حددت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ملامح النهج الجديد الذي ستعتمده الادارة الاميركية في ادارة عملية السلام في المرحلة المقبلة، مؤكدة ان الدولة الفلسطينية حتمية، وان جدية الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي في التوصل الى اتفاق في المفاوضات التي ستجري على خطين متوازيين، ستقاس بمدى التزامهما ببحث «القضايا الجوهرية». ومن المقرر ان تجتمع القيادة الفلسطينية الاسبوع المقبل لتحديد خطوتها التالية في ضوء التحرك الاميركي الاخير، في وقت غادر المبعوث الاميركي لعملية السلام جورج ميتشل واشنطن متوجهاً الى المنطقة. وأرست كلينتون في خطاب القته في مركز «سابان» التابع لمعهد «بروكينغز»، أسساً جديدة للمفاوضات التي ستديرها الادارة الاميركية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. فعلى المستوى الاجرائي، تحدثت عن «محادثات متوازية» مع الطرفين، مضيفة: «سندفعهما الى تقديم مواقفهما من القضايا الجوهرية بلا تأخير وبالتفصيل». في الوقت نفسه، اكدت ان الولاياتالمتحدة لن تكون «شريكا متفرجاً»، متعهدة «العمل على الحد من الخلافات عبر طرح الاسئلة الصعبة وانتظار الاجوبة الحقيقية، وعبر طرح افكارنا عندما يلزم الامر»، اضافة الى «مضاعفة ديبلوماسيتنا الاقليمية، وعندما نصل الى طريق مسدود، سنسعى الى آخر، ولن نفقد الامل». اما على مستوى السياسي، فكررت ان الحل يجب ان يأتي عبر التفاوض، مشيرة الى ان «الدولة الفلسطينية عبر المفاوضات امر حتمي». وشددت على اهمية طرح كل القضايا الجوهرية في المفاوضات، محذرة من ان «جدية الطرفين في سعيهما الى اتفاق، ستقاس بمدى التزامهما في هذه القضايا الجوهرية». كما اكدت اهمية المبادرة العربية للسلام، ملمحة الى توظيفها في المدى الابعد لتحقيق السلام الشامل. في الوقت نفسه، اشارت كلينتون الى ان الادارة الاميركية تتوقع من الجانبين القيام بتنازلات، واتخاذ «قرارات صعبة»، حتى في ما خص قضية القدس «الاكثر حساسية بين المسائل الاخرى». كما دعتهما الى الامتناع عن اتخاذ خطوات تؤدي الى «نسف جهود» السلام، في اشارة الى التلويح فلسطينيا باللجوء الى الاممالمتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية، وكذلك «الاعلانات الاستفزازية» عن بناء وحدات استيطانية في القدسالشرقية. واشارت الى اهمية موضوع الحدود في المفاوضات المرتقبة، وقالت: «على الطرفين ان يعرفا اي جزء يعود للآخر ... يجب ان يتفقا على خط واحد على الخريطة يفصل اسرائيل وفلسطين، وعلى نتيجة تخرج بحل الدولتين». وتختلف المفاوضات المتوازية عن المفاوضات التقريبية في كونها غير محددة جغرافيا او زمنيا وفي كونها سرية، وتتشابهان في كونهما مفاوضات غير مباشرة. لكن اكثر ما يثير قلق المراقبين هو انه رغم لهجة التهديد المبطن في خطاب كلينتون من قبيل قولها ان واشنطن «تبدأ هذه المرحلة بتوقعات واضحة»، وانها «تنتظر تقدما من الطرفين» و«ان جديتهما ستقاس بمدى التزامهما في هذه القضايا الجوهرية»، الا انها تنتهي من دون تحديد العواقب للطرف المخالف، بل تقول انه عندما «نصل الى طريق مسدود، سنسعى الى آخر»، اي نهاية مفتوحة، ما يعمق المخاوف من ان تكون المقاربة الاميركية الجديدة ليست سوى ادارة للأزمة. فلسطينياً، قال امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه ل «الحياة» ان القيادة الفلسطينية ستجتمع الاسبوع المقبل لبحث الخطوة التالية بعد فشل الجهود الاميركية في وقف الاستيطان واطلاق المفاوضات. وبعدما اكد ان «الطريقة القديمة في المفاوضات (المفاوضات التقريبية او المباشرة) لم تؤد الى نتيجة ولن نقبل بالعودة اليها»، حدد التوجه الفلسطيني للمرحلة المقبلة ب «المطالبة باعتراف اميركي بحدود الدولة الفلسطينية، والعمل على تحويل هذا الاعتراف الى حقيقة ورسم الامن»، مضيفا: «يجب رسم الحدود اولا، وعلى القوى الكبرى ان تعمل على رسم الامن».