غرد أوباما خارج أسلافه من الرؤساء الاميركيين، وتصدر ملف النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني أولويات سياسته الخارجية، لحظة بلوغه سدة الرئاسة، قبل نحو عامين. وانتهج أوباما نهج الديبلوماسية «الناعمة». وأوكل الى بلاده، الولاياتالمتحدة، دور الوسيط النزيه المكلف مهمة عسيرة، وهي جمع الفلسطينيين والإسرائيليين على طاولة المفاوضات الثنائية المباشرة. ولكن، وفي عامين، لم ترتسم معالم مفاوضات جدية بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وبرز الإخفاق هذا أخيراً. فالولاياتالمتحدة أعلنت، في السابع من الشهر الجاري، أنها عدلت عن إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، تجميد الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية. فأميركا، واسرائيل تعتمد أمنياً عليها، ترغب في إنقاذ ماء الوجه. وعرضت الولاياتالمتحدة على حكومة نتانياهو مقاتلات حربية متطورة من طراز «أف 35» وضمان مساندة واشنطن اسرائيل في مجلس أمن الأمم المتحددة لقاء تجميد الاستيطان. ولكن نتانياهو، وهو على رأس حكومة يمينية، رفض العرض الأميركي، وقدم عليه مواصلة الاستيطان. فهو استغل فوز الجمهوريين في الانتخابات النصفية وخسارة حزب الرئيس الغالبية في الكونغرس لتعزيز مواقفه. وإذا لم يجمد الاستيطان، فلن يشارك الفلسطينيون في المفاوضات. ويتحلى رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس وزرائه، سلام فياض، بالشجاعة والاعتدال. وما يطلبانه لا يجافي المنطق وفي محله. فهما يقولان إنهما لن يفاوضا على تقاسم الأراضي وحدود الدولة الفلسطينية، في وقت تواصل اسرائيل اقتطاع الاراضي المتفاوض عليها وتضمها اليها، خلال المفاوضات. وحريّ بأوباما الاعتبار بنصائح مسؤولين أميركيين سابقين من أمثال وورين كريستوفر وزبيغنيو بريجنسكي وهنري كيسنجر، وحمل الطرفين على تحمل مسؤولياتهما. وواشنطن مدعوة الى صوغ مخطط حل، أو خريطة طريق الى الحل، يقترح صيغة لترسيم الحدود وتقسيم القدس، وتعويض اللاجئين الفلسطينيين سياسياً ومالياً، ويحدد تدابير أمنية للحؤول دون تحول الدولة الفلسطينية المقبلة قاعدة صواريخ ايرانية. ومثل هذه الوثيقة ترسم خطوط المفاوضات العريضة. وترسيم الحدود يحل قضية المستوطنات المحظور تشييدها في الجانب الفلسطيني، والمسموح تشييدها في الجانب الاسرائيلي. وإذا لم يقر الاسرائيليون والفلسطينيون صيغة الحل الاميركية، وسع واشنطن اقتراحها على مجلس الامن. وهو المخول الزام الطرفين تبني الحل. * افتتاحية، عن «لو موند» الفرنسية، 10/12/2010، إعداد منال نحاس