وجدنا روح الاتفاق والشراكة». وطالب بالالتزام بالوعود التي قطعتها الكتل لتتوزع المناصب بصورة عادلة. وشدد على أن «طي صفحة الماضي شيء ضروري، وهو من متطلبات المرحلة المقبلة، وهذا الأمر لا يتضمن ترميم بيتنا الداخلي، إنما ترميم وضعنا الخارجي وطمأنة الدول بأن العراق يحترم اتفاقاته». ووصف المهمة المقبلة بأنها «ليست سهلة وقد تكون محفوفة بالمخاطر والتحديات، لكن قد تتكسر (هذه المخاطر) بالوفاق السياسي». وأكد رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي دعم البرلمان للحكومة الجديدة. وقال في كلمة بعد التصويت إن «المرحلة التي نعتزم اجتيازها هي من أشد مراحل العراق تعقيداً في خضم التحديات، ونحن نؤمن بوجوب الحفاظ على وطننا ومواطنينا وضمان كامل الحقوق والحريات». وشدد على «ضرورة توفير الخدمات الأساسية للشعب العراقي وضمان حقوق الأسرة والرعاية الاجتماعية، وأهمية الإعلام الوطني ودوره الأساس في نشر الوعي الديموقراطي». وقال عضو «ائتلاف الكتل الكردستانية» فؤاد معصوم إن ائتلافه «يبارك مجلس النواب والحكومة الجديدة، ويأمل بتقديم كل الوزارات للتصويت عليها خلال الأيام المقبلة». انتقادات لتغييب النساء وألقت النائب آلاء طالباني كملة بالنيابة عن الكتلة النسوية، طالبت فيها المالكي «تهكماً» بمنح «وزارة الدولة لشؤون المرأة إلى أحد الأعضاء الرجال لعدم ثقة رئيس الحكومة بكفاءة المرأة»، على خلفية خلو وزارته من النساء. غير أنها قالت: «سنصوت لحكومة المالكي لأننا لا نريد أن نعاقب الشعب العراقي، إذ تشعر المرأة اليوم أكثر من أي يوم آخر أن الديموقراطية ذُبحت في العراق». وأضافت أن «غياب المرأة عن التشكيلة الحكومية الجديدة هو تهميش لدورها وتهميش لكل المطالبات السابقة بمنصب نائب رئيس الوزراء أو نائب رئيس الجمهورية». وأشارت إلى أن «التشكيلة الحالية مخالفة لمواد دستورية عدة، لذلك نطالب المالكي بإسناد حقيبة الدولة لشؤون المرأة إلى أحد زملائنا الرجال، وذلك لعدم ثقتكم بكفاءة المرأة وإدارتها للوزارات، ونطالب رئيس الجمهورية بدعوة قادة الكتل إلى اجتماع عاجل لبيان الموقف من هذه القضية». وكانت الكتلة النسوية انتقدت في مؤتمر صحافي صباح أمس عدم وجود أي امرأة في التشكيلة الحكومية. برنامج الحكومة وأعلن النائب الأول لرئيس البرلمان قصي السهيل أن اللجنة المكلفة دراسة البرنامج الحكومي، قررت الموافقة على البرنامج «وتثبيت بعض الملاحظات». وقبل أن يعرض المالكي أسماء الوزراء، قاطعه النائب المستقل في «التحالف الوطني» رئيس لجنة النزاهة السابق صباح الساعدي مطالباً بالتأكد من حصول المرشحين للوزارات على شهادات جامعية وتدقيق أسمائهم من قبل «هيئة النزاهة العامة». وطالب بتقديم المرشحين تعهدات خطية بالتنازل عن أي جنسيات ثانية كما ينص الدستور، ما قوبل بترحيب واسع في قاعة البرلمان. وبرر المالكي إرجاء البت في مرشحي عدد من الوزارات « لعدم ترشيح نساء لشغل بعض المناصب الوزارية ووجود بعض المرشحين الذي لم تقدم كتلهم أي معلومات عنهم». ووعد بعدم حضور جلسة البرلمان المقبل «في حال عدم تقديم نساء للمناصب الوزارية المتبقية». وقال إن «الحكومة الحالية لا ترضي طموحي لأنها صيغت وجمعت بطريقة استثنائية». بيد أنه أضاف أن «الحكومة الحالية ستكون أقدر وأقوى من الحكومة السابقة... في هذه الحكومة طاقات ورجال نتمنى أن تتضافر جهودهم لإنجاح المهمة، ونحتاج إلى جهد البرلمان». وأشار إلى أن برنامج حكومته الثانية «يتضمن الحفاظ على دستور العراق والالتزام به والعمل بكل ما أقره، وعدم إجراء أي تعديلات لاحقاً إلا وفق المادة 142 من الدستور، وتحقيق الاستقرار السياسي وتوزيع قاعدة المشاركة في العملية السياسية». وأضاف أن البرنامج «يتضمن ترسيخ دولة المؤسسات وبناء دولة القانون واتباع الأصول الإدارية والمؤسساتية وفق مبدأ المواطنة، واعتبار الوزارات ومؤسسات الدولة هوية وطنية وملكاً للشعب وليست هوية الحزب أو الوزير، واحترام حقوق الإنسان في شكل يضمن للجميع حرية التعبير عن معتقداتهم وآرائهم وشعائرهم في ظل القانون». وأشار إلى أن «المنهاج الحكومي يؤكد نبذ العدوان والإرهاب والتمييز والالتزام بمحاربة الطائفية ومنع أي محاولة للعودة بالبلاد إلى عهود الاستبداد والديكتاتورية والإرهاب والتكفير ومصادرة الآخر، وإدامة العمل لتحقيق أفضل العلاقات مع محيط العراق العربي والإقليمي والدولي، والانفتاح على العالم وحل المشاكل العالقة مع دول الجوار التي خلفها النظام السابق». وتابع أن البرنامج «يتضمن حق العيش في سلام وأن يكون العراق نموذجاً في الإخاء والتسامح، وتعزيز النجاحات الأمنية والسياسية والديبلوماسية التي حققتها حكومة الوحدة الوطنية في توقيع اتفاق سحب القوات الأجنبية وفق الجدول الزمني المعلن واستعادة السيادة الوطنية، واستكمال بناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية على أسس وطنية ومهنية، وبسط سلطة القانون وحصر السلاح بيد الدولة ورفض أي نشاط عسكري أو أمني من قبل أية جهة، وإعادة النظر في قانون الانتخابات وتشكيل المفوضية العليا للانتخابات بما يضمن تحقيق مفوضية تجمع بين الكفاءة والحيادية». وأوضح أنه يشدد أيضاً على «حل المشاكل العالقة مع دول الجوار وتوثيق العلاقات على أسس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وضبط الحدود واستكمال بناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بعيداً من الانتماءات الضيقة والالتزام بالدستور في مكافحة الإرهاب، وعدم السماح بتسييس الأجهزة الأمنية واحترام حقوق الإنسان، وأن يكون القضاء مستقلاً ويجب دعمه وفرض هيبته وتذليل الصعوبات التي تعترض عمله». وفي جانبه الاقتصادي، ينص البرنامج على «رعاية العتبات المقدسة ودور العبادة وتقديم الدعم الكامل لها ودعم السياحة الدينية وتوزيع المسؤوليات والتوظيف بما يحقق العدالة وإكمال مشروع المصالحة الوطنية والمضي به لتحقيق كل الأهداف، ومتابعة تنفيذ عقود النفط والغاز مع الشركات العالمية الكبرى، بما يزيد عائدات العراق وتحرير الاقتصاد من النظام المركزي إلى نظام السوق وتحقيق الاستقرار للاقتصاد ومعالجة ظاهرة البطالة وتطوير القطاعين الصناعي والتجاري والإسراع بتطوير البنى التحتية وحمايتها وتفعيل وتشجيع الاستثمار لمختلف مستويات الدخول وبناء وحدات سكنية للفقراء وذوي الشهداء».