أقرّ مجلس الوزراء اللبناني في جلسة عقدها مساء أول من أمس، الخطة التي كان تقدم بها رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة وضمّنها الخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة تداعيات أزمة المال العالمية. وتناول السنيورة في خطته، السياسة المالية التوسعية التي «تسعى بلدان عدة من خلالها إلى مواجهة الأزمة وتداعياتها، تؤدي إلى توفير سيولة إضافية في الاقتصاد للحد من مستوى الانكماش المتوقع في حركة الطلب الداخلي ومستوى الإنفاق الخاص، وهي بالفعل الطريقة الكلاسيكية المتبعة لمواجهة أزمات الركود أو الانكماش الاقتصادي». لذا اعتبر أن «سيولة إضافية كبيرة ستتوافر في السوق المحلية خلال هذا العام، نتيجة إقرار الزيادة في الأجور لدى العاملين في القطاع العام، وتقسيط المفعول الرجعي لسلسلة الرتب والرواتب، وهي خطوة ستوفر سيولة إضافية تفوق 900 مليون دولار، وكذلك لموظفي القطاع العام والمتقاعدين منه السنة المقبلة، فضلاً عن إقرار زيادة الرواتب لموظفي القطاع الخاص. يُضاف إليها انخفاض أسعار المحروقات والمواد الأولية، التي ستؤمن سيولة إضافية لدعم مستويات الاستهلاك في السوق المحلية لا تقل عن 600 مليون دولار». وأشار إلى أن الحكومة «ستعمل على الإسراع في دفع مستحقات القطاع الخاص المتوجبة على الدولة، وستبادر إلى الإسراع في تمويل عمليات الاستملاكات الجديدة الضرورية لإطلاق العمل في مشاريع البنية التحتية الجديدة الممولة من قروض ميسرة من الدول المانحة ومن الصناديق العربية والدولية». ولفت إلى البدء في تنفيذ بعض هذه المشاريع الحيوية، مثل الأوتوستراد العربي إضافة إلى تدابير أخرى تتعلق بالمساعدات». وأوضح أن كل هذه العوامل «ستوفر سيولة إضافية في السوق يمكن أن تصل إلى 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي». وأكد أن الحكومة من خلال الإجراءات المتخذة، «تمكنت من احتواء جانب كبير من العوامل الداخلية للتضخم وإلى تقليص آثار عوامله الخارجية السلبية». وأشارت إدارة الإحصاء المركزي إلى أن نسبة التضخم «انخفضت مجدداً العام الماضي وبلغت نحو 5.5 في المئة، وهي لا تزال منضبطة حتى نهاية آذار (مارس) الماضي، وبلغت اثنين في المئة». وأعلن السنيورة في خطته أن الحكومة ستسعى في المرحلة المقبلة إلى العمل على ثلاث مسارات متوازية، تتمثل في «تسريع وتيرة الأشغال العامة والبنية التحتية التي تنفذها الدولة والممولة في معظمها من القروض الميسرة، حفز الاستثمارات الجديدة التي يمولها القطاع الخاص ومساعدته على تأمين سبل التمويل لها، إطلاق حوافز للقطاع الخاص تكون مسهلة له للحفاظ على مستويات اليد العاملة الحالية ولإيجاد فرص عمل جديدة للبنانيين الوافدين حديثاً إلى سوق العمل الداخلية أو العائدين من الاغتراب». وأكد أن الحكومة ستتخذ الخطوات اللازمة التي «تعزز قدرة الاقتصاد على استيعاب الاستثمارات العامة، والسير قدماً في برامج الإصلاح الهيكلي للمؤسسات العامة أو تفعيلها، إعطاء الأولوية إلى القطاعات الحيوية والمحفزة للاستثمار في قطاعات اقتصادية أخرى، كالنقل والطاقة والاتصالات والعمل على تفعيلها وتحسين كفاءتها أو تخصيصها بحسب ما تم التعهد به في مؤتمر باريس-3». ومن هذه الخطوات أيضاً «الإسراع بإقرار مشاريع قوانين التمويل المطروحة والمحالة على مجلس النواب». ولفت إلى أن قيمة ما يتوافر من تمويل ميسر لتنفيذ مشاريع قائمة وأخرى يجب الشروع في تنفيذها والتي أُقرّت قوانين تمويلها في المجلس النيابي، تبلغ نحو 1.5 بليون دولار، فضلاً عن 600 مليون دولار من اتفاقات التمويل المتوجب إقرارها قريباً في المجلس النيابي». وأوضح أن مشروع موازنة هذا العام «حدد سقف إنفاق استثمارياً (بالعملات الأجنبية) يوازي 300 مليون دولار سيلتزم تنفيذه مجلس الإنماء والإعمار، إضافة إلى ما تنفقه الوزارات». وشدد على «الإفادة من القرض الميسر السعودي (لم يُحول بعد)، إذ تعهدت المملكة العربية السعودية بمبلغ 1000 مليون دولار في «باريس – 3»، وينبغي تخصيصها، بالتعاون مع المملكة وبموافقتها للقيام باستثمارات مهمة في أكثر من قطاع اقتصادي خصوصاً الطاقة. وإطلاق برنامج الاستثمارات العامة للأعوام 2009 - 2012 في مؤتمر اقتصادي يعرض فيه مجلس الإنماء والاعمار برنامج عمله للسنوات الأربع المقبلة، يُدعى خلاله المقاولون اللبنانيون المقيمون والمغتربون المهتمون بزيادة أعمالهم داخل الوطن». وتناولت خطة السنيورة تشجيع الاستثمارات التي يموّلها القطاع الخاص وحفزها، من خلال «المحافظة على وتيرة مرتفعة لتحويل القروض الميسرة الممنوحة للقطاع الخاص من المؤسسات الدولية في إطار «باريس – 3»، والطلب من المانحين تسريع التحويلات المتبقية إلى مؤسسات القطاع الخاص وتتجاوز 800 مليون دولار (من أصل 1.5 بليون)، ما يساهم في تدبير التمويل المُيسر والمتوسط الأجل، وعبر المصارف اللبنانية، للمؤسسات الإنتاجية العاملة في لبنان. وأكد أيضاً بذل «جهد إضافي لتفعيل برنامج دعم فوائد القروض المصرفية الممنوحة للقطاع الخاص من قبل الخزينة عبر مصرف لبنان والقطاع المصرفي»، مشيراً إلى أن «برنامج دعم القروض الحالي يكلف الخزينة 85 بليون ليرة سنوياً». واعتبر أن السير في هذا الاتجاه «يساهم في تعزيز الحركة الاقتصادية وإيجاد فرص عمل أمام اللبنانيين، علماً أن ذلك سيرتب أعباء إضافية على الخزينة لكن يؤدي إلى تفعيل أكبر للحركة الاقتصادية». وأعلن السعي إلى «إلغاء بعض الرسوم المؤثرة في مناخ العمل العام والاستثمارات، لا سيما الرسوم التي لا توفر مردوداً عالياً للخزينة». ولفت إلى «إقرار عدد من مشاريع القوانين الداعمة للإصلاح (باريس-3) والمؤثرة في حركة الاستثمار واستمرار دينامية القطاع الخاص ومساهمته في عملية الإنماء وتحقيق النمو، إضافة إلى العمل مع المؤسسات المحلية والدولية على إطلاق قطاع التمويل المباشر عبر رأس المال وتنظيمه ورعايته، من خلال التشجيع على تأسيس صندوق يساهم من خلاله بعض المؤسسات الدولية المُمَوِّلة والمصارف اللبنانية في هذا القطاع الإنتاجي الحيوي، وتحديث الإطار القانوني والرقابي لمساندة تطويره، وتفعيل عمل مؤسسة «إيدال» وتسويق المشاريع وتعزيز صورة لبنان استثمارياً، والتفاوض مع المؤسسات الدولية لإتاحة المجال أمام مؤسسات القطاع الخاص للاستفادة من التسهيلات الممنوحة حديثاً في إطار تمويل بعض مشاريع البنية التحتية، وتعزيز قدرة لبنان على الاستفادة في مجالات تمويل التجارة العالمية، وحفز الشركات الصناعية أو المنتجة على الاستثمار في استعمالات الطاقة البديلة». كما لحظت الخطة حوافز للقطاع الخاص لإيجاد فرص عمل جديدة، أبرزها «الدفع في اتجاه إنجاز عمليات التخصيص، والعمل على فتح الأسواق وتحريرها وتطويرها في قطاع الاتصالات القادر على زيادة الإنتاجية». وتشكّلت لجنة برئاسة السنيورة وعضوية وزراء الاقتصاد والتجارة والمال والصناعة والزراعة والطاقة والمياه، مهمتها إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي يقتضيها وضع مضمون هذه الورقة موضع التنفيذ.