لم يقتصر تهديد وادي الرمة لساكني منطقة القصيم بحصد أرواحهم وممتلكاتهم؛ بل تجاوزه إلى تهديد تلويث البيئة الباطنية والمجاورة للوادي، بعد أن كشف بحث حديث (حصلت «الحياة» على نسخة منه) أن أكبر ثلاث مدن في المنطقة (بريدة، عنيزة، الرس) تصب مياهها للصرف الصحي في مجراه. وأوضح بحث (وادي الرمة... المستقبل الاقتصادي والسياحي لمنطقة القصيم) الذي أجرته الكلية التقنية في محافظة عنيزة بالتعاون مع جامعة القصيم أن التطور العمراني السريع الذي تشهده منطقة القصيم جلب معه آثار بيئية سلبية ناتجة عن وجود كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي في مجرى الوادي قرب أهم المدن الرئيسية في المنطقة (بريده، عنيزة، الرس). وأشار البحث إلى أن الضغط المتواصل من شبكات الصرف الصحي الخام على محطات المعالجة في المناطق الثلاث أنتج نوعية مياه صرف صحي ملوثة تتجاوز النسب المحددة عالمياً، مما يسهم في تلوث مجرى الوادي في حوضه الأدنى وفي تلويث الموارد الباطنية الموجودة على عمق لا يتجاوز 100متر، وأضاف «مقارنة لنتائج التصنيف المراقب ببرنامج الاستشعار عن بعد، اتضح ازدياد ملفت للنظر من كميات الصرف الصحي المخزنة على طول وادي الرمة في حوضه الأدنى من عام 2003 إلى 2008». وأكد الباحثون أن منطقة الحوض الأدنى للوادي (شمال شرق القصيم) تمارس فيها أنشطة بشرية، متمثلة في النشاط السكاني من خلال إنشاء المباني الفردية والجماعية بطرق تخطيطية وعشوائية، ونشاط زراعي بزيادة المناطق المزروعة داخل حرم الوادي بغرض التقرب من المائدة السطحية لمياه الوادي الجوفية، وإنشاء خنادق وسدود ترابية بين الممتلكات الخاصة والعامة لتفادي حركة السيارات والماشية، ونشاط صناعي بمد شبكة الطرقات الهيكلية في نطاق التخطيط العمراني المستقبلي في المحافظات، وكذلك توسيع شبكة الطرقات السريعة واستغلال المواد الأولية للبناء من رمل وطين، ونشاط بيئي من تخزين للمخلفات الصلبة والسائلة. وأوصى الباحثون باستكمال تتبع الآثار البيئية لمياه الصرف الصحي على طبقة المياه الجوفية السطحية الواقعة بمجاورة الحوض الأدنى لوادي الرمة، كما يتعين التركيز في المستقبل القريب على كيفية تنقية هذه الطبقة باستخدام التقنيات الحديثة التي طبقت في هذه الدراسة. وحثوا على إنشاء كرسي بحث تحت مسمى «حماية وادي الرمة من التلوث»، ووضع آلية للتعامل مع الفيضانات المحتملة لوادي الرمة بإنتاج أطلس رقمي للحوض الأدنى للوادي، وتحديد كل المعالم الطبيعية والصناعية في قاعدة بيانات مكانية عملاقة تستعمل في الحالات الطارئة، إضافة إلى تنظيم ملتقى دولي في القصيم يعتني بالتلوث البيئي للموارد المائية للاستفادة من التطبيقات المتبعة في العالم المتقدم في استغلال مياه الصرف الصحي، وإيجاد البدائل الممكنة في التعامل مع مياه الصرف الصحي من تخزين أو إعادة استعمال أو الاستفادة منها في بعض الاستعمالات الزراعية والرعوية والسياحية، مع الاستفادة من الوادي ليكون وجهة سياحية.