انطلقت فاعليات الدورة التاسعة عشرة ل «مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة» تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية، وبرئاسة الناقد عصام زكريا. وينعقد المهرجان في الفترة من 19- 25 نيسان (أبريل) الجاري في مدينة الإسماعيلية التي تبتعد 130 كيلومتراً (شرق القاهرة)، على ضفاف قناة السويس. وتأتي الدورة الحالية عقب دورة ناجحة أقيمت العام الماضي برئاسة الدكتور أحمد عواض الذي كان يشغل حينها رئاسة المركز القومي للسينما. صعوبات وعثرات جمة صادفت المهرجان عبر تاريخه بين توقف ومثابرة وعودة، ونضال لتأسيسه ثم استمراره خاضه المخلصون. بدأ المهرجان كفكرة في ذهن شيخ النقاد السينمائيين الراحل أحمد الحضري عام 1988، فيما يعتبر الناقد هاشم النحاس هو «الأب الروحي» له كمهرجان دولي تأسس في العام 1991، إيماناً منه بأهمية هذا النمط من الأفلام ونشر ثقافتها، ولتحقيق حلم السينمائيين التسجيليين في مصر في وجود مهرجان تتنافس فيه أفلامهم. ووقع الاختيار على الإسماعيلية ليبتعد عن العاصمة التي احتكرت كل التظاهرات الفنية والثقافية المختلفة. وشغل النحاس منصب مدير المهرجان في دورته الأولى، بينما تولى رئاسته الفنان كرم مطاوع حيث كان رئيساً للمركز القومي للسينما، إذ جرت العادة أن يكون رئيس المركز القومي للسينما هو رئيس المهرجان إلا في استثناءات قليلة. ثم تولى هاشم النحاس رئاسته على مدار ثلاث دورات متتالية بين عامي (1992- 1994). سنوات الغياب توقف المهرجان فترة طويلة امتدت من 1994 إلى 2000، حتى أعاده المخرج محمد كامل القليوبي حين شغل منصب رئيس القومي للسينما، وعهد إلى الفنان صلاح مرعي برئاسة دورته الخامسة، وتولى الناقد علي أبو شادي رئاسة المهرجان لفترة طويلة بدأت من 2002 حتى 2013. وعاد المهرجان ليتوقف في 2011 بفعل اندلاع الثورة المصرية، ثم أقيمت دورته الخامسة عشرة عام 2012، برئاسة المخرج مجدي أحمد علي. بينما تولى المخرج كمال عبدالعزيز إدارته في 2013- 2014. ليتوقف خلال العام 2015. ويهدي المهرجان دورته هذا العام إلى الناقد السينمائي سمير فريد الذي توفي قبل أسابيع قليلة من انطلاقه، والمخرج محمد كامل القليوبي الذي وافته المنية في شباط (فبراير) الماضي. كما كرم مؤسس المهرجان المخرج والناقد هاشم النحاس الذي قدم قرابة 40 فيلماً تسجيلياً وقصيراً، إضافة إلى إثرائه المكتبة العربية بعدد من الترجمات، إلى 10 مؤلفات عن السينما. يتنافس هذا العام 115 فيلماً من بين ما يزيد على 2500 تقدمت للمنافسة في مسابقات المهرجان، بمشاركة 45 دولة عربية وأجنبية. وانطلق المهرجان تحت شعار «مهرجان الإسماعيلية لأهل الإسماعيلية». واختير فيلم «ما وراء الفلامنكو» للمخرج الإسباني كارلوس ساورا للعرض في افتتاح الدورة الجارية. «الحياة» التقت رئيس الدورة الحالية من المهرجان الناقد السينمائي عصام زكريا، في حوار حول كواليس المهرجان وفاعلياته. ما الصعوبات التي واجهت هذه الدورة؟ - إنها الصعوبات التي تواجه المهرجانات المصرية كافة ولا يوجد مهرجان يستطيع تغطية نفقاته عبر عروضه الخاصة أو دعم الرعاة، لاسيما أن ثقافة «الرعاية» لا تتوافر لدينا إلا في شكل إعلان فج أو أنشطة غير ثقافية، ونادراً ما وجد راع استثنائي. وساهم ارتفاع سعر الدولار في تحميل المهرجان أعباء إضافية، جراء تضاعف أسعار تذاكر الطيران وقيمة الجوائز، بينما استمرت ميزانيته المخصصة من دون زيادة ما شكل عبئاً مضاعفاً، ومع ذلك تخطينا تلك المعوقات. هل تواجه أفلام المهرجان ضعف إقبال الجمهور لاسيما أنها ليست ذات طابع تجاري؟ - تواجه الأفلام التسجيلية أو التجريبية أو الروائية القصيرة أو أفلام التحريك القصيرة مشكلات في العالم بأسره وليس في مصر وحدها، على خلاف الأفلام الروائية الطويلة. وبالفعل تعاني ضعف الإقبال. لكن «الإسماعيلية» مهرجان عريق، امتلك خبرة عبر سنوات طويلة وصار له جمهوره من متذوقي تلك الأفلام. ربما فقد جزءاً من هذا الجمهور خلال فترة توقف المهرجان لسنوات عدة، لكننا نعمل على استعادته واجتذاب آخر جديد. ما الذي يميز المهرجان هذا العام عن الأعوام السابقة؟ انصب اهتمامنا على جعل الأفلام ذات بعد جماهيري عبر إقامة ورشة للسيناريو قام بالمحاضرة خلالها ثلاثة من المتخصصين الفرنسيين على مدار يومين من أيام المهرجان دعونا خلالها طلبة معهد السينما ومختلف دارسيها للمشاركة بها، كما فتحنا الباب أمام المتطوعين، واستقبلنا عدداً كبيراً من شباب الإسماعيلية، ونظمنا على هامش فاعليات المهرجان ندوة حول «الرسوم التحريكية في كوريا الجنوبية». هل هناك تركيز على نمط معين من الأفلام؟ - راعينا التنوع والجودة في اختيار الأفلام المشاركة سواء كانت من نوع «تسجيلي قصير وطويل»، أو «تحريك» والروائي القصير، وتضم كل شريحة فئات متنوعة في الأساليب والموضوعات والدول. ما دلالة شعار هذا العام «الإسماعيلية لأهل الإسماعيلية»؟ - الجمهور هو العنصر الغائب في المهرجانات، بينما يفترض ألا يقام مهرجان بقاعات خاوية، لذا نعمل على استقطابه، كما نكرس جهودنا من أجله لأن المهرجان يستمد قيمته الحقيقية من جمهوره، وحين يحظى بالإقبال الشعبي سيحظى بمزيد من اهتمام الدولة، كما سيشجع الرعاة على دعم المهرجان مستقبلاً، لذلك وضعنا هذا الشعار وعملنا على تحقيقه بقدر الإمكان. هل جمهور الإسماعيلية فقط، أم تستقطب جمهور المحافظات الأخرى؟ - ثمة جمهور من شباب القاهرة ومحافظات أخرى يحرص على متابعة العروض، ونعمل على استقطاب مزيد من جمهور المحافظات المجاورة على الأقل. ما وسائل جذب الجمهور للسينما التسجيلية والقصيرة؟ - هناك طرق عدة بينها أنماط مشابهة ل «سينما زاوية»، وتوفير قاعات متخصصة لعرض تلك الأفلام، كما ينبغي على القنوات الفضائية الاضطلاع بدورها عبر تخصيص برنامج أو واحدة من المحطات الكثيرة لعرض تلك الأفلام، وأن تعمل وزراة التربية والتعليم على تثقيف النشء من خلال تنظيم ورش عمل يديرها متخصصون، وعرض أفلام بغية تعليمهم صناعة الأفلام تدريجياً، كي نربي أجيالاً من متذوقي الفن. مساهمة ثقافية وكيف يساهم المهرجان في نشر ثقافة الأفلام القصيرة؟ - لا تقتصر أنشطة المهرجان على فترة انعقاده فقط، بل تمتد طوال العام، حيث تقام عروض في القصور والمراكز الثقافية يصاحبها محاضرات وندوات المتخصصين لشرحها للجمهور. فنشر تلك الثقافة يتطلب جهداً كبيراً يحتاج إلى سنوات طويلة للوصول للنتائج المرجوة. وحاولنا القيام بذلك قدر الإمكان، فنظمنا فاعلية «حب مهرجان الإسماعيلية» في سينما قصر ثقافة الإسماعيلية والتي تقدم عروضاً، إضافة إلى إقامة ورش عمل لتعليم الأطفال صناعة الأفلام. كيف ترى مستقبل الأفلام القصيرة؟ - رغم أن تلك الأفلام تعاني ظروفاً اقتصادية صعبة بخاصة أنها ليست ربحية، إلا أن وسائل الاتصال الحديث بينها النت واليوتيوب، وأدوات التصوير والمونتاج الرقمية وغيرها شكلت طفرة في صناعة تلك الأفلام، ويسرت على كثير من صانعيها عملية إنتاجها وعرضها، لاسيما أن بعضهم قضوا حياتهم بانتظار شركة إنتاج تقبل تمويل أعمالهم.