رأى رئيس البرلمان العربي مشعل السلمي أن التدخلات الخارجية «أثرت في القرار العربي في كثير من القضايا»، مضيفاً: «على رغم أن قضايانا وهمومنا واحدة إلا أن هناك قضايا غير متفق عليها، بسبب التأثير الخارجي الذي يلعب دوراً في إذكاء الخلافات العربية- العربية»، وشدد على أن «ما يسمى بالربيع العربي أضرّ بالدول، وزاد من هشاشة الدول المتضررة، وضاعف من الهم الاقتصادي». وأشاد السلمي بالتحرك العربي الأخير بقيادة السعودية ضد إيران، وقال: «موقف الرياض الحازم ضد النظام الإيراني هو الموقف الذي يجب أن يُتّخذ، فالنظام الإيراني أصبح مهدِّداً حقيقياً للأمن القومي العربي»، واعتبر أن «عاصفة الحزم أعادت الهيبة والكرامة العربية بعد أن ظنت إيران أنها سيطرت على القرار السياسي في عدد من الدول العربية». وفي القضية السورية، أكد رئيس البرلمان العربي أن «الحل السياسي والتفاوض السوري- السوري هو أساس الحل، حفاظاً على الشعب السوري واستقلاله»، وجدد رفض البرلمان العربي «التدخلات الإقليمية والأجنبية، أو فرض أجندات أجنبية على الشعب السوري». وحول أداء البرلمان العربي قال: نعمل على تقوية العلاقات العربية- العربية، على أساس التضامن وإعلاء مصلحة أمتنا، وذلك ضمن منظومة العمل العربي المشترك وبالصلاحيات التي أقرها القادة. وأصدر البرلمان العربي في هذا الشأن وثائق تمس شرائح مهمة من المجتمع العربي، منها وثيقة المرأة ووثيقة الشباب، كما أصدر وثيقة البيئة، وكان الإنجاز الكبير في دور الانعقاد الحالي هو وثيقة المؤتمر الثاني للبرلمان العربي ورؤساء البرلمانات والمجالس العربية التي رفعت للقمة العربية، وهي تمثل رؤية برلمانية عربية موحدة، تضمنت إحاطة شاملة بكافة التحديات التي تواجه الأمة العربية، واقتراح الحلول لمعالجتها، وفي مقدمها القضية الفلسطينية، والأمن القومي العربي، وتدخُّلات النظام الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية، والإرهاب، والتنمية، والتكامل الاقتصادي، والنزاعات والحروب التي يشهدها عدد من الدول العربية. كما أقر البرلمان التصدي لقانون «جاستا» الأميركي. وأشار السلمي إلى رسالة باسم البرلمان العربي إلى رئيس مجلس العموم البريطاني، تطلب إلغاء احتفال الحكومة البريطانية بالذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم، والاعتذار للشعب الفلسطيني عن الاحتلال والظلم الذي وقع عليه بسبب ذلك، ووردت رسالة من رئيس مجلس العموم تفيد بدراسة طلب البرلمان العربي. ورداً على سؤال حول افتقاد العرب الإجماع حول قضايا منطقتهم، قال، هناك قضايا متفق عليها وقضايا غير متفق عليها بسبب تأثيرات خارجية. فمثلاً القضية الأولى هي القضية الفلسطينية، وهي محل اتفاق من الجميع، كما أن الدول العربية تدرك أهمية الأمن القومي العربي، لأن أي اختراق لأمن أي دولة عربية يمثل اختراقاً لأمن كل الدول العربية، لكن التدخُّلات الخارجية تلعب دوراً حاسماً في إذكاء الخلافات بين الدول العربية وتؤثر في رؤيتها لمعالجة بعض القضايا. ورأى إن التدخُّل الخارجي هو السبب الرئيس للمشكلات التي يعاني منها بعض الدول العربية، وقد أدى إلى تكوين ودعم ميليشيات تعمل على تقويض الدولة وتفكيك النسيج المجتمعي عن طريق إثارة النعرات الطائفية، وهذا بدوره عزّز ظاهرة الإرهاب وخطرها على أمن الدول العربية، أما الأزمات السياسية فإن كانت نابعة من داخل المجتمع ولا تتدخّل أطراف خارجية في إثارتها، فهي أمور طبيعية تنتج من الحراك السياسي الذي يصل في بعض الأحيان إلى الأزمة وهي قابلة للحل، لكن التدخلات الخارجية هي التي تؤدي إلى حال من الاحتراب. ونؤكد هنا أن أبناء الوطن الواحد حريصون أكثر من غيرهم على دولتهم ووحدتها وقوتها، لذا ففي الغالب يتفقون. الموقف السعودي وعن الرؤية إلى الموقف السعودي تجاه إيران وتأثيره في المواقف العربية الأخرى، قال إن النظام الإيراني أصبح يمثل تهديداً حقيقياً للأمن القومي العربي، فهو مستمر في احتلاله الجزر الإماراتية الثلاث، وتدخُّله في الشؤون الداخلية للدول العربية من طريق إثارة ونشر وتغذية الصراعات والنزاعات الطائفية، وتكوين ودعم ميليشيات مسلحة هدفها تقويض سلطة الدول الوطنية، وتدريب أفراد هذه الميليشيات، ومدها بالأسلحة، لخلق الأزمات، وإدامة الصراعات، وتفتيت المجتمعات، وإصدار تصريحات غير مسؤولة ضد الدول العربية، خصوصاً ضد البحرين واليمن، تتنافى مع مبادئ القانون الدولي المتمثلة في احترام سيادة واستقلال الدول وعدم التدخُّل في شؤونها الداخلية، ولذلك فإن المواطن العربي يؤيد الموقف الحازم الذي تتبناه المملكة حيال التدخلات الإيرانية، ويرفض ما تقوم به إيران من تصرفات لا تمت لمبدأ حسن الجوار بصلة، والرد السعودي الحازم على طهران والمتمثل بقطع العلاقات الديبلوماسية معها والذي تابعه عدد من الدول العربية بقطع أو خفض علاقاتها الديبلوماسية مع طهران، فهو رد فعل متوقع لاستراتيجية بدأت ملامحها مع إظهار إيران لنواياها في السيطرة المباشرة على بعض الدول العربية، من طريق أدواتها التي زرعتها، بل وصل بها الأمر إلى استنكار ما تقوم به السعودية والبحرين للحفاظ على أمنها وتطبيق قوانينها على مواطنيها، كما رغبت في استغلال شعيرة الحج لأغراض سياسية، لكن المملكة تصدت لذلك بحزم، وتُمكِنُ قراءة الاستجابة السعودية بشكل أوضح في عاصفة الحزم، وهو ما لم تتوقّعه إيران، ولاحظنا دعماً وتأييداً كبيرين لعاصفة الحزم من كافة شرائح المجتمع العربي، لأنها أعادت الهيبة العربية بعد أن ظنّت إيران أنها سيطرت على القرار السياسي في عدد من الدول العربية. حل داخلي وحول رؤيته لحل عربي للأزمة السورية، قال: ندعم قرارات وقف إطلاق النار حفاظاً على الأرواح والممتلكات، ونؤكد أن التفاوض السوري- السوري هو أساس الحل حفاظاً على الشعب السوري واستقلاله وتماسكه ووحدة أراضيه، كما نجدد رفضنا القاطع لكل التدخُّلات الإقليمية والدولية أو فرض أجندات أجنبية على الشعب السوري، ونعتقد أن التدخُّل الخارجي في سورية- سواء من القوى الدولية الفاعلة أم النظام الإيراني والميليشيات التابعة له أم المقاتلين الأجانب من دول العالم- أسهم في إطالة أمد الأزمة وتعقيدها بدل الإسراع في حلها. وبالنسبة إلى اليمن، قال: إن التحالف العربي أثبت قدرة الدول العربية على معالجة مشكلاتها من دون تدخل خارجي، وقد سطّرت قوات التحالف العربي ملاحم في دحر قوى الظلم والبغي والميليشيات التي أرادت الخراب والدمار لليمن الشقيق، وأرادت بتخطيط ودعم وتأييد من النظام الإيراني الشر والكيد بأبناء المنطقة والأمة العربية، وظنّت أنها على قاب قوسين أو أدنى من تحقيق مخططاتها التخريبية. وأعلنّا في البرلمان العربي دعمنا التحالف العربي لعودة الشرعية في اليمن، والذي جاء بطلب من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، استناداً إلى معاهدة الدفاع العربي المشترك وميثاق جامعة الدول العربية والمادة (51) من ميثاق الأممالمتحدة، وانطلاقاً من مسؤوليته في حفظ سلامة الوطن وسيادته واستقلاله. ولدى سؤاله عن «الربيع العربي» ومدى إخلاله بأمن المنطقة واقتصادها، قال: ما يُسمى بالربيع العربي مرحلة من مراحل تفاعل المجتمعات العربية في ظل التغيُّرات التي يشهدها العالم، لكن بات جلياً أن تداعيات موجة الربيع العربي لم تقتصر على الوضع السياسي، وإنما كانت هناك انعكاسات كثيرة على النسق الاقتصادي والاجتماعي. إذ ألقت موجة الربيع العربي بظلالها على الواقع الاقتصادي المتردّي بالأساس في بعض الدول العربية، إلى جانب الاختلالات الهيكلية المزمنة في القطاعات الاقتصادية. وفي الوقت الذي تحاول السلطات التي أمسكت بزمام الأمور بعد الربيع العربي إثبات شرعيتها وسيطرتها على مصادر العنف والقوة، تجاوزت الأزمات الأمنية الداخل لتطاول البلدان المجاورة. وأدى انهيار المؤسسات العسكرية في بعض الدول إلى انتشار السلاح وتهريبه لأغراض سياسية، علاوة على تجارته غير المشروعة التي تزيد من التهديد الأمني في الدول العربية. مصلحة أميركا والعالم وبالنسبة إلى قانون «جاستا» الأميركي والحد من أضراره ذكّر مشعل السلمي بأن البرلمان العربي أصدر رؤية للتعامل مع هذا القانون، إذ أقر خطة التحرك العربي للتعامل مع القانون الأميركي المسمى «العدالة ضد رعاة الإرهاب» «وهي نتاج عمل لجنة كانت برئاستي كلفها البرلمان بإعداد دراسة قانونية معمقة حول كيفية التعامل مع القانون وتداعياته، واستعانت في إعدادها بنخبة من الخبراء والقانونيين العرب ذوي الاختصاص». والمنطلق الرئيس في التعامل مع هذا القانون تركّز على مخالفته مبادئ القانون الدولي، خصوصاً مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، ومبدأ عدم جواز إخضاع الدولة لولاية محاكم دولة أخرى إلا برضاها، لذلك لا بد من رفض القوانين الجائرة المنافية للأعراف والقوانين الدولية حول الحصانة السيادية للدول، والتي قد تستهدف الدول العربية، ودعوة الدول، خصوصاً العربية، غير الموقّعة، للتوقيع على اتفاق الأممالمتحدة لحصانات الدول وممتلكاتها من الولاية القضائية، والتي اعتمدت وفتحت للتوقيع والتصديق والانضمام، كما تطلب الرؤية من الدول العربية مراجعة التشريعات والاتفاقات الدولية التي تتأثر بهذا القانون، وبيان الآثار السلبية المترتبة، والتركيز على أن من بين المتضررين أميركا نفسها في علاقاتها الاقتصادية والسياسية ومصالحها المشتركة. وأخيراً التأكيد على تحميل مرتكبي الأعمال والجرائم الإرهابية مسؤولية أعمالهم الدنيئة أمام العدالة، من دون تحويل مسؤولية هذه الأعمال إلى دولهم.