عشية تصويت في استفتاء على مشروع اقترحته الحكومة لتحويل النظام رئاسياً في تركيا، انتقد رئيس حزب «الحركة القومية» دولت باهشلي تصريحات لمستشار للرئيس رجب طيب أردوغان، عن توجّه من خلال هذا النظام إلى تعديل الحكم الإداري في تركيا، وتقسيمها إلى أقاليم إدارية واسعة الصلاحيات، كما في الصين. وشكّل ذلك أول انتقاد يوجّهه باهشلي لأردوغان وحكومته، منذ تحالفهما لتمرير مشروع التعديلات الدستورية التي سيُصوَّت عليها غداً، علماً أن تصريحات مستشار الرئيس، شكري قره تبه، أثارت سجالاً سياسياً وإعلامياً في تركيا، إذ رأت فيها المعارضة إشارة واضحة إلى «مشروع سياسي سري لتحويل تركيا فيديرالية، تحت ستار النظام الرئاسي». وسأل باهشلي: «كيف يعتقد الرئيس أردوغان بأن القوميين سيصوّتون للمشروع الرئاسي، في حال ربطه بمشروع تحويل تركيا فيديرالية؟ كان عليه نفي ذلك بشدة وإقالة مستشاره». وتلا تصريحات باهشلي نقاش إعلامي صاخب، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حول سبب حديث مستشار أردوغان عن هذا الموضوع الآن. لكن الرئيس قلّل من أهمية الأمر، إذ خاطب باهشلي قائلاً: «لماذا تهتم لتصريحات شوّهها الإعلام، أدلى بها مستشار لي؟ عليك أن تثق بي أنا وبكلامي أنا». وأضاف: «إننا من أبرز المدافعين عن مركزية الحكم في تركيا، وسنكون كذلك مستقبلاً، ولا تتضمن أجندتنا مواضيع متعلّقة بنظام الولايات أو الفيديراليات أو أي شيء مشابه، ولن تتضمّن ذلك». وتعهد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم الاستقالة من رئاستَي الحكومة والحزب الحاكم، «إذا كانت التعديلات الدستورية تشمل أي مادة تؤدي إلى نظام الولايات». وتابع: «بنية الدولة الموحّدة، والأمّة الواحدة، والعلم الواحد، والوطن الواحد، هذه مبادئنا الأربعة التي لا يمكن التخلّي عنها. والسجال في هذا الشأن يُعدّ إجحافاً كبيراً في حق البلاد». ورجّح معارضون أن يكون الهدفُ من تصريحات مستشار أردوغان عن الفيديرالية وامتناع الرئيس عن الاعتراض عليها إلى أن أبدى باهشلي انزعاجَه منها علناً، كسْبَ أصوات مزيد من الناخبين الأكراد، للاشتباه في أن الرهان على أصوات القوميين ليس مضموناً بالنسبة إلى أردوغان. لكن معسكرَي أردوغان وباهشلي سارعا إلى محاولة رأب الصدع بين الجانبين، قبل ساعات من الاستفتاء، إذ أكد سميح يالتشن، نائب باهشلي، أن حزب «الحركة القومية» لن يتراجع عن موقفه الداعم للنظام الرئاسي، مشدداً على أن رئيس الحزب لم يطلب إقالة مستشار الرئيس. ويستعد الأتراك للتصويت غداً على مشروع يتضمّن تعديل 18 مادة في الدستور، تلغي منصب رئيس الوزراء، وتمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة، وتنفي صفة الحياد عنه، فتتيح للمرة الأولى أن يكون منتمياً إلى حزب سياسي. وتدعم الحكومة، ممثلة بحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وحزب «الحركة القومية» وأحزاب صغيرة يمينية وكردية، هذا المشروع، فيما يعارضه «حزب الشعب الجمهوري» اليساري و «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي وجزء من القوميين الذين انشقوا عن الحزب، ويعتبرونه خطوة نحو تفرّد أردوغان بالحكم. معلوم أن بنود هذا التعديل الدستوري، في حال إقراره في الاستفتاء، لن تُطبق إلا بعد تنظيم تركيا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 انتخابات رئاسية ونيابية وبلدية دفعة واحدة، من أجل بداية عهد جديد، كما يأمل أردوغان. إلى ذلك، أعلنت الشرطة التركية أنها احتجزت 7 أشخاص تشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «داعش»، وفي أن اثنين منهم كانا يخططان لشنّ «هجمات مثيرة» قبل الاستفتاء. وأشارت الشرطة إلى أن 4 أتراك وسوريَين وطاجيكياً استهدفوا «إثارة فوضى» في تركيا، علماً أن السلطات تعتقد بأن اثنين من الأتراك المحتجزين انضما إلى «داعش» الذي كان حضّ أنصاره على تنفيذ هجمات تستهدف الاستفتاء. وذكرت الشرطة أنها ضبطت أيضاً بطاقات هوية وهواتف خليوية وجوازات سفر، في حملات دهم نفذتها في إسطنبول منذ الأسبوع الماضي.