أعرب بابا الفاتيكان فرنسيس عن أمله بأن تسهم زيارته القاهرة المقررة بعد غد، في تعزيز الحوار بين الأديان، في الوقت الذي استنفرت السلطات المصرية، خصوصاً الأمنية، لوضع اللمسات الأخيرة على الزيارة التي تستمر يومين، يلتقي خلالها البابا الرئيس عبدالفتاح السيسي وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وبطريرك الأقباط الأرثوذكس البابا تواضروس الثاني، قبل أن يترأس صلاة ستقام السبت في استاد الدفاع الجوي شمال شرقي القاهرة. وقال البابا فرنسيس في رسالة مصورة وجهها إلى المصريين: «بقلب فرح وشاكر، سأزور بعد أيام قلائل وطنكم العزيز: مهد الحضارة، وهبة النيل، وأرض الشمس والضيافة حيث عاش الآباء البطاركة والأنبياء، وحيث الله الرؤوف والرحيم، القدير والواحد، أسمع صوته... كصديق ورسول سلام»، مشيراً إلى أنه يأمل بأن تكون هذه الزيارة بمثابة «عناق تعزية وتشجيع لجميع مسيحيي الشرق الأوسط، ورسالة صداقة وتقدير لجميع سكان مصر والمنطقة، ورسالة أخوّة ومصالحة بين جميع أبناء إبراهيم، خصوصاً مع العالم الإسلامي الذي تحتل مصر فيه مكانة رفيعة». وقال إنه يتمنى أن تشكل الزيارة هذه أيضاً «إسهاماً مفيداً في حوار الأديان مع العالم الإسلامي»، لافتاً إلى أن «عالمنا الممزق من العنف الأعمى الذي ضرب أيضاً قلب وطنكم العزيز (مصر)، يحتاج إلى السلام، والمحبة، والرحمة، إنه يحتاج إلى صانعي السلام، لأشخاص أحرار ومحررين، لأشخاص شجعان يعرفون كيف يتعلمون من الماضي ليبنوا المستقبل، من دون أن ينغلقوا في الأحكام المسبقة، إنه يحتاج إلى بناة جسور للسلام والحوار والأخوة والعدل والإنسانية»، مؤكداً أنه سيأتي إلى مصر «بقلب ممتن ومبتهج». وقدم رئيس اللجنة التنسيقية للزيارة، مطران الأقصر للأقباط الكاثوليك الأنبا عمانوئيل، الشكر إلى مؤسسات الدولة لما قدمته من تسهيلات لنجاح الزيارة، داعياً الأقباط الكاثوليك في مصر إلى حضور الصلاة التي سيترأسها البابا فرنسيس. ومن المقرر أن تبدأ صباح اليوم في مشيخة الأزهر الجلسة الثانية من الحوار بين مجلس حكماء المسلمين الذي يترأسه شيخ الأزهر، ومجلس الكنائس العالمي، في إطار الجولة الخامسة من الحوار بين حكماء الشرق والغرب تحت عنوان «دور القادة الدينيين في تفعيل مبادرات المواطنة والعيش المشترك». وأوضح بيان أن هذه الجولة من الحوار «تتناول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، منها: آليات تفعيل مبادرات المواطنة والعيش المشترك، ودور القادة الدينيين في نشر قيم التعايش والتسامح، كما ينظم مجلس الكنائس العالمي زيارة لمركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، وذلك للاطلاع على الجهود التي يقودها الأزهر الشريف في مواجهة الفكر المتطرف وتصحيح المفاهيم المغلوطة»، مشيراً إلى أن من المقرر أن يشارك في هذه الجولة أعضاء مجلسي حكماء المسلمين، والكنائس العالمي والأمين العام لمجلس الكنائس القس الدكتور أولاف فيكس. في موازاة ذلك، عقد وزير الخارجية سامح شكري لقاءً مع رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس مساء أول من أمس على هامش زيارته العاصمة اليونانية أثينا. وأوضح الناطق باسم الوزارة أحمد أبوزيد أن رئيس الوزراء اليوناني استهل اللقاء بتقديم واجب العزاء في شهداء العمليتين الإرهابيتين في طنطا والإسكندرية، معرباً عن تضامن بلاده الكامل مع مصر في حربها ضد الإرهاب. كما أكد شكري أنه حرص على طلب اللقاء مع رئيس وزراء اليونان على هامش المشاركة في منتدى الحضارات القديمة للتأكيد على الاهتمام الكبير الذي توليه مصر لتطوير وتعزيز العلاقات مع اليونان وإعطائها دفعة قوية في شتى المجالات، إذ تناول متابعة مشاريع التعاون الثنائية القائمة، وآلية التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص التي انعقدت مرات على المستوى الوزاري، وكذلك على مستوى القمة. وأكد حرص مصر الكبير على تدعيم هذه الآلية ووضع المشاريع التي تتضمنها موضع التنفيذ، وعلى رأسها مزارع الزيتون والتعاون في مجال الموانئ، إذ أعرب رئيس الوزراء اليوناني عن تطلعه لأن تشهد المرحلة المقبلة دخول تلك المشاريع حيّز التنفيذ لما لها من عائد متوقع في مصلحة الدول الثلاث، وباعتبارها دليلاً عملياً على التطور الذي شهدته العلاقات المصرية - اليونانية - القبرصية خلال الفترة الأخيرة. واعتبر شكري أن تعزيز آليات التعاون والتنسيق بين مصر واليونان يعكس رؤية استراتيجية مشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في منطقة شرق المتوسط. وأعرب عن تقدير مصر البالغ للدعم الذي قدمته القيادة اليونانية لمصر عقب الحادثين الإرهابيين الأخيرين في طنطا والإسكندرية، وكذلك دعم اليونان مصر في المحافل الأوروبية المختلفة، وتفهم الجانب اليوناني ما تمر به مصر من مرحلة دقيقة وما تواجهه من تحديات. وذكر الناطق باسم وزارة الخارجية أن شكري، رداً على استفسار رئيس وزراء اليونان، استعرض المواقف المصرية تجاه الأزمات الإقليمية في كل من سورية وليبيا واليمن والعراق، بالإضافة إلى القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن ملف مكافحة الإرهاب استحوذ على جانب كبير من اللقاء، إذ ثمّن رئيس الوزراء اليوناني الرؤية المصرية الشاملة في التعامل مع ظاهرة الإرهاب، وكذلك في مكافحة الهجرة غير الشرعية التي تعد أحد الشواغل المهمة لدى الجانب الأوروبي، وأشاد بالمواقف المصرية المتوازنة تجاه قضايا المنطقة وأزماتها، باعتبار مصر حجر زاوية في استقرار المنطقة العربية وشرق المتوسط.