أكد البيان الختامي للمؤتمر والمعرض الدولي السابع للتعليم العالي أن العلاقة بين التعليم والازدهار أصبحت واضحةً في عالم اليوم، وأضحى التطبيق المبتكر للمعرفة محركاً أساساً لتحقيق التقدم الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، وصارت المعرفة المتقدمة والتقنيات الحديثة تؤثر في وتيرة التنافس والتحول في طبيعة حاجات سوق العمل عبر التحولات الرئيسة في تشكيل الوظائف ومضمونها، وفي الوقت الذي تتجه فيه الدول نحو الاقتصاديات القائمة على المعرفة، يُحدد رأس المال البشري المدى الذي تستطيع عبره أية أمة تحقيق التكافؤ على الصعيد العالمي، فالموارد الطبيعية لوحدها ليست كافية لبقاء الأمم، إذ إن المعرفة هي وقود المستقبل، ومن ثم فإنه لا يمكن الاستغناء عن الجامعات في الوفاء بتطلعات ابتكار المعرفة ونشرها وتطبيقها بكفاءة ومهارة وبناء القدرات المؤسسية والمهنية والتقنية. وبين أن رؤية 2030 تقترح بناء مستقبلٍ قائمٍ على دعائم متنوعة، مع استشراف مستقبل ترنو فيه المملكة لتحقيق النمو من مملكةٍ تكتسب أهميتها من مكانتها كمهدٍ للإسلام وتعتمد على النِّعم من الموارد الطبيعية التي تتحدث هذه الرؤية عن ثروةٍ تستلهم ازدهارها من الرؤية الصائبة لخادم الحرمين الشريفين وتطلعات الشعب السعودي والإمكانات الكبيرة لشاباته وشبابه الطموح الذين هم عماد المستقبل. وأشار إلى أنه للقيام بذلك يتطلب العمل على تحقيق تحول في كثير من الأبعاد الاقتصادية القائمة، علاوة على إيجاد قطاعات جديدة، إذ إن نجاح هذه الرؤية تُعضده مشاركة الجامعات السعودية والتزامها في مبادرات تسهم في تحقيق المعرفة والابتكار، وتدعو الرؤية إلى تكوين جيل جديد رائد يسعى لبناء اقتصاد قويّ ومتنوع، وتحقيق التحول عبر تسخير جميع الطاقات والمهارات والقدرات، كما يعد نجاح التعليم في جميع مستوياته من المرحلة قبل الابتدائية إلى المرحلة الابتدائية والثانوية والتعليم الجامعي وفوق الجامعي من أهم العوامل التي تقود إلى تحقيق أهداف الرؤية، مشيراً إلى أنه يتعين على جميع القائمين على التعليم وقادة المؤسسات التعليمية أن يمارسوا دوراً مهماً في بناء القدرات التي يتطلبها المستقبل، كما ينبغي أن ينعكس ذلك على الالتزام بتحقيق الأهداف التي تم تحديدها في الرؤية. كما نص البيان على بناء نظام تعليمي يزود الخريجين بمهارات وقدرات لا تتجاوب فقط مع التغيير، بل تسهم فيه إسهاماً كاملاً، مشيراً إلى تركيز المؤتمر على بعض التحولات المطلوبة، فالتعليم فوق الثانوي يجب أن يواصل نموه مع أن التوسع ينبغي أن يتم على المستوى الاستراتيجي مع الاهتمام في التنوع المُخطط له، منوهاً إلى أننا نحتاج إلى نظام تعليمي يفي بأغراض وأهداف وطنية عدة تتضمن: تزويد الطلاب بالمهارات والمعرفة الهادفة للتطبيق والممارسة الناجحة، وغرس هوية وثقافة قوية بين المواطنين مع تمتعهم بالمقدرة على التعاون مع الأفراد من الثقافات والخلفيات الأخرى، والمشاركة البناءة من القطاعات كافة في معالجة المشكلات والتحديات القائمة وتوفير متطلبات الموارد البشرية المستقبلية. وأكد أنه لا يمكن للجامعات السعودية أن تطور قدراتها الكاملة بمعزل عن العالم، لهذا يعد التضامن والتواصل العالمي مهماً في هذا السياق، مبيناً أن المملكة استضافت سلفاً عدداً من المؤسسات التي تسعى للإسهام في الأبحاث الدولية ذات القيمة العلمية المضافة، مع تأكيدها على الحاجة إلى إبرام اتفاقات مع مختلف التحالفات الجديدة، وهناك حاجة إلى إيجاد نماذج جديدة من التعليم الجامعي للإسهام في بناء مجتمع معرفي مبدع، بينما تبقى المعرفة المتخصصة عنصراً أساساً في التعليم الجامعي، يتصف تطوير القدرات العامة بالأهمية الملحة مثل القدرة على تطوير القيادة، والقدرة على العمل بنجاح في فرق جماعية، وإمكان التفكير البنّاء للتغلب على التحديات المجتمعية والبيئية، وحل المشكلات التي تحدث في محيط العمل، والقدرة على الابتكار. وأوضح البيان أيضاً أن تطوير هذه القدرات لا يتطلب فقط إعادة التفكير في تصميم برامج التأهيل، بل يؤكد على تغيير الطرائق التي يدرسُ بها الأساتذة في الجامعات، ولن يستطيع الطلاب تعلم جميع المهارات التي يحتاجونها في قاعات المحاضرات، إذ يحتم ذلك تعلم الأساتذة مهارات جديدة خلاقة تحاكي الواقع وتطلعات المستقبل، إن هذا الانتقال لا يتحقق بسهولة ويسر على رغم أهميته، إذ تتطلب هذه التحولات الالتزام بالتغيير من القيادة على جميع المستويات من وزير التعليم، ومديري الجامعات، وعمداء الكليات، ورؤساء الأقسام مروراً بمديري التعليم وقادة المدارس، وهناك حاجة ماسة إلى هيكلة الأنظمة التعليمية على جميع المستويات، إذ ينبغي غرس المهارات والقدرات المطلوبة للمستقبل منذ عمر مبكر، ويجب ردم الفجوة وبناء الجسور بين مستويات التعليم لكي تعالج الأهداف الرئيسة للمتعلم، منبهاً إلى أن الجامعات لها دور رئيس في تحقيق هذا التحول من خلال تطوير المهارات بين الطلاب وتهيئتهم لسوق العمل وتشجيع البحث العلمي والابتكارات التي تقود إلى الازدهار والرفاهية. وأكد البيان أن خريجي الجامعات اليوم يدخلون عالماً أكثر تعقيداً مقارنة بعالم الأجيال الماضية، ويعيشون حياة مهنية في ظل اختصاصهم كطلاب ومواطنين، في خضم مجتمعات تعد أكثر حيوية وتقلباً، وأقل قابلية للتنبؤ بما تؤول إليه الأمور، لهذا يتعيّن أن يعدّوا جيداً عبر تزويدهم بحزمة من المهارات والقدرات والمعرفة التي تمكنهم من إدماج أنفسهم في عالم يشهد تغيراً مستمراً واستعدادهم لمواكبة هذه التغيرات.