وسط وصايا «إمام مسجد» أخيرة، وتحذيرات «رجل دولة» مهمة، ودع الطلاب السعوديون المسافرون إلى كندا وأوروبا أمس (الإثنين) لحظاتهم الختامية داخل ملتقى الابتعاث السادس في جدة بعد ثلاثة أيام قضوها في لملمة أوراقهم النهائية، وترتيب أمور غربتهم، يحدوهم الأمل المقبل، ويحفهم خوف المجهول، بغية صنع الفارق بينهم وبين أسلافهم الذين سبقوهم إلى السفر والدراسة وعادوا من دون أن يجدوا مواقع للعمل تحتضنهم، وتستفيد من علمهم. وارتأت اللجنة المنظمة للملتقى أن تخصص الحلقة الأخيرة في سلسلة محاضراتها لرجل دين لبق يتحدث فيها عن أخلاق المبتعث، ووجوب تمتعه بكل جميل وحسن عن بلاده وشعبه، واختارت لذلك مدير مركز بحوث ودراسات المدينةالمنورة وإمام مسجد قباء الدكتور عبدالعزيز المغامسي، فيما أحضرت عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالكريم السعدون للحديث عن تجربته الإبتعاثية التي قارب عمرها ال40 عاماً. وعند أول مسار في مسارات الطلاب المبتعثين للحصول على درجة الماجستير توقفت «الحياة» أمام طالبين حاصلين على درجة «البكالوريوس»، يرغبان في إكمال دراستهما العليا، فاتهما إحضار بعض الأوراق الثبوتية، ووقفا يوجهان عدداً من الاستفسارات والأسئلة لبعض المسؤولين في الملتقى. ولفت الطالب نواف الحارثي («بكالوريوس» هندسة حاسبات) إلى أن مشكلته تكمن في رغبته في تغيير وجهة البلد الذي سيسافر إليه، إلا أن ظروف التأخير التي وقع فيها إضافةً إلى عدم تسهيل إجراءات التغيير والنقل من لجان الابتعاث أسهما في عدم وصوله إلى مبتغاه، مشيراً إلى رغبته الشديدة في أن يجد تعاوناً أكثر من تلك اللجان خصوصاً في تغيير البلد للدراسة، كون أنه يسافر للمرة الأولى وليس متأكداً من نظام بعض الدول التي يسافر إليها. وقال: «قدم الملتقى درساً جيداً للمبتعثين في الثقافة والتعريف ببلدان الدراسة، كما أنه وفر علينا كثيراً من الجهد والبحث عن تلك الدول في ألسنة من سبقونا من المبتعثين أو في مواقع الإنترنت المختلفة»، مؤكداً أن طريقة تقديم الملتقى، وإحضاره للأكاديميين كانت جيدة، وحققت هدفها. وأضاف: «إن من المشكلات التي نواجهها (نحن المبتعثين) بهدف الحصول على درجة الماجستير هي صعوبة الحصول على القبول الأكاديمي في الجامعات، خلافاً عن الطلاب الحاصلين على شهادة الثانوية فهم يحصلون على قبول اللغة، والقبول الجامعي، بينما نحن بالكاد نحصل على موافقة دراسة اللغة، ونظل نبحث بأنفسنا عن القبول الأكاديمي في تلك الجامعات»، مشدداً على ضرورة أن تتدخل لجان الابتعاث لحل هذه المشكلة التي باتت تؤرقهم. ولفت إلى أن غالبية الذين لا يستطيعون الحصول على موافقة القبول الأكاديمي من أي جامعة خلال أشهر عدة تسحب منه فرصة البعثة، ويضطر بعدها آسفاً للعودة من حيث أتى، منبهاً إلى أن هذه المشكلة بدأت في التصاعد بين فئات الطلاب خلال الآونة الأخيرة. ولاحظت «الحياة» خلال جولتها أمس ولليوم الثاني على التوالي تقلصاً كبيراً في أعداد الطلاب الوافدين إلى مقر الملتقى للاستزادة من المحاضرات والندوات والنشرات التوعوية التي ملأت أرجاء المكان، على عكس جانب السيدات الذي شهد حضوراً مميزاً وفاعلاً، يلحظه الداخل إلى ردهات قاعات الملتقى بحكم قرب مدخلهن من مدخل الشبان. وبعيداً من إيجابيات الملتقى وقصوره، أكد الطالب المبتعث إلى كندا محمد الغامدي أن الهم الأكبر الذي يواجه الطالب بعد عودته من السفر هو كيفية الحصول على وظيفة آمنة تؤمن له حياته، ولا تضيع عليه مجهودات عمره الطويل، وتابع: «ظللنا نسمع بين الفينة والأخرى عودة الكثير من العائدين من سلك الابتعاث وهم يحملون الشهادات العليا من دون حصولهم على وظائف أو أعمال أو مواقع يقدمون فيها علمهم الذي نهلوه». وتمنى من جهات الابتعاث أن تتعاقد مع الشركات التي توفر الأعمال لطوابير الخريجين والعائدين من جامعات العالم، بعد إنهاء رحلة دراستهم الطويلة، وحصولهم على الدرجات والشهادات العليا، مشيراً إلى أن وجود بعض الجهات الحكومية التي توفر الوظائف لمنسوبيها من المبتعثين بمجرد أن يتموا دوراتهم ودراساتهم العليا، مؤكداً أن هذا الأمر سيدفع بالكثير من الطلاب لإنجاز أعمالهم والخلوص منها بكفاءة ونفس منشرحة.