أكد السفير الألماني لدى الرياض فولكمار فينتزل حرصهم على إضافة عنصر جديد، في العلاقة بين السعودية وألمانيا، وتمثل في الحوار بين الثقافتين السعودية والألمانية، لافتاً إلى أنها فكرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله والحكومة السعودية، التي تصب في صميم الحوار بين الحضارات، والذي تدعمه كذلك الحكومة الألمانية بقوة. وقال في حديث إلى «الحياة»: إن السفارة حاولت جمع السعوديين والألمان المهتمين بالأنشطة الثقافية المشتركة في السفارة الألمانية، مشيراً إلى محاولاتهم الخروج بهذه الأنشطة من الحي الديبلوماسي والرياض، والوصول إلى أماكن مثل الدماموجدة وبريدة وإلى المؤسسات السعودية مثل الأندية الأدبية والجامعات والمجالس والدوائر المهتمة بالشأن الثقافي.إلى تفاصيل الحوار: يستمر الربيع الثقافي السعودي الألماني 2010 منذ أشهر، ما الفكرة وراء المشروع الكبير؟ - لقد كانت لدينا في عام 2008 هنا في الرياض أسابيع ثقافية ناجحة، فقررنا أن نتابع ونبني على هذا الأساس. لكننا أردنا إضافة عنصر جديد وكانت هذه الإضافة تتمثل في الحوار بين الثقافتين السعودية والألمانية. وهذه هي فكرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله والحكومة السعودية، التي تصب في صميم الحوار بين الحضارات، والذي تدعمه كذلك الحكومة الألمانية بقوة. لذا حاولنا أن نجمع السعوديين والألمان المهتمين بالأنشطة الثقافية المشتركة في السفارة الألمانية. ومن جهة أخرى، حاولنا الخروج من الحي الديبلوماسي والرياض ونصل لأماكن مثل الدماموجدة وبريدة وإلى المؤسسات السعودية مثل الأندية الأدبية والجامعات والمجالس والدوائر المهتمة بالشأن الثقافي. ما المناطق الواعدة لمثل هذه الأنشطة الثقافية القائمة على الحوار؟ - في البداية كنا نفكر بمجالات التعاون التقليدية. ومن المعروف تقليدياً أن ألمانيا والسعودية تشتهران بالأدب والشعر. لذلك كان لدينا في نيسان (أبريل) شعراء ألمان شباب أتوا إلى المنطقة الشرقية. واستمروا في ورشة عمل مع شعراء سعوديين بدأت في العام الماضي في برلين. وفي مجال علم الآثار لدينا تعاون طويل الأمد في تيماء بين معهد الآثار الألماني والهيئة السعودية للسياحة والآثار. ويقوم علماء الآثار السعوديون والألمان معاً بالتنقيب عن الحضارات التي كانت موجودة في شبه الجزيرة العربية منذ آلاف السنين. وتعرض النتائج بانتظام على الجمهور السعودي والدولي، سواءً في المتحف الوطني أو في السفارة الألمانية. كما قمنا بالطبع بتعزيز التعاون الأكاديمي عبر حضورنا القوي في المعرض الدولي للتعليم العالي في كانون الثاني (يناير) وعبر «اليوم الألماني» في جامعة الملك سعود في الرياض. لكننا رأينا كذلك أن مناطق أخرى تفاعلت بشكل إيجابي جداً مع مبادرتنا. فقد عرضنا في السفارة الألمانية في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي منحوتات من جميع أنحاء المملكة. كما أن هناك مجالاً آخر كذلك مثل التصوير السينمائي يبين مدى الإمكانات الكبيرة التي يمكن استثمارها في التعاون: فقد رأينا يوم 9 حزيران (يونيو) الفيلم القصير «دمية» للمخرجة السعودية الشابة ريم البيات، الذي لاقى رد فعل عاطفي قوي لدى الجمهور. وفي أشهر مضت شاهدنا أفلام ألمانية مميزة مثل «وداعاً لينين» و «أربع دقائق» و «على الطرف الآخر»، والتي تغوص عميقاً في القضايا الراهنة للمجتمعين الألماني والسعودي. وقد كانت جميع هذه الأنشطة أساساً جيداً للنقاش المثمر، كما أن الصحف أيضاً قد تناولتها. أخيراً وليس آخراً أدهشنا رد الفعل الإيجابي على سلسلة المحاضرات التي ألقاها أستاذ الفلسفة الألماني جورج مغلى، في مؤسسات مختلفة مثل مؤسسة الملك فيصل الخيرية وفي أماكن أخرى خارج الرياض. ما الفعاليات التي كانت مميزة، من وجهة نظرك؟ - نظمنا مشروعين كان فيهما بعض الابتكار: الأول جولة شعرية باللغتين العربية والألمانية لاثنين من الأدباء والمترجمين والمثقفين المعروفين كفؤاد رفقة ونجم والي، اللذين ترعرعا في ظل الثقافتين العربية والألمانية. فقد درس فؤاد رفقة في ألمانيا لدى الفيلسوف الشهير هايدغر وترجم العديد من أعمال غوته، وهولدرلين وريلكه وغيرهم من الكتاب الألمان الكلاسيكيين. أما نجم والي مشارك فقد نشط في الحياة الفكرية الألمانية المعاصرة. وقد قاما بجولة في المملكة من خلال الأندية والمجالس الأدبية. وهما يعتبران أفضل مثال على أنه يمكن في نهاية المطاف للثقافة أن تمد الجسور وتعبر الحدود بين الحضارات، إذا كانت هناك حدود حقيقية بين الحضارات أصلاً. وكان المشروع الثاني المثير للاهتمام هو الاحتفال باليوم الدولي للمرأة في 8 آذار (مارس). إذ حضرت الأستاذة الألمانية المشهورة والمتخصصة في شؤون السعودية، أولريكه فرايتاغ من برلين وناقشت في ندوات عدة مختلف قضايا الاهتمام المشترك مع النساء الألمانيات والسعوديات. بالطبع أنا نفسي لم أتمكن من المشاركة ولكن بحسب ما فهمت، فقد كانت القضية الرئيسية لكلا الطرفين هو فهم وضع ومشكلات الطرف الآخر. أما مشروعي المفضل، إن كان لا بد من البوح به، فقد كان شيئاً لم نتوقعه أبداً عندما خططنا في البداية للربيع الثقافي السعودي – الألماني، وهو محاضرة الدكتور هانكة: في ثمانينات القرن الماضي، بدأ مهندس معماري ألماني من محبي الثقافة السعودية، وهو الدكتور المشهور هانكة، بالاهتمام بفن العمارة الطينية التقليدي في المملكة. وبالصدفة، وصل إلى قرية سدوس وأقام علاقة صداقة مع أسرة المعمر السعودية. وفي ال 20 سنة التالية أو نحو من ذلك انشغل بحضور المباني والمنشآت في هذه القرية الرائعة وبدأ يمعن التفكير في مبادئ ومنطق تنظيمها. وقد مثلت استنتاجاته التي توصل إليها – بالنسبة للجمهور السعودي والألماني المشاركين في محاضرته – اكتشافاً فريداً وإثراء كبيراً. وشرح في طريقة بارعة جداً كل تفاصيل العمارة التقليدية في السعودية التي تعكس مبادئ القرآن والسنة وأسلوب حياة أهل نجد. وأعتقد أن ذلك المساء قد شكل إلهاماً لكثير من المشاركين وكان واحداً من أجمل الأمثلة على الفائدة التي يمكن أن نجنيها معاً، حينما نبذل الوقت ونبدي الاهتمام بثقافة بعضنا البعض.