تنزوي خلف أحياء شرق الخط السريع معاناة سكان حي «الأجواد الشعبي» منذ أعوام مع المياه الجوفية حين تطفح على طرقاته، وتجري كينابيع فتغذي البعوض لينقل الأمراض، ويلوث المكان، وعند تكرار الشكوى والمطالبات من دون جدوى، يبقى الحي وأهله في عنائهم لا مواسي لهم. منظر المستنقعات والمياه الجارية في الحي، وصعوبة عبور السيارات من مداخله ومخارجه، إضافة إلى أزقته وشوارعه، تكفي لأن يعلن «الأجواد الشعبي» منطقة منكوبة، بفعل الإهمال الذي يشكوه الأهالي، فلا شوارع معبدة سوى اثنين فرعيين تم رصفهما بعد تكرار الشكاوى، وما لبثت الشركة المنفذة أن انسحبت من الموقع، وهي لم تكمل المشروع بعد احتساب كلفة السفلتة والإنارة والرصف، وشبكات الصرف الصحي بموازنة قدرت ب20 مليون ريال حسب ما أفاد به إمام جامع خالد بن الوليد في الحي عارف المسعودي، الذي أضاف: «بعد هطول الأمطار الغزيرة على جدة أواخر العام الماضي ظهرت المستنقعات في أرجاء الحي في صورة أكبر، نتج منها انتشار البعوض، مع أننا توجهنا بشكاوانا ل«الأمانة» منذ ثلاثة أعوام من دون إجابة أو اهتمام، حتى لجأ عدد من السكان إلى بيع منازلهم، ومغادرة الحي». وعلى رغم عشوائية الحي، إلا أن إمام المسجد أكد أن غالبية السكان حصلوا على صكوك مثبتة لدى المحكمة تثبت تملكهم لأراضيهم، إضافة إلى توافر خدمات الكهرباء والهاتف، والمياه ما عدا السفلتة والصرف الصحي، مشيراً إلى أن رخص الأراضي في هذه المنطقة مقارنة بغيرها أغرى الكثيرين في الاتجاه إلى الحي هرباً من الأراضي باهظة الثمن. وأدى جريان المياه الجوفية في الحي إلى نتائج كارثية، إذ اكتشف أربعة من السكان بعد إجراء دراسات هندسية، أن منازلهم آيلة للسقوط بفعل المياه التي لا تكف عن الجريان في أرجاء الحي، كما هو الحال مع عبيد الحارثي الذي أجرى كشفاً هندسياً على منزله من أحد المكاتب الاستشارية واتضح أن منزله غير صالح للسكن منذ ما يقرب من عام. وقال الحارثي المتضرر بسبب تلك المياه: «أريد أن أبيع منزلي ولو بنصف ثمنه، غير أنني مجبر على البقاء هنا، لأنني لا أملك ثمناً لبناء أو شراء منزل آخر، وعلى رغم حصولي على تقرير من مكتب استشاري يثبت أن منزلي غير صالح للسكن منذ أكثر من عام، إلا أن الوضع بقي على ما هو عليه ولم يلتفت إلي أحد». وفي الوقت الذي أبان فيه السكان أن ما لا يقل عن أربعة من المنازل آيلة للسقوط، أكد مصدر مسؤول في أمانة محافظة جدة ل «الحياة» (فضل عدم ذكر اسمه) أنه لم يصدر أي تقرير من «الأمانة» يثبت أن منازل في حي الأجواد الشعبي آيلة للسقوط، وتابع: «لدينا أكثر من 500 موقع أصدرت لها تقارير حتى الآن غالبيتها في منطقة البلد، وليس لحي الأجواد الشعبي نصيب منها». وعلل ذلك بقوله: «نحن نهتم بالمواقع التي توجد لها صكوك ملكية، أما العشوائيات فهي مناطق بنيت في غفلة من الزمن وليست ذات شرعية هندسية، بينما صكوك الاستحكام التي يتحجج بها الأهالي فهي ليست صحيحة لأننا اكتشفنا أنها تصدر لأرض واحدة لأكثر من شخص وهناك أمر من الجهات العليا بمنع إصدارها». وبشأن آلية الشكوى لمن ثبتت لهم صكوك تملك، أوضح المصدر أن من لديه صك شرعي فعليه أن يتقدم بشكواه إلى الدفاع المدني ليرفع لنا بها حتى نصدر التقرير، معلقاً أن مشكلة طفوحات المياه الجوفية التي يشكو منها السكان، مصدرها آبار مياه المجاري الخاصة بمنازلهم. وبالعودة إلى سكان الحي ومعاناتهم، أشار عوض الشهري إلى أن معاملة السفلتة والإنارة والرصف والصرف الصحي بدأت منذ ثمانية أعوام ولم تنته حتى الآن، وزاد: «عندما نذهب لمتابعة معاملتنا نجد أنها تتحول من موظف إلى آخر، ومن إدارة إلى أخرى من دون نتيجة، كما أن هناك أرضاً «مسورة» تقف عائقاً أمام إنشاء شارع للحي مازالت موجودة حتى الآن على رغم صدور أمر من لجنة التعديات بإنشاء شارعٍ يشق الأرض». وجراء السير في طرقات أصبحت وعرة بفعل المياه الجوفية، يعاني سكان الأجواد من الأعطاب التي أصابت سياراتهم في غير مرة، بل إن أحدهم أفاد أن الزوار لا يعرفون كيف يصلون إليهم، ويدلل عبدالله الشهري على مشكلة وعورة الطرقات والشوارع في الحي بقصة نقل بناته إلى الجامعة قائلاً: «إن سائق الباص المخصص لنقل الطالبات اشترط دفع 1000 ريال لنقل بناتي إلى الجامعة على رغم أنه لا يتقاضى أكثر من 250 ريالاً من سكان الحي المجاور لنا، بل رفض أخيراً المجيء إلى الحي نهائياً على رغم رضانا دفع ما طلبه».