يتوجه الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع اليوم، للمشاركة في الدورة الأولى لانتخابات الرئاسة التي يلف نتائجها عدم يقين تعزز عقب الاعتداء الذي وقع عند جادة الشانزيليزيه. والمؤكد أن هذا الاعتداء الذي حوّل موضوع الأمن والإرهاب إلى محور رئيسي في إطار اليوم الأخير للحملة الانتخابية (الجمعة الماضي)، سيكون له أثر على صعيد نتائج الدورة الأولى التي يتنافس فيها 11 مرشحاً، وسط مخاوف من أن يسقط الفرنسيون في «فخ» الإرهاب وتختلط عليهم مصالحهم في ظل المخاوف الأمنية. وفي مؤشر واضح إلى تأثير الاعتداء الذي أدى إلى مقتل رجل أمن وإصابة اثنين آخرين بجروح في العملية الانتخابية، كتبت صحيفة «لوفيغارو» (يمين) في عنوانها العريض أمس: «ظل الإرهاب يخيم على الدورة الأولى». لكن صحيفة «ليبراسيون» (يسار) اختارت الذهاب أبعد من ذلك بتحديدها المرشّحَين اللذين يمكن أن يستفيدا من الاعتداء ويرتقيا إلى الدورة النهائية للانتخابات المقررة بعد أسبوعين. ونشرت الصحيفة على صفحتها الأولى صورة لمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن والمرشح الديغولي فرانسوا فيون وعنونت «أياً يكن باستثنائهما»، داعية الناخبين إلى عدم وضع ثقتهم بالاثنين تحت وطأة الصدمة. كذلك، لم تخف أوساط الاتحاد الأوروبي خوفها مما تصفه ب «زلزال» سياسي يحمل أحد النقيضين: زعيمة «الجبهة الوطنية» أو مرشح «فرنسا التي لا تخضع» جان لوك ميلانشون الذي يتزعم اليسار الراديكالي. وكانت لوبن أول من سعى إلى قطف نتائج الاعتداء من خلال كلمة وجهتها إلى الناخبين اعتبرت في إطارها أنها الأكفأ والأكثر إرادة في تطبيق إجراءات جذرية في مواجهة الإرهاب. وكذلك فعل فيون محاولاً بدوره حصد ما أمكن من أصوات المترددين الذين يشكلون ثلث الناخبين، متعهداً بمواجهة «التوتاليتارية الإسلامية بيد من حديد». هاتان المداخلتان دفعتا رئيس الحكومة برنار كازنوف إلى الخروج عن تحفظه، لينتقد موقفي المرشحين ويتهمهما بالسعي إلى تقسيم صفوف الفرنسيين، مشيراً إلى أن لوبن تستغل «بلا خجل» الخوف والتأثر (من الإرهاب) لأغراض سياسية. وفي الساعات الأخيرة المتبقية قبل فتح صناديق الاقتراع، أجمع المحللون على أن التوتر الناجم عن اعتداء الشانزيليزيه وما سبقه من اعتقال شخصين في مرسيليا كانا بدورهما يعدان لاعتداء في إطار الحملة الانتخابية، سيكون حاضراً في أذهان الناخبين. ويرى بعضهم أنه قد يؤدي إلى تعزيز موقعي لوبن وفيون، لكن آخرين يعتبرون أن تأثيره يمكن أن يتمثل في حض المترددين والممتنعين عن التصويت على الإقبال على صناديق الاقتراع. ويبدو صعباً تقدير وقع التهديد الأمني على صعيد آراء الناخبين، خصوصاً أن القانون الفرنسي يحظر نشر نتائج الاستطلاعات بعد توقف الحملة، لكن هذا التهديد من شأنه أن يعزز التقارب القائم أصلاً بين المرشحين الأربعة الرئيسيين، وهم إضافة إلى لوبن وفيون وميلانشون، مرشح الوسط الجديد إيمانوييل ماكرون. وكانت الاستطلاعات المختلفة التي سبقت اعتداء الشانزيليزيه تشير إلى أن ماكرون ولوبن هما الأوفر حظاً بالتنافس في الدورة الثانية في 7 أيار (مايو) المقبل من دون إغلاق الباب أمام إمكان تحقيق اختراق يعدل هذه النتيجة من فيون أو ميلانشون. غير أن بعض المراقبين لم يخف إمكان تصدّر لوبن النتيجة بعد الاعتداء. وفي ظل إجراءات الأمن المشددة التي اتخذت لحماية العملية الانتخابية، يبقى للناخبين أن يحددوا اليوم، مدى الخوف وعدم الطمأنينة لدى الناس وما سيمليه ذلك من خيارات.