يبدو أن الصرخة التي أطلقتها نورا جنبلاط لدى تقديمها برنامج مهرجانات بيت الدين 2017، لاقت آذاناً صاغية وجاهزة للعمل. وهي حذّرت من أن القصر على وشك الانهيار ويحتاج إلى ترميم. وأعلن وزير الثقافة اللبناني غطاس خوري أن وزارته «سترمم قصر بيت الدين بمعاونة وزارة السياحة التي ستتولى الإنارة، وسنرمم الأقسام التي تحتاج إلى ترميم في هذا القصر، بالتنسيق مع كل المعنيين»، مؤكداً أن «بيت الدين وكل تراث لنا في لبنان هو في حماية القانون، ونحن جميعاً تحت سلطة القانون». وقال خوري إنه أمّن مبلغ 800 ألف دولار هبةً من الخارج لأعمال الترميم التي سيشرف عليها مجلس الإنماء والإعمار. ويلفت مدير مكتب وزير الثقافة صالح فروخ في حديث إلى «الحياة» الى أن ثمة لغطاً حول الموضوع، اذ إن أعمال الترميم والصيانة لم تتوقف في القصر، وهي انطلقت منذ فترة، وما يتكلم عنه الإعلام حالياً هو المرحلة الثالثة والكبرى من المشروع. وكانت المرحلة الأولى انطلقت بترميم الجناح الرئاسي في القصر، فيما اهتمت المرحلة الثانية بوضع مواد النش. أما المرحلة الثالثة والأخيرة فتتضمن الورشة الكبرى من العمل وفق فروخ وتشمل مدّ شبكة كهربائية متطورة جداً في أجزاء القصر كله، وإنشاء محطة لتكرير المياه المبتذلة، وإعادة تحديث شبكة التدفئة في بيت الدين وترميم الخشبيات والأبواب والدرابزين وسواها. ومع نهاية الشهر الجاري، يختار مجلس الإنماء والإعمار شركة لتلزيمها القصر عبر مناقصة تتضمن نحو 50 بنداً يجب التزامها. ويوضح فروخ أن المشروع يتضمن تدعيم الجدران وتنظيف المتحف والاهتمام بالأعمال الموجودة فيه، والتعاون مع وزارة السياحة لإنارة القصر. وللقصر مكانة سياحية وفنية مميزة في لبنان، إذ يقصده سياح عرب وأجانب خلال فصل الصيف، ويستضيف أحد أبرز المهرجانات الصيفية في لبنان، مستقدماً أبرز النجوم العالميين والفرق والعروض الموسيقية. ويرتفع قصر بيت الدين في قلب قضاء الشوف، كأبرز أثر تراثي للنهضة العمرانية في جبل لبنان في القرن التاسع عشر، وكدليل على تواصل الحكم الوطني من زمن الإمارة إلى عهد الجمهورية. في عام 1806، وبعدما انتهى من توطيد حكمه، انصرف الأمير بشير الشهابي الثاني (1788 – 1840) إلى تعزيز مكانته بالأبهة ومظاهر الفخامة، فبنى قصرًا على هضبة بيت الدين القريبة من دير القمر (750 م عن سطح البحر)، وما لبث أن نقل اليه مقرّ الحكم. وما زال القصر والقناة التي بنيت بين 1812 و1815 لجر المياه اليه من ينابيع نهر الصفا، ينطقان الى اليوم بنشاط الأمير في حقل العمران. وفي بداية عهد الاستقلال عام 1943 اصبح القصر المقرّ الصيفي الرسمي لرئاسة الجمهورية. وكان اول من سكنه رئيس الاستقلال الشيخ بشاره خليل الخوري الذي سهر ايضاً على ترميم اجنحة القصر (السلملك والحرملك) وعبّد ساحاته والطرق المؤدية اليه.