في خطوة تاريخية، سلمت منظمة «إيتا» لانفصاليي الباسك أمس، الشرطة الفرنسية لائحة بثمانية مخازن أسلحة للجماعة على الأراضي الفرنسية. وتمت عملية تسليم المعلومات عبر وسطاء، لتشكل خطوة مهمة في اتجاه نزع أسلحة المنظمة بعد صراع دموي استمر أكثر من أربعين سنة أسفر عن مقتل أكثر من 850 شخصاً في إطار الحملة لإقامة وطن مستقل للباسك في شمال إسبانيا وجنوب غربي فرنسا. وسلم وسطاء من المجتمع المدني الفرنسي يعرفون ب «مهندسي سلام» لائحة بأسماء 9 مخازن سلاح الى السلطات الفرنسية في مراسم أقيمت في مدينة بايون (جنوبفرنسا)، فيما قدر خبراء مكافحة الإرهاب الفرنسيون أن المخازن السرية، ربما تحتوي نحو 130 قطعة سلاح وطنين من المتفجرات. وتشكل هذه المخازن الترسانة المتبقية لانفصاليي الباسك الذين أعلنوا وقفاً لإطلاق النار في العام 2011 واتبعوه بعملية نزع السلاح هذه، من دون أن يؤدي ذلك بالضرورة الى حل منظمة «ايتا» كإطار للعمل السياسي. وأفادت تقارير في باريس بأن مخازن الأسلحة تلك والتي قد يصل عددها الى 12، تقع في منطقة جبال البيرينيه الواقعة على الحدود مع أسبانيا والمطلة على المحيط الأطلسي. وعلى رغم تخليها عن العمل المسلح بإعلانها وقف النار في العام 2011، فإن «ايتا» لا تزال تصنف منظمة إرهابية بالنسبة الى الاتحاد الأوروبي، فيما ترفض فرنسا وإسبانيا التفاوض معها. وعبرت سلطات الحكم الذاتي في منطقتي الباسك الإسبانية والفرنسية، في بيان مشترك، عن دعمها لاجراءات تسليم الاسلحة. وأفادت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) أن مراسم تسليم المخازن حضرها عمدة المدينة وكبير أساقفة إيطاليا وقس إرلندي، وممثلون عن المجتمع المدني. وقال رئيس اللجنة الدولية للوساطة رام مانيكالينغام، إنه يأمل بأن تساعد هذه الخطوة المهمة في تعزيز الاستقرار في منطقة الباسك. وكان التعهد بتسليم السلاح أعلن في رسالة حصلت عليها «بي بي سي»، تؤكد تقارير سابقة عن رغبة «إيتا» في التخلي عن السلاح. وورد في الرسالة المؤرخة في 7 الجاري، أنه «بعد تسليم إيتا كل أسلحتها إلى ممثلين عن المجتمع المدني الباسكي، تصبح منظمة غير مسلحة». وقال الناطق باسم الحكومة الإسبانية إينيغو مانديز دي فيغو، إن المنظمة «لن تحصل على شيء من دولة ديموقراطية مثل إسبانيا». ولم يطالب المنظمة بتسليم السلاح فحسب، بل بالكشف أيضاً عن الذين ارتكبوا أعمال العنف السابقة. وكانت المنظمة التي نشأت في 1959 خلال الكفاح المسلح ضد تيار فرانكو في إسبانيا، ترفض تسليم أسلحتها الذي تطالب به مدريدوباريس وتشترط التفاوض في شأن أعضائها المعتقلين (حوالى 360 بينهم 75 في فرنسا ومئة يمضون عقوبات بالسجن لأكثر من عشر سنوات). وتعرضت «إيتا» في الأعوام الأخيرة إلى ضغط كبير من الشرطة في فرنسا وإسبانيا، إذ اعتقلت سلطات البلدين المئات من عناصر المنظمة، بينهم قياديون، وحجزت كميات كبيرة من الأسلحة. وسجلت «ايتا» أول عملية قتل في عام 1968، عندما أطلق عناصرها النار على قائد شرطة سرية اسمه ميليتون مانزانيس، في مدينة سان سيباستيان الباسكية. وفي عام 2014، قالت اللجنة الدولية للوساطة إن «إيتا» تخلت عن بعض أسلحتها، ولكن الحكومة الإسبانية وصفت الخطوة بأنها «تمويهية».