رأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «أن المتتبع لمسار الأزمة السياسية في لبنان منذ صدور القرار 1559 وما أحدثه من تصدع في البلاد على المستوى السياسي والأمني يلاحظ أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي أنشئت بموجب القرار الدولي 1757 الصادر تحت الفصل السابع فاقمت حالة التوتر الداخلي والانقسام بين اللبنانيين، وشرّعت التدخل الغربي بين القوى اللبنانية، وشرّعت الباب للدخول الإسرائيلي، كما ثبُت على صعيد الاتصالات». وعرض رعد في مؤتمر صحافي في المجلس النيابي رؤية «حزب الله» الدستورية والقانونية الى المحكمة، وقال: «إذا كانت الحقيقة والعدالة مطلباً إجماعياً لبنانياً، فإن الآلية التي اعتُمدت والظروف والتدخلات الدولية المريبة والأداء والتجاوزات الدستورية والقانونية، حوّلت المحكمة الخاصة أداة لتمرير مشاريع دولية على حساب لبنان وأمنه وسيادته وعامل تهديد فعلي للاستقرار فيه». وسلط الضوء على «الجانب القانوني حصراً من عمل هذه المحكمة، وما يعتري هذا الجانب من التباسات واشكالات من شأنها ان تقوض الثقة في إمكان الوصول الى كشف الحقيقة وتحقيق العدالة». ولفت رعد إلى أنه «منذ انطلاق المحكمة، تراكمت لدينا جملة من الملاحظات والهواجس والاستفسارات اتيح لنا ان نطرح جزءاً منها على مندوبي المحكمة في لقاء مباشر تم في تاريخ 30 آذار 2010، وانتظرنا منهم أجوبة وكنا دائماً نتلقى وعوداً بقرب الرد الى ان تبين أن في الأمر مماطلة واضحة وتقطيعاً للوقت»، معدداً هذه الهواجس والملاحظات بالآتي: - التسريبات التي تناقلتها وسائل إعلام عربية وغربية، هي متعمدة ولها أهداف سياسية واضحة مكنت بعض الخصوم السياسيين من توظيفها المغرض وإجراء محاكمات إعلامية وسياسية. هناك مرحلة سياسية امتدت لسنوات تأسست في ضوء التحقيقات والتسريبات آنذاك، وأدت إفادات شهود الزور إلى تغيير السلطة السياسية في البلاد، وإلى توقيف اشخاص أطلق سراحهم لاحقاً، الا انه لم تتوضح بعد موجبات التوقيف ومصير الشهود الذين ضللوا التحقيق. لماذا سلك التحقيق في البداية مسار الاتهام لسورية على مدى 4 سنوات وتحول الآن نحو مسارآخر؟ على أي جهاز أمني في لبنان يعتمد محققو المحكمة؟ ما هو الدور الإسرائيلي في التحقيق؟ وهل يُعتبر الكيان الصهيوني واحداً من المصادر التي يعتمد عليها المحققون، وهل سبق أن نقلت المحكمة او لجنة التحقيق الدولية أية معلومات الى لاهاي عبر اسرائيل؟». وأكد رعد أن «هذه الأسئلة طرحناها على مندوبي المحكمة في 30 آذار 2010، ولم تصلنا الأجوبة»، وزاد: «أكدنا في حينه أن ملاحقة شهود الزور هي السبيل الوحيد لإعادة الثقة بالتحقيق، ولكن من دون جدوى، لا بل زاد الطين بلة التلميح بدليل الاتصالات الهاتفية كأحد ركائز التحقيق». وأضاف: «كل هذا دفعنا لإعادة النظر في كل الجوانب القانونية لهذه المحكمة التي نطرحها في شكل موضوعي أمام الرأي العالمي والإسلامي»، مؤكداً أن «هذا المؤتمر هو نتاج جهد متكامل لفريق من الحقوقيين المختصين». وعرض نقاط الطعن بقانونية المحكمة ودستوريتها فيما تولى عضو المجلس الدستوري السابق القاضي سليم جريصاتي تقديم التوضيحات القانونية. ولفت رعد الى ان «آلية إقرار إنشاء المحكمة الدولية تخطت الدولة اللبنانية وهربت من قبل حكومة فاقدة الشرعية من دون أن يتم تصديقها وفقاً للدستور وضمن الأطر الدستورية، ولم يوقعها رئيس الجمهورية ولم يصدقها مجلس النواب»، لافتاً الى ان هذا الأمر يشكل «اختزالاً لصلاحيات رئيس الجمهورية ومجلس النواب من قبل حكومة هي بالأصل فاقدة للشرعية». وإذ رأى ان «إنشاء المحكمة كان التفافاً على الدستور والقانون»، أكد أن «نظام المحكمة أقرته إرادة دولية تجاوزت إرادة اللبنانيين والمؤسسات الدستورية وجاء استجابة لمصالح الدول الكبرى الراعية لمجلس الأمن، ما يجعل المحكمة أداة لخدمة سياسات الدول صاحبة النفوذ التي تعمل دائماً لتصفية حساباتها مع المعارضين». لافتاً الى ان «التعديلات الأخيرة الحاصلة في 10 تشرين الثاني الماضي هي الأكثر مدعاة للتساؤل ف (أنطونيو) كاسيزي يخرج للمرة الأولى بمذكرة إيضاحية تأسيساً على نص ملزم ادخل الى قواعد الإجراءات والإثباتات بموجب تعديلها الأخير وقد تضمنت مذكرته إقراراً وخطأ». وشدد رعد على «ان محكمة مسيّسة لا تلتزم بأعلى معايير العدالة وتجاوزت في تشكيلها القانون اللبناني، وتخطت مصالح اللبنانيين ومؤسساتهم القائمة، وتنصلت من صلاحيتها في ملاحقة شهود الزور وانتهكت تحقيقاتها مبدأ السرية وأنيطت بها قواعد الإثبات في شكل مريب واستنسابي، كشفت شعباً بكامله على جهات استخبارية ودولية شتى، وأعلنت اعتمادها على أدلة ظرفية قاصرة، هي محكمة لا ينتظر منها إحقاق الحق ولا إقامة العدل، بل لن يفاجئنا ان تكون قوس عبور لوصايات دولية على لبنان وامنه واستقراره وسيادته». ورداً على اسئلة الصحافيين قال رعد: «طالما ان هناك جهداً عربياً يبذل، فنحن لا نعتبر ان الأمور منتهية، ونأمل بأن نصل الى خيرٍ في نهاية المطاف. وعسى ان يكون خيراً». وقال: «نحن لا نطلب من الفريق الآخر شيئاً فهو يعرف واجبه جيداً ونحن ننتظر كيف سيتصرف». وسأل رعد: «لماذا نفترض أن تراجع لبنان عن التزامه بالمحكمة سيضعه في مواجهة الشرعية الدولية. الشرعية الدولية أقرت المحكمة تبعاً لمصالحها آنذاك وهذه المصالح أخذت في الاعتبار الموقف اللبناني المنقسم. أما إذا توحّد اللبنانيون وتفاهموا على موقف جديد يحفظ مصلحة لبنان الوطنية ويحمي سيادة شعبه وكرامته فستتغير حتماً المصالح والنظرة الدولية إلى تلك المصالح في لبنان وقد لا نكون أبداً في مواجهة ما يسمى الشرعية الدولية. وعن موافقة وزراء «حزب الله» على البيان الوزاري الذي تضمن الموافقة على المحكمة الدولية؟ أجاب رعد: «أولاً، حرصاً على الاستقرار آنذاك وأملاً بالتوصل إلى الموقف اللبناني الموحد والثابت من المحكمة». في ملعب رئيس الحكومة وعن عدم بت ملف شهود الزور عبر مجلس الوزراء؟ قال: «ملف شهود الزور الآن في ملعب رئيس مجلس الوزراء (سعد الحريري) وهو نقطة أولى مدرجة على جدول أعمال أي جلسة لمجلس الوزراء حين يدعى الوزراء إليها. المطلوب أن يبت هذا الملف ويحسم، الذي يستنكف ويؤخر عقد مجلس الوزراء هو الجهة التي يخولها الدستور أن تدعو حصراً إلى عقد جلسة مجلس الوزراء». وأضاف رداً على سؤال حول ما نشر من وثائق ويكليكيس: «نحن في كل صراحة نقول هو قطرة من بحر مما يقال في الكواليس ونحن لا نبني على هذا الأمر لأن ما لدينا هو أكبر وأوسع مما ينشر موجّهاً من قبل هذا الموقع أو ذاك». قيل له هل سنكون أمام سيناريو فرض الأمر الواقع لإلغاء مفاعيل المحكمة على الأرض؟ قال رعد: «لا تستبق الأمور... تابعنا خطوةً خطوة». جريصاتي: المحكمة انتهكت سرية التحقيق ولفت القاضي جريصاتي، الى أن «إقرار المحكمة تجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية والدستور اللبناني، والقول إن الغالبية البرلمانية أيدت المحكمة هو تزوير موصوف فالهيئة العامة للمجلس لم تصوت». وأكد جريصاتي أن «تقويم الأدلة التي جمعتها لجنة التحقيق الدولية يعود للمحكمة الدولية»، مشدداً على أن «المحكمة الدولية انتهكت سرية التحقيق وهذا من شأنه أن يبطل التحقيق». ولفت الى انه «لا يوجد في المذكرات الموقعة مع المحكمة ما يلزم الدولة اللبنانية تقديم كامل داتا معلومات الاتصالات»، مؤكداً أن «الأدلة المباشرة هي الأدلة الأكثر صدقية وانطباقاً مع معايير العدالة». وأضاف جريصاتي أن المادة 2 من أصول المحاكمة تحيل المحاكمة الى أصول المحاكمة الجنائية، لافتاً الى أن «الاتصالات هي من الأدلة الظرفية ويمكن دحضها وهي في أسفل سلم أدلة الإثبات»