هذا العنوان ليس لي، وإنما للشاعر عبدالمحسن حليت، الذي أطلقه على الأديب والكاتب والقاص والإعلامي، الأستاذ محمد صادق دياب، شفاه الله وعافاه، محور حديثي اليوم. هو غني عن التعريف، وله بصماته في القصة والأدب، وكان من أوائل المشرفين على «ملحق الأربعاء» التابع لصحيفة «المدينة»، الذي لا يزال يصدر إلى الآن، بعده تنقل في كثير من المواقع الإعلامية، فكان رئيساً لتحرير صحيفة «الصباحية»، ثم مديراً لمكتب مجلة «سيدتي» بجدة، ثم رئيساً لتحرير مجلتي «اقرأ» و«الجديدة»، وحالياً يرأس تحرير مجلة «الحج والعمرة»، ويكتب عموداً يومياً بصحيفة «الشرق الأوسط»، إضافة إلى ذلك فهو من أوائل المؤرخين لمدينة جدة من خلال كتابه الذي صدر على طبعتين، بعنوان «جدة... التاريخ والحياة الاجتماعية». عندما كان مشرفاً على «ملحق الأربعاء» في التسعينات كانت المعركة على أشدها بين الحداثيين والتقليديين، وكانت الصحف إما متعصبة لتيار من دون الآخر، وإما متجاهلة لهما، وظل هو توافقياً متزناً ينشر كل الإبداعات للطرفين، من دون أن ينزلق في متاهة التحيز لطرف على حساب الآخر، وكنت أنا في ذلك الوقت في بداياتي الشعرية، أرسل قصائدي على الملحق بالبريد العادي وأجدها منشورة كسائر القصائد الأخرى، إلى أن فوجئت مرة بنشره لإحدى قصائدي في الصفحة الأخيرة من الملحق، فاتصلت عليه بالصحيفة شاكرة، فقال لي لا تشكريني على إبداع يفرض نفسه، ومن تلك الفترة بدأت معرفتي به في نطاق الكتابة، موجهاً، ومشجعاً، وداعماً، حرضني على كتابة المقال، وعلمني كيف أفرق بين المقال الاجتماعي، والمقال الأدبي، يبحث دائماً عن الأقلام الجديدة التي يؤمن بفاعليتها، وكنت واحدة منهم، عندما دعاني لكتابة زاوية أسبوعية معه في مجلة «سيدتي»، ثم في صحيفة «الصباحية»، ثم في مجلة «اقرأ»، ومن خلال الكتابة معه عرفت حقيقة هذا الإنسان الرائع، المتواضع، المفكر، والساخر في آن واحد، يقف مع الجميع ويؤازر كل الذين يحتاجون إلى مساعدته، ليس على المستوى الإعلامي فقط وإنما على المستوى الإنساني العام، فهو إنسان بكل ما تعنيه هذه الكلمة الرفيعة من معانٍ سامية، لمستها في تعامله مع زوجته، وبناته، وأهله وجيرانه، ومحبيه. أذكر كيف كانت معاناته عندما كانت زوجته تعالج من مرض في القلب في الرياض، وقرر عليها الأطباء إجراء عملية جراحية عاجلة، جعلته يترك كل شيء ليبقى بجانبها فقط، بل وتشعر بالأسى والألم في كلماته عندما تحدثه مواسياً ومتسائلاً عنها، هذا الجداوي الجميل، مسكون بنسائم بحر جدة وشواطئها، وحاراتها، وأسرارها، التي لم تخلُ منها كتاباته، فهو يكتب عن أولئك الكادحين في البحر، أو في البر، يقول عنه الدكتور الناقد عاصم حمدان – لو لم يستغرقه التعليم والصحافة - لكتب رواية «الحرافيش» السعودية من بين وهج أزقة حارة اليمن، وعلى وقع الدفوف في العيد روس - وربما لتخصصه في علم النفس وحصوله على درجة الماجستير في هذا التخصص من جامعة «وسيكنسن» بالولايات المتحدة الأميركية، ميزة جعلته يخوض بفن فريد في أفكار ونفسيات شخوصه القصصية والكتابية من خلال كتابه «الأمثال العامية» ومجموعتيه القصصيتين «حكاية من الحارة»، و«ساعة الحائط تدق مرتين»، كذلك كتابه «عباقرة الأدب والفن... جنونهم وفنونهم»، وأخيراً مؤلفه «امرأة وفنجان قهوة»، إذ يجمع بين الرومانسية، والسخرية، والفكر، والنقد الاجتماعي، والسياسي. سأظل مدينة لهذا الرجل الذي أدخلني عالم الكتابة بفضل إيمانه بموهبتي، وتشجيعه لي في زمن كانت فيه كتابة المرأة عيباً وخروجاً على العرف العام، ادعوا له معي بالشفاء من مرضه الذي غيّبه عنا في بريطانيا للعلاج. [email protected]