أعلنت طهران أنها أنتجت محلياً للمرة الأولى، شحنة من «الكعكة الصفراء» المُستخدمة في إنتاج اليورانيوم المخصب، وحققت بذلك «اكتفاءً ذاتياً في دورة الوقود النووي». واعتبرت ان ذلك «سيعزّز موقفها» في المفاوضات التي تستأنفها في جنيف اليوم، مع الدول الست المعنية بملفها الذري، فيما رأى البيت الأبيض ان هذا الإعلان «مثير للقلق». لكن محادثات جنيف، وهي الأولى منذ أكثر من سنة بين ايران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، ترافقت مع توقّعات ضئيلة بحصول اختراق، خصوصاً ان الجانبين مختلفان حول جدول أعمال المفاوضات التي تأتي بعد أسبوع على اغتيال عالِم نووي في طهران وجرح آخر. وحصلت إيران من جنوب افريقيا خلال عهد الشاه في سبعينات القرن العشرين، على نحو 600 طن من «الكعكة الصفراء» التي حظرت العقوبات الدولية المفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي، تصديرها الى إيران منذ 2006. ودفعت العقوبات خبراء الى ترجيح نفاد مخزون إيران من هذه المادة، قبل توصّلها الى إنتاجها. وقال رئيس «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» علي أكبر صالحي امس، ان شحنة أولى من «الكعكة الصفراء» من منجم غاشين قرب بندر عباس جنوب البلاد، سُلّمت الى منشأة أصفهان وسط إيران لتحويل اليورانيوم، موضحاً ان «العملية تجرى بكاملها تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأكد أن «إيران لن تواجه بعد الآن مشكلة في توفير مخزون الكعكة الصفراء»، مشدداً على انها «ستتمكن خلال السنوات الخمس المقبلة، من توفير كلّ حاجات البلاد المحلية من الوقود النووي». ورأى ان «ذلك يعني ان ايران حققت اكتفاءً ذاتياً في دورة الوقود النووي»، من استخراج اليورانيوم وتخصيبه وإنتاج الوقود النووي. وسعت طهران الى إضفاء بعدٍ رمزي لإعلانها في شأن «الكعكة الصفراء»، اذ حرص صالحي على أن يجرى ذلك خلال وقوفه في باحة منشأة أصفهان إلى جانب صورة للعالِم النووي القتيل مجيد شهرياري. ونقلت «اسوشييتد برس» عن ديبلوماسي بارز في فيينا ان هذا الإعلان «متوقع ورمزي»، في حين رأى صالحي ان هذه الخطوة تمهد ل «مشاركة (إيران) بقوة وعزم في المفاوضات» التي رأى أنها «تشكل وسيلة ليخرج الطرف الآخر من مأزق سياسي». وقال: «نشاطاتنا النووية ستتواصل، وستشهد إنجازات ضخمة مستقبلاً». واعتبر الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي مايك هامر، ان «هذا الإعلان لا يشكِّل مفاجأة»، مذكِّراً بأن إيران «تحاول منذ سنوات تطوير برنامجها الخاص بها، لأنها ممنوعة من استيراد اليورانيوم المركَّز بموجب قرارات مجلس الأمن». وأضاف: «هذا الأمر يزيد من الشكوك في نيات إيران، ويطرح أسباباً جديدة للقلق، في وقت على إيران التجاوب مع ما يبديه المجتمع الدولي من قلق» إزاء برنامجها النووي. وترى مصادر في طهران، في الإعلان عن إنتاج «الكعكة الصفراء» عشية اجتماع أبرز المفاوضين النوويين الإيرانيين سعيد جليلي مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون في جنيف اليوم، محاولة لمنح مفاوضيها ورقة ضغط إضافية. وقالت مصادر ل «الحياة» أن الوفد الإيراني سيتعاطي مع المحادثات، بناءً علي سلوك آشتون، اذ يحمل جليلي تفويضاً من القيادة الإيرانية لاستخدام الخيارات المتعددة التي يملكها، بناءً علي ما سيسمعه منها. ولدى وصوله الى جنيف أمس، سُئل جليلي هل هو متفائل بنتيجة المحادثات، فأجاب: «كلّ شيء يعتمد على موقف الطرف الآخر». واعتبر أن «استمرار المحادثات مرهون بتخلي الطرف الآخر عن استراتيجيته السابقة الخاطئة في التعامل المزدوج، والتي ثبت أكثر من أي وقت مضى، أنها عديمة الجدوى وباهظة التكاليف». وسيلتقي جليلي وآشتون على مدى يومين، في حضور ممثلين عن الدول الست، على رغم إعلان مكتب وزيرة الخارجية الأوروبية انها ستتحدث «نيابة» عن تلك الدول. وأشار مراقبون الى أن مشاركة علي باقري في المفاوضات، تعكس الأهمية التي يضفيها الجانب الإيراني عليها، اذ يُعتبر باقري مقرباً من مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي. في المنامة، شدد وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي على ضرورة «وجود إرادة سياسية جدية لدى أطراف الحوار»، معتبراً ان «نجاح المحادثات مرهون بتفاهم الطرفين على جدول أعمالها». في المقابل، تساءل وزير خارجية دولة الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أمام منتدى «حوار المنامة» الذي اختتم أعماله أمس: «لماذا ليس للخليج دور في الحوار مع إيران؟ ولماذا يعتقد الغرب والدول الست ان الملف النووي الإيراني يخصّهم فقط؟». واعتبر أن «أي حلّ يجب ان يخرج من المنطقة، يوجب ان يكون لدول مجلس التعاون (الخليجي) دور في هذه المفاوضات».