حذرت حركة «النهضة» الإسلامية التونسية من خطورة «الافتراء عليها ومهاجمة قياداتها والعودة إلى خطاب يتضمن دعوات لتقسيم التونسيين»، وذلك رداً على تصريحات أخصامها الذين حملوها مسؤولية «تفشي الإرهاب وتدهور الأوضاع الاقتصادية إبان فترة حكم الترويكا». ونبهت «النهضة» في بيان صدر أمس، من «تساهل بعض الأطراف السياسية في استعادة خطاب الاستقطاب والعودة بالأجواء في بلادنا إلى ما قبل انتخابات 2014 وما صاحبها من دعوات لتقسيم التونسيين ومن استعداء صارخ لحركة النهضة ومحاولة مهاجمة قياداتها وخياراتها». ويأتي هذا البيان في شكل رد على الاجتماع الذي عقدته «جبهة الإنقاذ والتقدم» المعارضة الأحد الماضي والذي هاجمت فيه قيادات مناهضة للإسلاميين، حركة «النهضة» واعتبرتها المسؤول الرئيسي على تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية اثناء قيادتها حكومة الترويكا عقب انتخابات عام 2011. وذكرت حركة «النهضة» التي تشارك في التحالف الحكومي مع حزب «نداء تونس» العلماني، أنه «لم ينقذ بلادنا من أخطار وويلات هذا الخطاب الا خيار الحوار الوطني وسياسة التوافق بين أكبر حزبين (النهضة ونداء تونس)، مشيرةً إلى أن الخطاب المناهض لها «بلغ حد الافتراء عليها وتلفيق التهم والتخويف منها». واعتبرت الحركة التي تملك أكبر كتلة في البرلمان، أن «خطابات الشحن والتقسيم تُعد استدعاء مقاربة بائسة جربها النظام السابق وتقوم على التعامل مع النهضة باعتبارها حالة أمنية»، مضيفةً أن «ثورة 2011 أظهرت للتونسيين أن النهضة طرف سياسي وازن في البلاد». وأضاف بيان «النهضة» أن تونس «تحتاج إلى تعزيز التوافق والحوار والتعاون بين الكل من أجل خدمة أجندة وطنية واحدة تسع الكل وتدور حول رفع التحديات الكبرى وتحقيق الانتقال الاقتصادي وتثبيت مسار الانتقال الديموقراطي وتتويجه بإجراء الانتخابات المحلية». وكان قياديون في «جبهة الإنقاذ» دعوا الى إنهاء سيطرة «النهضة» على أجهزة الدولة التي تسمح لها بتطبيق «برنامجها الرجعي» على حد تعبيرهم. واعتبرت أن «حكم اليمين المتطرف (في إشارة الى النهضة) مع حكم العائلة (في إشارة الى الرئيس الباجي قائد السبسي) هو أكبر خطر يهدد البلاد في المرحلة الراهنة». وتضم «جبهة الإنقاذ والتقدم» في صفوفها أحزاباً عدة أبرزها «مشروع تونس» و «الوطني الحر» (كانا من داعمي الحكومة الحالية) إضافة إلى منشقين عن «نداء تونس» وأحزاب «الاشتراكي» و «العمل الوطني الديموقراطي» وشخصيات سياسية جمعت بينها مناهضة الإسلاميين. وعاد الخطاب المناهض للإسلاميين وحلفائهم في الحكم مع اقتراب الانتخابات البلدية، المقرر اجراؤها قبل نهاية العام الحالي، ليسيطر على تصريحات القيادات العلمانية واليسارية، في ظل الاستعداد للاستحقاق البلدي الذي يُعد امتحاناً صعباً للأحزاب بخاصة انه يسبق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ويرى مراقبون أن كثرة الأحزاب والجبهات التي تضع على رأس أولوياتها معارضة الاسلاميين قد تساهم في تشتيت أصوات الناخبين داخل المعسكر العلماني في مقابل فسح المجال أمام حركة «النهضة» للفوز في اي استحقاق انتخابي مقبل باعتبار انها لا تزال تحافظ على أكبر قاعدة انتخابية في البلاد. وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الاثنين الماضي، 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل موعداً لاجراء أول انتخابات بلدية منذ الانتفاضة الشعبية التي انهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل أكثر من 6 سنوات.