أكدت القيادة المركزية الأميركية أمس، أن طائرة أميركية قصفت موقعاً غرب مدينة الموصل، ما أدى إلى مقتل وجرح أعداد كبيرة من المدنيين، لكنها أضافت أن الغارة الجوية جاءت «بناء على طلب من قوات الأمن العراقية». وقالت القيادة الأميركية في بيان إنها فتحت تحقيقاً «للوقوف على الحقائق المحيطة بتلك الضربة وصحة الادعاءات عن سقوط ضحايا مدنيين». وأدى مقتل المدنيين في الغارة إلى توقف القتال لاستعادة آخر أحياء الموصل من «داعش»، فيما أكد مسؤولون عراقيون ومنظمات مدنية مقتل حوالى 500 شخص في الغارة الجوية على منطقة «موصل الجديدة» القريبة من البلدة القديمة. وقالت رئيسة المجلس المحلي لقضاء الموصل، بسمة بسيم، خلال زيارتها حي «موصل الجديدة» إن المنطقة دمرت بالكامل، وهناك أكثر من 500 شخص قتلوا خلال غارة جوية للتحالف الدولي، واصفة أوضاع المنطقة ب «كوباني ثانية». وأظهرت مقاطع فيديو من غرب الموصل قيام فرق الدفاع المدني ومواطنين بإجلاء عشرات الجثث من تحت الأنقاض، ثم دفنهم في الحدائق العامة وداخل حدائق المنازل لصعوبة وصول سيارات إسعاف كافية إلى المنطقة لنقل الجثث إلى خارج المدينة. وأعلن التحالف الدولي في بيان أنه بدأ تحقيقاً في التقارير التي تحدثت عن عدد كبير من القتلى المدنيين نتيجة غارات التحالف، مشيراً إلى أن التحقيق «ربما يأخذ بعض الوقت». كما عبّرت الأممالمتحدة أمس، عن «قلقها البالغ» في شأن الحادثة، وقالت منسقة الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية بالعراق ليز غراند في بيان، «صُدمنا لهذه الخسارة الفادحة في الأرواح». وألقت الحادثة بظلالها على سير الحملة العسكرية لاستعادة آخر الأحياء التي يسيطر عليها «داعش» في الشطر الغربي من الموصل، ولم تصدر قيادة الجيش العراقي أي بيان في شأن سير المعارك منذ يومين، فيما تحدث قادة عسكريون عن إعادة النظر في الخطط العسكرية لمنح دور أكبر لقوات مكافحة الإرهاب المدربة على حرب الشوارع. ويعزو مراقبون سبب الأخطاء العسكرية في معركة غرب الموصل إلى افتقار قوات الشرطة الاتحادية، التي قادت الهجوم، الى الخبرة لخوض حرب شوارع في الأحياء الضيقة مقارنة بقوات مكافحة الإرهاب المدربة على هذا النوع من الحروب، وتمكّنت من استعادة السيطرة على شرق الموصل بخسائر أقل، إضافة إلى تزايد غارات التحالف الدولي على غرب الموصل. وقال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت في بيان إن «قطعات الاتحادية تواصل تنسيق تقدمها في المدينة القديمة وتشدد في شكل مضطرد خناقها على عناصر داعش في محيط جامع النوري»، مضيفاً أن «القوات تستخدم خططاً تكتيكية مضادة في معركة المباني المتراصة، وقواتنا تواصل تطهير المنازل والأزقة الضيقة، وإحكام قبضتها على منافذ التسلل». وأعلن القائد في جهاز مكافحة الإرهاب الفريق عبدالوهاب الساعدي أمس، أن «قوات الجهاز تخوض معارك لتحرير حيي رجم الحديد ووادي العين الجنوبية غرب الموصل». ووجه نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، الذي يتحدر من الموصل، رسائل إلى رئيسي الوزراء حيدر العبادي والبرلمان سليم الجبوري، إضافة إلى وزيري الداخلية والدفاع، في شأن مقتل المدنيين في الموصل، وطالبهم ب «إجراء تحقيقات سريعة وحماية أرواح المواطنين»، كما دعا البرلمان إلى «عقد جلسة طارئة لمناقشة الكارثة وفتح تحقيق برلماني بها». وتسيطر قوات الأمن العراقية على نصف أحياء الشطر الغربي من الموصل فيما يسيطر «داعش» على 18 منطقة، أبرزها الموصل القديمة حيث يقع جامع النوري الكبير ومنارة الحدباء، وأحياء الإصلاح الزراعي والتنك والصناعية، وهي أكبر المناطق التي قد يعمد التنظيم للقتال فيها بشدة.