قدّمت «جامعة الكبار» في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) تحية للراحل حسن علاء الدين الملقب ب «شوشو»، من خلال محاضرة عنوانها «مسرح شوشو وبيروت الستينات والسبعينات» ألقاها الكاتب فارس يواكيم الذي رافق مؤسس «المسرح الوطني» عام 1965 في بيروت في مسيرته الفنية وكتب مسرحيات وأغاني كانت تقدّم يومياً على الخشبة على مدى 10 سنوات، أبرزها مسرحيتا «آخ يا بلدنا» و «فرقت نمره». المسيرة الفنية لشوشو الشهير بشاربيه المميزين وصوته الطفولي، لم تكن طويلة لأن قلب المسرحي الكبير لم يتحمل أكثر من 36 سنة من الأعباء المتزايدة والمشكلات المادية التي أثقلت كاهله. فوفق يواكيم، توفي «شوشو من شدة الإرهاق والضعف البدني، بعدما عمل في الليل والنهار لسداد ديون بعض المرابين التي تراكمت عليه بسبب مشروعه «مسرح شوشو» اليومي في وسط المدينة الذي احترق مع بداية الحرب الأهلية. قدّم شوشو آخر عروضه في الأردن عام 1975، وفي طريق عودته، تعرّض لأزمة قلبية فتلقى العلاج في عمّان ثم عاد إلى وطنه حيث لازمته الآلام إلى أن فارق الحياة في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه، فمات البطل، واحترق المسرح وانهارت المدينة، وانقرضت الطبقة الوسطى». ففي ظل تعطّش مدينة بيروت التي كانت تنعم بازدهار اقتصادي في وقتها للمسارح اليومية، كان حلم كبير يراود شوشو وشغف فني يحضّه على القيام بخطوة نحو تحقيقه وموهبة فريدة تساعده على إنشاء ذاك المسرح. إلا أن أحواله المادية المزرية كانت تقف في وجه الحلم، وبما أنه كان عاطلاً من العمل لمدة سنة تقريباً، لم تقبل المصارف تسليفه المبلغ الذي كان في حاجة إليه ليبدأ عمله. فكان ملجأَه الوحيد المرابون الذين قبلوا إعطاءه المال مقابل فائدة ضخمة. ومع بداية النجاح المسرحي بدأت مشكلة الديون، وصارت تكبر مثل كرة الثلج وتتراكم، «حتى غدت أحد الأسباب التي قصفت عمر الفنان القدير مبكراً». كان «مسرح شوشو» شعبياً وتوافد إليه خصوصاً أفراد الطبقة الوسطى، ويشير يواكيم إلى أن «الخوف من تأثيره في الجمهور، دفع السلطات إلى محاربته ومصادرة أغانٍ وأسطوانات منها شحادين يا بلدنا والمظاهرة»، موضحاً أن مسرح شوشو كان كوميدياً «لسببين: ذاتي وعام. الذاتي هو أن بطل الفرقة شوشو ممثل كوميدي بامتياز. أما العام، فيتعلق بأن مسرحاً غير كوميدي لا يشد الجمهور ليلياً إلى القاعة. مسرح القطاع الخاص يعتمد في شكل أساسي على اسم النجم. في مرحلة نزار ميقاتي قدم مسرحيات لموليير ومارسيل بانيول وقدم كوميديات لطيفة مستوحاة من لابيش وفيدو. في المرحلة الثانية قدمنا موليير وغولدوني وجيمس باري وبرتهولد بريخت. لكن حتى لو لم يكن لهذا المسرح هدف غير الإضحاك، فليس ذلك عيباً. «كوميديا الأخطاء» لشكسبير و «مقالب سكابان» لموليير لا هدف لهما سوى الإضحاك. أما ما أخذه النقاد عليه وعن حق، فهو تضمين مسرحياته تعليقات على الحالة السياسية الراهنة في البلاد. وكانت هذه «اللطشات» خروجاً على السياق الدرامي أحياناً». وعن شوشو الإنسان قال يواكيم: «كان يضحك الناس لكنه يعاني. كان إنساناً حزيناً في أعماقه. كان المسرح حبه الكبير في الحياة. فيه الشفاء من الهموم المالية وأحياناً من آلام المرض. كان حين يدخل الخشبة ينتعش ويشحن جسده النحيل بالقوة. يحضر إلى الخشبة قبل ساعتين من العرض ويطمئن إلى أن كل شيء على ما يرام ثم ينطلق إلى الخشبة، وحين يسمع ضحكات الجمهور وتصفيقه ينسى همومه النفسية وآلامه البدنية. ورغم ديونه الباهظة، كان يحرص على دفع رواتب عناصر الفرقة شهرياً وعلى صرف المكافآت المتفق عليها للكتاب والمخرجين».