أعلن وزير الخارجية الأسترالي كيفن راد أمس، أن الأجهزة القنصلية الأسترالية ستقدم مساعدة لمؤسس موقع «ويكيليكس» الأسترالي جوليان أسانج غداة اعتقاله في لندن بموجب مذكرة توقيف دولية طلبتها السويد التي تشتبه في ضلوعه في قضية «اغتصاب وتحرش جنسي». وقال: «نفعل ذلك لجميع المواطنين الأستراليين»، علماً أن القنصل العام الأسترالي في بريطانيا التقى مؤسس «ويكيليكس» أول من أمس، ثم حضر ديبلوماسيون أستراليون جلسة مثوله أمام القضاء البريطاني، والتي أفضت الى مواصلة احتجازه حتى الجلسة المقبلة التي ستعقدها المحكمة في 14 الشهر الجاري. وزاد: «سنوجه رسالة الى أسانج قريباً نبلغه فيها استعدادنا لضمان زيارة عناصر من الأجهزة القنصلية له وأي مساعدة أخرى، خصوصاً في شأن حقوقه في ما يتعلق بمحاكمته الحالية في بريطانيا واحتمال ترحيله إلى السويد». وبعدما أعلنت أستراليا الاثنين الماضي انها ستدعم واشنطن في حال باشرت ملاحقات قضائية ضد «ويكيليكس»، حمّل راد الأميركيين وليس أسانج مسؤولية كشف الموقع 250 ألف برقية ديبلوماسية سرية، «لأنهم من سرب الوثائق في الأصل مسؤول من الناحية القانونية». وأضاف: «أثارت التسريبات تساؤلات حول كفاءة أنظمة الأمن الأميركية لحماية البرقيات، ومدى إمكان الوصول إلى هذه المادة خلال فترة طويلة»، علماً أن المصدر الرئيسي للتسريب غير معروف، لكن سلطات عسكرية اتهمت الجندي الأميركي برادلي مانينغ الذي عمل محللاً للاستخبارات في العراق بحفظ أكثر من 150 ألف برقية تخص وزارة الخارجية الأميركية من جهاز كومبيوتر على أسطوانة مدمجة. وكانت رئيسة الوزراء الأسترالية جوليا غيلارد أعلنت أن تسريب «ويكيليكس» آلاف البرقيات الديبلوماسية الأميركية السرية عمل «غير مسؤول». الى ذلك، أبدى وزير الخارجية الأسترالي تخوفه من تهديدات باغتيال أسانج الذي كتب في مقال نشرته صحيفة «ذي أستراليان» بعد اعتقاله أن موقعه الإلكتروني سيواصل نشر الوثائق التي حصل عليها «من دون أن يخشى الوقائع»، مؤكداً أن ذلك من أجل المصلحة العامة. كما انتقد بشدة «رضوخ» الحكومة الأسترالية لواشنطن ودعمها التأكيدات الأميركية بأن تسريبات «ويكيليكس» غير شرعية. وفي سيدني، طالب دانيال أسانج نجل مؤسس «ويكيليكس» بمعاملة «عادلة وغير سياسية» لوالده، آملا بألا يكون اعتقاله «مرحلة تمهد لتسليمه الى الولاياتالمتحدة». وقال الشاب البالغ العشرين من العمر والمقيم في ملبورن ويعمل في تطوير برامج معلوماتية انه «لم يتصل منذ سنوات بوالده»، علماً أن والدة جوليان أسانج بررت ابتعاد ابنها عن عائلته برغبته في حمايتها بعدما زادت نشاطاته وشهرته. وكتب دانيال على موقع «تويتر» للمدونات الصغيرة: «لنبذل جهدنا كي نضمن معاملة عادلة وغير سياسية لوالدي»، آملاً بألا يكون ذلك مجرد مرحلة تمهد لتسليمه الى الولاياتالمتحدة، «خصوصاً أن سلوك القضاء السويدي لم يكن مشجعاً حتى الآن». وبات أسانج العدو الأول لواشنطن منذ أن نشر البرقيات الديبلوماسية السرية على موقعه. وعلق وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس على خبر اعتقاله أثناء وجوده في أفغانستان بالقول: إنه «خبر سار». وفي مقابلة هاتفية مع صحافيين عرب في لندن، أقرّ مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان بأن تسريبات «ويكيليكس» أضرت بعنصر الثقة بين الديبلوماسيين الأميركيين والمصادر التي تتعامل معهم في دول العالم، و «التي باتت أكثر حذراً في ما تقول، لكن العلاقات ستعود إلى سابق عهدها لأنها مبنية على مصالح مشتركة». وفي ما بدا أنه اعتذار أميركي عن الإحراج الذي سببته لمسؤولين وردت أسماؤهم وأقوالهم في وثائق «ويكيليكس»، أكد فيلتمان أن بلاده تعمل على استيعاب الضرر الناتج من التسريب عبر جهود على ثلاث جبهات، أولها التعبير عن «الأسف الصادق» لحصولها، والثانية محاولة «احتواء عنصر الضرر» عبر العمل على حماية حياة المصادر التي كُشفت فيها، وثالثاً العمل ل «التقدم إلى أمام وتجاوز هذه المشكلة». وأعلن أن تقارير الديبلوماسيين تُصاغ بطريقة «صريحة»، وتتضمن ما يسمعه الديبلوماسيون أو يشاهدونه في بلدان عملهم، لكن تقاريرهم «غالباً ما تكون أولية وغير كاملة». وقال إنه قضى يوم عطلة عيد الشكر الأميركي يتصل بمسؤولين عرب للاعتذار، ووضعهم في صورة ما ستنشره «ويكيليكس» بنشره قبل بدء العملية. وتابع: «لم يكن حواراً سهلاً وسط مزيج من الغضب والاستهجان لكيفية تسرّب هذه الوثائق والحوارات التي تضمنتها والتي كان يُفترض أن تبقى سرية. واستنكر فيلتمان ما وصفه بنشر «ويكيليكس» وثائق تُحرج أصدقاء الولاياتالمتحدة من أجل خدمة «أجندات سياسية» في لبنان، ما يعرض حياة أناس للخطر في لبنان». وأشار الى أن التسريبات فحوى «لا يجب أن تضر بالمحكمة الدولية الخاصة بجرائم الاغتيالات في لبنان». وأيضاً، أبدت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليزا رايس تعاطفها مع الرئيس الأميركي باراك أوباما وإدارته في مواجهة «أضرار» تسريبات «ويكيليكس، قائلة إن «ذلك قد يحصل لأي كان». ودعت في مقابلة أجرتها مع برنامج «ذا فيو» التلفزيوني إلى التعامل بصرامة مع أسانج، معتبرة أن البيت الأبيض أحال المسألة بالطريقة المناسبة الى وزارة العدل لمراجعة الأحكام الممكنة، مضيفة «آمل بأن يستعجلوا في ذلك». ورأت أن «الناس يتحدثون كثيراً عن المراسلات، لذا لا يجب كتابة كل شيء عنها بل التحلي بضبط النفس الذي سيكون مفيداً». على صعيد آخر، أفادت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) ووسائل إعلام أخرى بأن أشخاصاً اخترقوا الموقع الإلكتروني لشركة «ماستر كارد» لبطاقات الائتمان رداً على وقفها التبرعات لموقع «ويكيليكس». وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي، هدد ناشطون على الانترنت اطلقوا على أنفسهم اسم «مجهولون» بشن هجمات على شركات خدمات مثل «باي بال» للدفع من طريق الانترنت والتي جمدت حساب «ويكيليكس».