كتاب في النقد الروائي صدر حديثاً عن الدار العربية للعلوم - ناشرون (بيروت) ومنشورات الاختلاف (الجزائر)، عنوانه «الرواية والتحليل النصّي - قراءات من منظور التحليل النفسي» للباحث الجزائري حسن المودن. وفيه يقدم محاولات تطبيقية تستعين بالمرجعيات النفسانية في مقاربة بعض الأعمال الروائية العربية المعاصرة في المغرب والمشرق. ويتخذ من أجل ذلك، منهجاً نفسياً خاصاً في «التحليل النصي الذي يفتح الطريق للنص الأدبي ليصبح هو بؤرة التحليل، من دون إقصاء كلّي للكاتب أو القارئ أو السياق. وتكمن أهمية هذا المنهج في كونه يسمح بإبراز العناصر المختلفة التي تكوّن النص الروائي، من موضوعات وأشكال وتقنيات وأساليب وتخيّلات ولغات، ويجعل من الكتابة فضاء تخيلياً يشرع نوافذه على المناطق الملتبسة التي تحفّ مشاعر وتجارب الذات. يتضمن الكتاب، مدخلاً نظرياً يبحث في العلاقة بين الأدب والتحليل النفسي، ويقلب المعطى المسلّم به الذي يقول إنه يمكن تطبيق التحليل النفسي على الأدب، ليصبح السؤال: «هل يمكن تطبيق الأدب على التحليل النفسي؟» وذلك سعياً الى بناء اقتراب جديد لإشكالية التحليل النفسي الأدبي. في المحاولات التطبيقية التي يتضمنها القسم الأول من الدراسة، يسعى الباحث من خلال تحليل النص، الى إرساء تلك المقاربة التي تستفيد من الدراسات النصية المعاصرة مع إدماجها ضمن مقاربة نفسانية مفتوحة ومنفتحة. والغاية ليست الكشف عن أمراض الكتّاب وعقدهم، بل هي مقاربة هذه العلائق والروابط المعقّدة بين السردي والنفسي، بين الكتابة واللاشعور، في الشكل الذي يسمح بفتح آفاق أخرى أمام المعرفة. ويتساءل الكاتب عن فحوى حاجة الإنسان للكتابة، وعن معناها وحوافزها وغاياتها، ويطرح أشكال علاقاتها مع مفاهيم متعددة، مثل العنف، والألم واللامعقول والصحراء وغيرها. عملية المزج بين مقاربة الأسلوب والمقاربة النفسية يجريها الباحث في القسم الثاني من الكتاب، في شكل يسمح بقراءة العمل الأدبي في حد ذاته، في أساليبه ومناهجه في الكتابة، وبإعادة طرح الأسئلة المرتبطة بصناعة النص الروائي، من الأساليب والتقنيات، وتلك المتعلقة بالتحليل النفسي للشخصية الروائية مقدماً تحليلاً نموذجياً وأمثلة من نصوص بعض الروايات العربية. هذ المقاربات تفضي الى عالم الأدب، الذي هو الموطن اللغوي الذي يعبّر فيه الواقع السرّي للإنسان عن نفسه في شكل وقوة خاصّين. واللغة الأدبية لا تجعلنا نسمع أصوات الآخرين فقط، بل هي اللغة الأخرى التي تكاد تتخصص في إسماع ذلك الآخر الموجود في الداخل، في داخل الذات، الكاتبة والقارئة. كتاب أدبي يضع القارئ في زاوية مختلفة ليرى ويعرف ويستمتع بالرؤية الأدبية وبالأدباء من منظار آخر، قد يصح فيه تعبير من «وراء الكاميرا».