لندن، سنغافورة، بكين – أ ف ب، رويترز - أظهرت برقيات ديبلوماسية أميركية سرّبها موقع «ويكيليكس» أمس، شهادات متطابقة تفيد بأن ميانمار شيدت سراً في غابة استوائية منشأة لصنع اسلحة نووية بمساعدة كوريا الشمالية. وأوردت البرقية التي نشرتها صحيفة «ذي غارديان» البريطانية: «يبني الكوريون الشماليون بمساعدة عمال في ميانمار مجمعاً من الاسمنت المسلح تحت الأرض بارتفاع 152 متراً من مغارة الى تلة فوقها». ونقلت البرقية التي أصدرتها السفارة الاميركية في رانغون، عن ضابط في ميانمار قوله انه شاهد «تقنيين كوريين شماليين يعملون في المشروع»، فيما افاد رجل اعمال اجنبي بأنه «شاهد قضيباً معدنياً مدعماً يزيد عرضه عن القياس العادي لدى شحنه على متن مركب». وأيد ذلك عمال رصيف عبر قولهم انهم «شاهدوا شحنات مشبوهة». وكشفت برقية اخرى تعود الى عام 2004 وكتبت بناء على اقوال ضابط في وحدة للهندسة في جيش ميانمار، ان صواريخ ارض - جو جمعت في مصنع يقع في مدينة مينبو (وسط)، وان 300 كوري شمالي يعملون في المصنع. لكن البرقية اشارت الى انه يصعب تصديق الأمر. وكان المجلس العسكري الحاكم في بورما نفى سابقاً معلومات عن سعي الى حيازة سلاح نووي، وانه يتعاون مع بيونغيانغ لإنجاز الامر، فيما اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في تموز (يوليو) الماضي ان كوريا الشمالية نقلت عتاداً عسكرياً الى ميانمار. وفي السياق ذاته، كشفت برقيات مسربة اخرى أن الديبلوماسيين الغربيين لم يؤكدوا المخاوف من تبادل بيونغيانغ تكنولوجيا نووية مع دول أخرى. وقال لاري دينغر القائم بأعمال السفارة الاميركية في رانغون في برقية عادت إلى تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 إن التعاون بين الدولتين «لا يزال غامضاً». وأضافت: «الأكيد أن شيئاً يحدث، فيما تبقى مسألة نقل قنابل نووية مفتوحة، وتشكل أولوية قصوى لتقارير السفارة». وأمس، التقى مساعد نائب وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ جوزف ي. يون المعارضة في ميانمار، اونغ سان سو تشي، في اول لقاء بينهما منذ الافراج عنها الشهر الماضي، في وقت لم تؤد سياسة واشنطن الرامية الى استئناف الحوار مع النظام العسكري الى أي نتيجة حتى الآن. والتقى المسؤول الأميركي المعارضة الحائزة جائزة نوبل للسلام في منزلها في رانغون حيث فرضت عليها الإقامة الجبرية حتى 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، واستمر اللقاء اكثر من ساعتين، لتكتفي سوتشي بالقول بعده ان «المناقشات تناولت خصوصاً العقوبات الاقتصادية الأميركية»، مع العلم ان خبراء ومعارضين بورميين اعتبروا ان سو تشي امرأة معزولة، ولم تعد المراهنة على مستقبلها السياسي مضمونة. اما الديبلوماسي الاميركي فوصف اللقاء بأنه «مثمر»، مضيفاً في اختتام زيارة استمرت اربعة ايام والتقى فيها وزير الخارجية نيان وين «اذا تقدمنا خطوة الى الامام فسيشكل ذلك نجاحاً». واعتبرت هذه الزيارة الأولى لمسؤول اميركي كبير الى ميانمار منذ انتخابات السابع من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي التي انتقدها الرئيس الاميركي باراك اوباما، معتبراً انها «لم تكن حرة ولا نزيهة». وقررت واشنطن نهاية عام 2009 فتح حوار، بعدما تبين ان العقوبات وحدها لا تؤثر في هذا النظام الذي يعتبر احد الاكثر انغلاقاً في العالم، ولا يأبه بالضغوط الخارجية. وزار حينه كورت كامبل مساعد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ ميانمار مرتين. ميانمار والصين على صعيد آخر، تحدثت برقيات ديبلوماسية ل «ويكيليكس» عن ان الصين، حليفة النظام العسكري في ميانمار ابدت استياءها ايضاً مطلع عام 2008 من بطء الحوار السياسي في هذا البلد. وكتبت شاري فيلاروزوا القائمة بالأعمال الأميركية في ميانمار حينه في البرقية: «نفد صبر الصينيين من مماطلة النظام العسكري في تنفيذ إصلاحات». وعرضت البرقية لفحوى لقاء فيلاروزوا مع السفير الصيني في ميانمار بعد تظاهرات قادها كهنة بوذيون عام 2007 وجرى قمعها بالقوة، واوردت: «لم يعد في وسع الصين الاعتماد على القادة العسكريين الحاكمين في بورما لحماية مصالحهم هنا، وهم يقرون بضرورة التوصل الى حل يحفظ السلام». وفي برقية اخرى، نقل عن مسؤول حكومي صيني آخر قوله ان «بلاده تأمل في اتخاذ تدابير قوية لتحسين مستوى حياة مواطني ميانمار». ودعا المسؤول نفسه الى «مصالحة وطنية من خلال الحوار مع المعارضة سو تشي». لكن موقف الصين من ميانمار يمكن ان يكون تغير منذ ذلك التاريخ، اذ رحبت بكين الشهر الماضي بإجراء انتخابات برلمانية في هذا البلد، على رغم اعتراض الغرب عليها، وقالت انها «مرحب بها». يذكر أن الصين من ابرز المستثمرين في ميانمار التي تعتبر احد اهم المتزودين بأسلحتها، كما تستخدم ممراً تؤمنه بكين لها على المحيط الهندي. بكين وجائزة نوبل على صعيد آخر، نقلت صحيفة «الباييس» الاسبانية عن برقيات «ويكيليكس» ان الصين اختارت جعل من ليو شياو بو الفائز بجائزة نوبل للسلام عبرة لغيره من المنشقين، عبر إدانته بالسجن 11 سنة العام الماضي، في اطار حملة أوسع على المعارضين. ووصفت الصين منح جائزة نوبل لليو بأنه «بذاءة»، لكن لجنة جائزة نوبل للسلام دافعت عن قرارها قائلة انه استند إلى «قيم عالمية». وأبرزت البرقيات ايضاً غضب بكين من احتجاجات في انحاء العالم على حكم السجن الذي اصدرته ضد ليو، خصوصاً في واشنطن وعواصم اوروبية. واشارت البرقيات الى ان خمسة محامين بارزين في مجال حقوق الانسان أبلغوا السفير الاميركي في بكين جون هانتسمان في كانون الاول (ديسمبر) الماضي أنه منذ 2008 دخلت انتهاكات حقوق الانسان في الصين «أسوأ مراحلها». فساد في نيجيريا وكشفت برقية نقلتها صحيفة «ذي غارديان» عن «ويكيليكس» أن شركة فايزر الأميركية لصنع الأدوية استخدمت محققين للبحث عن دليل على فساد وزير العدل النيجيري مايكل اوندواكا من اجل إجباره على إسقاط دعوى قضائية ضد الشركة تتعلق باختبار عقار على أطفال. ورفعت ولاية كانو في نيجيريا دعوى قضائية ضد أكبر شركة أدوية في العالم في أيار (مايو) 2007 للحصول على تعويضات ببليوني دولار، لاختبارها عقار «تروفان» الذي يستخدم في علاج الالتهاب السحائي والذي قالت سلطات الولاية إنه تسبب في وفاة 11 طفلاً وإصابة عشرات بإعاقة. ووقعت فايزر وحكومة ولاية كانو تسوية بقيمة 75 مليون دولار في 30 تموز (يوليو) الماضي، فيما اقيل اوندواكا من منصبه كوزير للعدل بسبب مزاعم فساد في شباط (فبراير).