«جبل شدا» من أعلى قمم جبال السراة، ينفرد بتشكيلات صخرية شديدة الانحدار، تتوزع بأشكال تضاريسية صخرية مختلفة وتتناثر القرى الأثرية الضاربة في القدم على جنباته، إذ استقرت في كهوفه الصخرية وتحت صخوره المكشوفة، مكملة بعض واجهات البيوت بالحجارة والأبواب الخشبية، التي يتم اقتطاعها من الجبل الذي يكسوه الزيتون والعرعر. ويشتهر جبل «شدا» غامد بزراعة البن والكادي ويعتمد عدد من الأهالي على الرعي والمناحل، إذ يعد العسل الشدوي من أغلى وأجود أنواع العسل وأكثرها ندرة، لكثرة التنوع في نباتاته العطرية. واستطاع الأهالي نحت هذه الصخور واستخدامها للسكن بطرق شديدة التميز. ويبلغ ارتفاع «شدا» الأعلى أكثر من 2300 متر فوق سطح البحر والأسفل يقل عن ذلك بقليل وأجريت أول المسوحات الأرضية والجوية عام 1408ه تقريباً، تلاه درس الأنواع النباتية والحيوانية والمَواطن. ورغم هذه المميزات التي يتمتع بها الجبل، إلا أنه واجه الإهمال الشديد من الجهات المختصة على مدى 35 عاماً، انتظر خلالها القاطنون توفير الخدمات الأساسية لهم من نظافة وطرقات وأبراج جوال والأمن. وطالب عدد من أهالي جبل «شدا» الأعلى الواقع في محافظة المخواة في حديثهم إلى «الحياة» بتوفيرالخدمات الحيوية، كالنظافة وأبراج الجوال، مبدين تذمرهم من الإهمال الذي تعانيه المقابر والتي تتطلب تسويرًا عاجلًا إكرامًا لحرمة الموتى. من جهته، وعد وكيل وزارة النقل للطرق المهندس هذلول الهذلول خلال زيارته الأخيرة لمنطقة الباحة بالاطلاع على موضوع جبل «شدا» الأعلى، إذ سيتم بعد ذلك البحث في استكمال سفلتة الطريق قريباً. بدوره، أفاد المدير العام لفرع هيئة السياحة والآثار في منطقة الباحة المهندس منصور الباهوت خلال حديثه إلى «الحياة» بأن الفرع يجري عمل دراسات لجبل «شدا» الأسفل، لتوفير رياضة تسلق الجبال والكهف. وصنف الباحث في علم الآثار الدكتور أحمد الغامدي خلال حديثه إلى «الحياة» جبل «شدا» الأعلى من المواطن التي سكنت منذ أقدم عهود التاريخ، إذ يتكون ومثله جبل شدا الأسفل، من الصخور النارية الجرانيتية التي ارتفعت وانكشفت منذ قديم الزمان نتيجة للحركات الأرضية البانية للجبال، والتي تعود إلى حقب ما قبل «الكمبري» وهو أقدم العصور الجيولوجية في تاريخ نشأة الأرض، مطالباً بالمحافظة عليه ك «إرث» كونه يحتضن بعض الرسومات النادرة.