بعد سبع سنوات، من تطبيق إلزامية الفحص قبل الزواج، يبدو المجتمع السعودي، أكثر تقبلاً لهذه الفكرة، التي واجهت في بدايتها بعض التوجس. وإذا لم يكن اعتبار الإقبال على إجراء الفحص معياراً، باعتباره إلزامياً، فإن الالتزام الطوعي من جانب طرفي الزواج بنتائج الفحص هو ما يمكن اعتباره معياراً، لتقبل الفكرة، إذ لا يُلزَم الطرفان في حال أظهرت النتائج أنهما غير لائقين للاقتران ببعضهما، بعدم الزواج. ولكن المشرف على برنامج «الفحص الطبي قبل الزواج» في المنطقة الشرقية الدكتور نواف العتيبي، ومدير مركز أمراض الدم الوراثية في الأحساء الدكتور أحمد السليمان، يؤكدان ان نحو نصف غير المتوافقين، يلتزمون بالنتائج، ويمتنعون عن الزواج، بعد تلقيهم المشورة في العيادات المتخصصة، التي تبين لهم ازدياد احتمالية إصابة أبنائهم بالأمراض، وخطورة زواجهم. وأظهرت إحصاءات استعرضها كل من العتيبي والسليمان، في حوارين منفصلين مع «الحياة»، انخفاض نسبة عدم التوافق، إذ لا تتجاوز الواحد في المئة، من إجمالي الفاحصين، في 20 مركزاً موزعة على مدن المنطقة الشرقية، بعضها تابعة لوزارة الصحة، والأخرى لقطاعات حكومية أخرى، إضافة إلى منشآت صحية تابعة ل»أرامكو السعودية». وفيما يلي نص حوار «الحياة» مع المشرف على برنامج الفحص الطبي قبل الزواج في الشرقية الدكتور نواف العتيبي: متى بدأ مشروع الفحص ما قبل الزواج في المملكة؟ - بدأ مشروع الفحص ما قبل الزواج في المملكة مع بداية عام 1425ه، إذ بدأت الشرقية بتطبيقه منذ ذلك الحين، كونه إلزامياً على جميع المتقدمين لإجراء عقد النكاح. بعد ان نص قرار مجلس الوزراء الصادر في أواخر العام 1424ه، على «إلزام طرفي عقد النكاح بإحضار شهادة الفحص الطبي قبل إجراء العقد، وأن يكون هذا الإجراء أحد متطلبات تدوين العقد، مع ترك حرية تمام الزواج لصاحبي العقد، بغض النظر عن نتيجة الفحص الطبي، سلباً كانت أم إيجاباً». كم عدد المراكز الخاصة بالفحص في الشرقية؟ - 13 مركزاً، ثمانية تابعة لوزارة الصحة، وخمسة غير تابعة للوزارة، مثل الحرس الوطني، و»أرامكو السعودية»، وغيرهما. كم عدد المتقدمين والمتقدمات لتلك المراكز، منذ بداية العام 1431ه حتى الآن؟ - إجمالي معدل ما يتم إجراؤه من فحوصات في المنطقة 25 ألف فحص خلال العام الواحد. وتمثل الدمام نحو نصف إجمالي الفحوصات. إذ يجري مركز اللياقة الطبية في الدمام نحو 12 ألف فحص سنوي. أما مستشفى القطيف المركزي فيقوم بإجراء نحو 3500 فحص سنوياً، وكذلك مركز العقربية في الخبر. وكم نسبة حالات التوافق؟ - نحو 99 في المئة من الحالات المتقدمة للزواج هي متوافقة وراثياً. ما مدى تجاوب المتقدمين للفحص في حال عدم التوافق بينهما؟ - على رغم أن هذه النسبة قليلة، إلا أنها تعني الكثير لعيادات المشورة الوراثية، إذ يتم التركيز على حالات عدم التوافق، وثنيها عن إتمام الزواج. وتقدر نسبة التجاوب معنا بنحو نصف الحالات خلال الأعوام الماضية. ونسبة الاستجابة في ازدياد في عدم إكمال الزواج غير المتوافق. وهذا من أهداف البرنامج الرئيسة. ما الخطوات المتبعة في حال عدم التوافق؟ - في حال عدم الاستجابة، والرغبة في إتمام الزواج غير المتوافق، يبقى الأمر اختيارياً، وبإمكان الطرفين إتمام الزواج رغم شرح خطورته لهما. وما الإجراءات اللازم اتخاذها لمن يريد القيام بالفحص الطبي؟ - المطلوب حالياً، لمن يريد أن يتقدم للفحص قبل الزواج، إحضار البطاقة الشخصية للرجل، ودفتر العائلة للمرأة، وسحب عينة دم فقط. وتظهر النتيجة في مدة لا تتجاوز 10 أيام. ما أهمية الفحص الطبي قبل الزواج؟ - من خلال الفحص؛ تتضح الأمراض المعدية، وإعطاء اللقاح المناسب للطرف السليم، وكذلك للذرية (الأبناء)، من خلال الفحص عن الأمراض الوراثية المحتمل الإصابة بها، فسلامة الزوجين والأبناء إحدى دعائم استمرار هذه الرابطة المقدسة. السليمان: 146 حالة عدم توافق خلال عام وفيما يلي حوار «الحياة»، مع مدير مركز أمراض الدم الوراثية في الأحساء الدكتور أحمد السليمان: متى بدأ مشروع الفحص ما قبل الزواج في الأحساء؟ - فكرة الفحص الطبي ما قبل الزواج بدأت وانطلقت من الأحساء. وكانت اختيارية منذ سنة 1422ه، في الأحساء. ثم طبق إلزامياً على جميع المواطنين في المملكة، اعتباراً من غرة محرم 1425ه. كم عدد المراكز الخاصة بالفحص؟ - سبعة مراكز، هي: مستشفى الملك فهد، ومركز أمراض الدم الوراثية، والولادة والأطفال، والأمير سعود بن جلوي، والعيون، والجفر، والملك عبد العزيز للحرس الوطني. كم عدد المتقدمين لعام 1431ه؟ - حتى نهاية ذو القعدة الماضي، بلغ عدد الفاحصين 16.253، من كلا الجنسين. وكان نصيب مركز أمراض الدم الوراثية منهم 36 في المئة، ثم مستشفى الأمير سعود بن جلوي 26 في المئة، والملك فهد 16 في المئة، والجفر 12 في المئة، والولادة والأطفال ستة في المئة، والعيون أربعة في المئة. كم عدد الحالات غير المتوافقة؟ - 146 حالة. ما مدى تجاوب المتقدمين للفحص في حال عدم التوافق؟ - تجب الإشارة هنا، إلى أن الفحص أصبح جزءاً من ثقافة المجتمع، وكثير من حالات عدم التوافق يتخذ القرار بعدم إكمال الزواج، حين علمهم بالنتائج غير الآمنة. كما ان بعضهم يتوقف بعد تلقي المشورة الصحية. ومن يصر على إكمال الزواج؛ يأخذ عليه إقرار بتحمل المسؤولية. ما الخطوات المتبعة في حال عدم التوافق؟ - من أساسات برنامج الفحص الطبي؛ تقديم المشورة. وفي حالات عدم التوافق يتلقى الطرفان المشورة، وشرحاً بطبيعة هذه الأمراض، ومخاطرها، ونسبة انتقالها. ويوقع الجميع على الإقرار بالمسؤولية في حال الإصرار على إكمال الزواج، في حال عدم التوافق. ولا يوجد حالياً، قرار يمنع زواجهما. ما أهمية الفحص الطبي قبل الزواج؟ - يعتبر الفحص إحدى وسائل التثقيف الصحي للمجتمع، وتوعيته. ويعكس ارتفاع الوعي، وتقبل المجتمع لعمل هذه الفحوصات، إضافة إلى الكشف عن كثير من الأمراض، وعلاجها، وكذلك حماية المجتمع والأجيال المقبلة، من الأمراض.