تواصل قوات الأمن العراقية تقدمها بحذر وسط الموصل، وقد ترك الجنود عرباتهم ويخوضون معارك من بيت إلى بيت، وسط الأحياء الضيقة والمنازل القديمة المتراصفة، وتمكن الجيش من السيطرة على منطقتين، فيما ما زال «داعش» يسيطر على المنارة الحدباء والمنطقة المحيطة بها، وفخخ هذه الأحياء. ويتعرض السكان المحاصرون لكارثة إنسانية بسبب العمليات العسكرية، وقد قتل العشرات منهم خلال اليومين الماضيين تحت أنقاض منازلهم أو خلال محاولتهم الفرار نحو قوات الجيش، إذ يتعرضون لرصاص قناصة التنظيم. وقال قائد كبير في الجيش ل «الحياة» إن «المعارك مستمرة في المدينة القديمة، وفيها جامع النوري الكبير وثلاثة أسواق شعبية وتجمعات سكانية كثيفة، ونحن نتقدم بحذر وثبات في هذه المنطقة ونسعى إلى تحجيم الخسائر». وأضاف أن الجنود «اضطروا في بعض الأحياء إلى ترك عرباتهم خلفهم ويتقدمون بصعوبة، فيما عمد التنظيم إلى غلق الأحياء الضيقة بعربات مفخخة، سرقها من الأهالي وربط سلسلة منازل متراصة مع بعضها للمناورة». وأكد أن «السيطرة على المدينة القديمة باتت مسألة وقت»، موضحاً أن التنظيم «خسر دفاعاته في شكل كامل، ومن بقي من مسلحيه هم الأجانب الذين سيقاتلون حتى النهاية بعد إطباق الحصار عليهم وصعوبة انسحابهم». وأظهرت مقاطع فيديو انتشار مئات الجنود خلف سواتر من الأنقاض وبعض المنازل، كما أظهرت راية «داعش» فوق المنارة الحدباء على بعد عشرات الأمتار من قوات الجيش. وأعلن قائد الحملة لاستعادة الموصل الفريق عبدالامير رشيد يارالله في بيان أمس أن «قطعات مكافحة الإرهاب حررت حي نابلس ورفعت العلم الوطني فوق مبانيه بعد تكبيد العدو خسائر في الأرواح والمعدات». وقال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت في بيان إن «قطعات مغاوير النخبة والرد السريع استأنفت تقدمها في المنطقة المحيطة بجامع النوري ومنارة الحدباء»، مبيناً أن «القطعات توغلت مسافة 100 متر من الجناح الشرقي للمدينة القديمة المحاذي للنهر و200 من الجناح الغربي في عمق باب البيض في الجانب الأيمن، وتمكنت من قتل 36 عنصراً من داعش وتدمير 13 آلية ودراجة مفخخة». وأضاف أن «القطعات تتحرك نحو أهدافها وفق خطط وتكتيكات مدروسة لتحقيق النصر من دون سقوط ضحايا في صفوف المدنيين»، ولفت إلى أن «داعش يستمد قوته من التدرع بالكثافة السكانية في المدينة القديمة ونعتمد على الطائرات المسيرة وكتائب الثوار الداخلية لاصطياد عناصره وتدمير دفاعاته من دون الإضرار بالمدنيين والممتلكات العامة والخاصة». إلى ذلك، أعلنت قوات «الحشد الشعبي» في بيان أمس «استعادة السيطرة على منطقة أرحية في ناحية بادوش، شمال غربي الموصل، وشرعت في التقدم تجاه معمل الإسمنت بعد تحرير مجمع سكني في المنطقة». وقالت مصادر محلية ل «الحياة» إن وفداً دولياً مختصاً في كشف الأسلحة الكيمياوية وصل إلى الموصل للتحقيق في استخدام داعش هذه الأسلحة، بعد أسبوعين على مناقشة القضية في مجلس الأمن، وتأكيد العراق أن أنباء استخدامها من التنظيم غير مؤكدة، فيما تحفظ عدد من أعضاء مجلس الأمن عن ذلك وطلبوا إرسال الوفد.