«ما بيان الحكم الشرعي في حال وجود أجنبي مع الزوجة في وضع فاضح؟ وما هي طريقة الإثبات والتبليغ؟ وهل يعاقب من قتلهما إذا لم تكن لديه بينة سوى تلبسهما بالفعل؟». كان هذا السؤال القنبلة بين أسئلة عدة، أجاب عنه الفقيه السعودي دخيل بن سعود الحمد، الذي بدأ إجابته بتفصيل المسألة من كل جوانبها وقال: الحكم الشرعي في حال وجود أجنبي مع الزوجة في وضع الزنا لا يخلو من حالين: الأولى: أن يكون جماع الأجنبي للزوجة بما دون الفرج كالجماع بين الفخذين وفعل مقدمات الجماع كالضم والتقبيل ونحو ذلك، فهذا لا يوجب الحد الشرعي للزنا، وإنما يجب فيه التعزير بحسب حالهما من جهة الإحصان وعدمه، ويكون تقدير التعزير راجعاً للحكم الشرعي وهو القاضي الذي أنابه الإمام للنظر في معاقبتهما بما دون الحد كالحبس والجلد ونحوهما. الحال الثانية: أن يكون جماع الأجنبي للزوجة في الفرج، فهذا موجب للحد بثلاثة شروط: الشرط الأول: تغييب الرجل حشفته كلها في قبل أو دبر امرأة. الشرط الثاني: انتفاء الشبهة لأن الحد عقوبة على معصية، فلا بد من التحقق من وقوعهما فيها. وبناء على ذلك فلو وجدت شبهة مانعة من إقامة الحد كأن تكون المرأة مكرهة على الزنا، أو أن يجامع الرجل امرأة يظنها زوجته، أو أن يجامعها في نكاح باطل أو فاسد، فهذه شبهة تمنع إقامة الحد. الشرط الثالث: ثبوت الزنا وهذا جواب الشق الثاني من السؤال، والزنا لا يثبت إلا بأحد أمرين: الأول: الإقرار بأن يقر الرجل والمرأة إقراراً صريحاً بفعل الزنا الموجب للحد على خلاف بين الفقهاء – رحمهم الله – في عدد مرات الإقرار. الثاني: البينة بأن يشهد أربعة ممن تقبل شهادتهم شهادة صريحة برؤيتهما للمشهود عليهما أثناء فعلهما للزنا على خلاف بين الفقهاء – رحمهم الله – في تفاصيل الشهادة. وقد نقل عن شيخ الإسلام – رحمه الله – قوله بأنه لم يثبت الزنا بطريق الشهادة من فجر الإسلام إلى وقته، وإنما ثبت بطريق الإقرار كما في قصة ماعز رضي الله عنه. ومما سبق تتبيّن صعوبة ثبوت الزنا بطريق الشهاد، احتياطاً من الشارع في صيانة الأعراض وزيادة في التثبت. وهناك طريق آخر اختلف الفقهاء في وجوب الحد به وهو الحمل، فلو حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد ولم تدعي شبهة، فهل تحد بمجرد وجود الحمل؟ خلاف بين الفقهاء في ذلك. فإذا تحققت الشروط السابقة، أقيم الحد على مرتكب الزنا بحسب حاله، إن كان محصناً رجم بالحجارة حتى الموت، وإن كان غير محصن، عليه جلد مئة وتغريب عام. أما الشق الأخير من السؤال: هل تطاول العقوبة من قتلهما إذا لم توجد بينة سوى تلبسهما بالزنا؟ وجواب ذلك: أن الرجل إذا وجد مع زوجته رجلاً في وضع الزنا فقتله، عليه القصاص إن لم توجد بينة أو لم يصدقه الولي في ذلك، ويدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال سعد بن عبادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو وجدت رجلاً مع أهلي لم أقتله حتى أتي بأربعة شهداء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. قال: لا والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمعوا إلى ما يقول سيدكم إنه لغيور ولأنا أغير منه والله أغير مني». ولما رواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: «أن رجلاً من أهل الشام يقال له ابن خيبري وجد مع امرأته رجلاً فقتلها أو قتلهما فرفع إلى معاوية، فأشكل عليه القضاء في ذلك، فكتب إلى أبي موسى أن سل علياً عن ذلك فسأل أبو موسى علياً فقال: إن هذا الشيء ما هو بأرضنا عزمت عليك لتخبرني فأخبره فقال علي: أنا أبو حسن إن لم يجئ بأربعة شهداء فليدفعوا برمته، ولأن الأصل عدم ما يدعيه، فلا يثبت بمجرد الدعوى. أما إن وجدت البينة أو صدقه الولي في ذلك، فلا قصاص عليه لما رُوي عن عمر رضي الله عنه: «أنه كان يوماً يتغذى أن جاء رجل يعدو وفي يده سيف ملطخ بالدم ووراءه قوم يعدون خلفه، فجاء حتى جلس مع عمر، فجاء الآخرون فقالوا: يا أمير المؤمنين إن هذا قتل صاحبنا، فقال له عمر ما تقول: قال: يا أمير المؤمنين إني ضربت فخذي امرأتي، فإن كان بينهما أحد فقد قتلته، فقال عمر: ما تقولون؟ قالوا: يا أمير المؤمنين إنه ضرب بالسيف فوقع في وسط الرجل وفخذي المرأة، فأخذ عمر سيفه فهزه ثم دفعه إليه وقال إن عاد فعد». رواه سعيد في سننه. والخلاصة: أن من ابتلي بشيء مما ذكر ينبغي أن يعلم أن الشريعة الإسلامية بيّنت علاج ذلك بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن عبادة – رضي الله عنه – في الحديث السابق، فلا يجوز لمسلم أن تدفعه غيرته لارتكاب ما حرم الله عليه من قتل النفس، ويلزمه مع غيرته الانقياد لحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وألا يتعدى حدود الله، فالله ورسوله أغير، والشريعة لم تأت بالنهي عن قتل من هذه الحالة إلا تعظيماً للدماء، وخوفاً من إراقتها بغير ما أمرنا الله به، وسداً لباب الافتيات على السلطان في الحدود التي جعلت في الشريعة إليه، وأمر فيها بإقامة الحق على الوجوه التي ورد بها الشرع، هذا من جهة الحكم الشرعي. أما من جهة العمل لدى المحاكم، فإن كل واقعة لها حكم خاص تبعاً لاختلاف ملابساتها على ضوء التفصيل السابق.